في مساء يوم الأربعاء ليلة يوم عاشوراء الخميس الموافق العاشر من شهر الله المحرم من عام ثلاث وأربعين وأربع مئة وألف انسلت روح الأخ العزيز اللواء عبدالعزيز بن عبدالرحمن الشبيب الطاهرة إلى بارئها في مشهد نحسبه من مشاهد حسن الخاتمة؛ فقد اجتمع لديه أهله كالنجوم حول القمر وحلق بهم بما رأوه منه من تسبيح واستغفار وأوصاهم باجتماع الشمل وأخبرهم أنه مسامح لهم وطلب منهم أن يسامحوه وذكر من يعرفه من أهله وأصحابه بالخير والدعاء وشهد شهادة الحق ثم شخصت عيناه وفاضت روحه. أحتسب عند الله أن يكون أخي الحبيب أبو عبدالرحمن ممن كتب الله له حسن الخاتمة وقبل أن يقبض إليه روحه طهره وزكاه بما ابتلاه به من مرض لمدة ستة أشهر جعلها الله له طهوراً ونوراً وزكاة حتى تحمله الملائكة الكرام إليه مطهراً من الذنوب. لقد فقدت اليوم أخاً عزيزاً كريماً حبيباً لطيف المعشر حسن الحديث طيب السجايا حسن الخلق سمحاً هيناً لينا باسط وجهه طلق محياه لا تراه إلا هاشاً فرحاً جذلان بمن يلقاه كأنه هو صاحب الحاجة إليه، أحب شيء إليه خدمة الناس وقضاء حوائجهم بجاهه وماله وهو إن شاء الله ممن قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه عبدالله بن عمر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه ديناً أو تطرد عنه جوعاً ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلى من أن أعتكف في هذا المسجد شهراً). لله أنت يا أبا عبدالرحمن فوالله كأنما نُزِعت مني نزعاً على حين غِرَّة وإن القلب ليحزن وإن العين لتدمع ولا نقول إلا ما يرضي الرب إنا لله وإنا إليه راجعون. في شدة مرضه طلب له المستشفى متبرعين بصفائح الدم فتسارع أهله وأصدقاؤه إلى تلبية الطلب وتزاحموا عند غرفة التبرع مما جعل أحد الفنيين يسأل ابنه عبدالرحمن ما هذا الزحام الذى لم نشهده هل أبوك شيخ ولو سألني لقلت له هو الشيخ بحسن خلقه ومحبته لهم وحفاوته بهم وسروره بهم بقلبه السليم من الحقد والضغينة والبغضاء وروحه المرحة ونفسه العزيزة وليس ذلك كله بالهين السهل على كل أحد بل هو الفضل من الله. فليس الشحيح بماله البخيل بجاهه القابض يده العاجز عن هواه ليس له نصيب في أن يكون من أهل المروءة والسؤدد والمجد. اللهم ارحم عبدك عبدالعزيز واغفر له وأحسن إليه وأكرم وفادته عليك وارفع درجته في المهديين وألحقه بعبادك الصالحين واكتب له أجور الشهداء واجعله في منازل السعداء مع النبيين والصديقين. اللهم جازه بالإحسان إحساناً وبالإساءة عفواً وغفراناً وأحسن عزاءنا وعزاء أهله فيه واربط على قلوبهم واخلفهم عنه بخير واجمع شملهم واجعلهم له ذكراً حميداً.