وأنا أقلّب صفحات الأرشيف على جهازي خطر على ذهني الدخول لرؤية صوري القديمة، صورة تجر صورة وصفحة تجر أخرى حتى وصلت للصور التي عُرفت فيها الفلاتر. وهنا بدأت المعضلة فمع تطور الأجهزة المحمولة وتغير دقة الكاميرا تظهر فلاتر جديدة وتختفي أخرى وتبقى صور الذكريات مفلترة دون صور حقيقية بكامل أصالتها اختلاف في حجم الأنف أو سحبة العين وتغير لونها وحتى تغيرًا كاملاً لملامح الوجه. أحزنني الموضوع كثيرًا بأن صوري التي التقطتها لتبقى ذكرى حقيقية يراها أجيالي من بعدي بها شيء من التزييف. ولوهلة بدأت ملاحظة هوس مستخدمي الفلاتر فمن منا يستطيع الاستغناء عن الفلتر لأي صورة يلتقطها سواء لوجهه أو حتى لمنظر من أمامه وكأنه يتغذى على العيش برؤية نفسه بالفلتر حتى أن البعض وصل لتلك المرحلة التي لا يستطيع رؤية مظهره دون فلتر فبات معتاداً على الوجه الذي يصنعه له الفلتر أكثر من مظهره الأصلي، علماً بأن أثرها النفسي كبير خصوصًا على المراهقين والأطفال فهي تؤثر على الثقة بالنفس فهناك من يخجل أن يخرج للعامة أو حتى من نفسه دون فلتر وكأنه جزء لا يتجزأ منه وهي متلازمة غزت المجتمعات وتعرف بالفلترة. وقد ظهر مصطلح يعرف باسم تشوه السناب تشات Snapchat dysmorphia وهو ذهاب الناس إلى عيادات التجميل لسعيهم في تغيير صورتهم وجعلها كما تبدو بالفلتر وهو اضطراب عقلي ينتج عن التعلق الزائد بالشكل والمظهر والجمال الذي يؤدي بالفرد إلى الوسواس القهري. بعدما رأيت ماذا يمكن للفلاتر أن تفعل بنا قررت ألا التقط صورًا لي بعد اليوم بفلتر وأن تبقى صورتي كما هي. فلماذا نخبئ جمالنا الحقيقي الذي وهبنا الله وراء تلك الفلترة التي صنعت منا نسخًا من معيار واحد ولماذا لا نقنع بأن الله خلقنا بأحسن صورة لنا؟