مطلق المريشد رغم الأزمة الصحية الطاحنة التي حلت بالعالم منذ ظهور جائحة فيروس كورونا المستجد في الربع الأخير من عام 2019، وما تسببتها الجائحة من أضرار مالية واقتصادية عالمية بالغة الضراوة، بسبب انتشار الفيروس على نطاق واسع عالمياً خلال الربع الأول من العام الماضي، إلا أنه رغم ذلك وذاك، صنفت وكالة موديز لخدمة المستثمرين Moody's Investors Service الوضع الائتماني السيادي للمملكة العربية السعودية عند مستوى مرتفع بدرجة (A1) ونظرة مستقبلية سلبية نتيجة للصدمات الخارجية على إثر الجائحة. الوكالة استندت في تقيمها الائتماني المرتفع للمملكة على عدة عوامل ومؤشرات اقتصادية ومالية، من بينها زخم الإصلاحات الهيكلية في المملكة، والتي أدت إلى تقليص العجز المالي خلال الربع الأول بالرغم من انكماش الاقتصاد في الربع الأول من هذا العام، بسبب أن القطاع غير النفطي استمر في التطور والتعافي، مدعومًا بنمو قوي بشكل استثنائي في تطوير البنية التحتية للمنتجات العقارية، وأيضاً النمو القوي بشكل استثنائي في القروض العقارية المدعومة بالمبادرات الحكومية في إطار برنامج الإسكان: أحد برامج تحقيق رؤية المملكة 2030. إن الإصلاحات الاقتصادية والمالية الهيكلية للمملكة، أسهمت على صعيد المالية العامة، بخفض الوكالة لتقديراتها بشأن العجز في ميزانية العام الحالي من 6.2% إلى 4.7% كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، مع توقع الوكالة بأن يصل فائض الحساب الجاري لنفس العام إلى ما يقارب 3.4% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بعجز متوقع أن يبلغ 2.9% في تقريرها الأخير. كما وتوقعت الوكالة في تقريرها بأن يصل حجم الدين العام للمملكة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 30.6% و30.9% للعامين 2021 و2022 على التوالي. وذكرت الوكالة في تقريرها أن خطط تنويع الاقتصاد في المملكة ستساهم في رفع النمو على المدى المتوسط إلى الطويل. إضافة إلى أن الإصلاحات الهيكلية والتنظيمية قد دعمت التحسين من القدرة التنافسية، حيث قد تحسنت المملكة العربية السعودية في 9 من أصل 10 مجالات تم قياسها بتقرير ممارسة أنشطة الأعمال 2020، وارتفع ترتيبها من المرتبة 82 في العام 2016 إلى المرتبة 62 في العام 2020 من بين 190 دولة. وتوقعت الوكالة في تقريرها أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للمملكة 1.6% و5% للعامين 2021م و2022م على التوالي. وعلى صعيد الميزانية العامة للدولة، كشف التقرير تحسناً هيكلياً واضحاً، تمثل في انخفاض عجز المالية العامة غير النفطي إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من 6 سنوات. دون أدنى شك بأن المملكة تستحق هذا التصنيف الائتماني المرتفع من وكالة عالمية مرموقة ومعروفة على مستوى التقييم الائتماني، وبالذات لتثمينها الإيجابي للإصلاحات الهيكلية التي اتخذتها المملكة خلال الخمس سنوات الماضية وفقاً لمستهدفات رؤية المملكة 2030، والتي انعكست بشكل مرضي للغاية على أداء السياسة النقدية والاقتصاد الكلي، بما في ذلك على التحسين من فعالية السياسة المالية، ورفع كفاءة العمل الحكومي، ومكافحة الفساد. برأيي أن تقييم موديز الائتماني للمملكة كان عادلاً ومنصفاً بشكلٍ كبير رغم ما يحيط الاقتصاد العالمي، بما في ذلك اقتصاد المملكة من تحديات بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد. وبالذات وأن التقييم قد استند إلى عوامل ومؤشرات حاضرة ومستقبلية واقعية، من بينها جدية الإصلاحات الهيكلية الاقتصادية والمالية التي اتخذتها الحكومة منذ عام 2017، وما تمتلكه من مخزونًا كبيرًا جدًا من احتياطيات النفط، والتي وفقًا لمعدل الإنتاج الحالي (بما في ذلك الغاز المكثف والطبيعي) ستستمر لما يقرب من 70 عامًا، وفقًا لمراجعة BP الإحصائية للطاقة العالمية. وأخيراً وليس آخراً، أن المملكة تُعد ثاني أكبر منتج للنفط بما في ذلك الغاز المكثف والطبيعي في العالم، بالإضافة إلى ما لديها من احتياطيات نفطية كبيرة، منح المملكة ميزة تنافسية بدرجة عالية في قدرتها على استخراج النفط بأقل التكاليف بين منتجي النفط الآخرين على مستوى العالم مدعوماً بالخبرة الطويلة.