منذ إطلاق رؤية 2030 والمملكة تشهد تقدماً غير مسبوق في مؤشرات التحول الرقمي وتميزاً نوعياً في عدد الخدمات الإلكترونية التي تُقدم في مجالات الصحة والتعليم والإسكان والتجارة الإلكترونية، فعلى سبيل المثال تشير التقارير أن المملكة تحتل المرتبة الخامسة عالمياً في سرعة الإنترنت المتنقل وتقدمت أربعين مرتبة في مؤشر البنية التحتية للاتصالات. وكما أن التقنية مُمَكن أساسي لتحقيق رؤية المملكة 2030، إلا أن استخدام التقنية له أثار جانبية وأخطار جسيمة قد يتعرض لها الفرد والمجتمع. ومن هذه الأخطار الاحتيال والابتزاز وانتحال الشخصية والتنمر الإلكتروني. وإيمانا من قيادة المملكة بأهمية الحماية من أخطار التقنية أطلقت المملكة خلال استضافتها لمؤتمر المنتدى الدولي للأمن السيبراني مبادرة الأمير محمد بن سلمان لحماية الأطفال في العالم السيبراني والتي تهدف بحسب موقع المنتدى الدولي إلى (تعزيز الحماية والوعي بالأمن السيبراني من خلال تقوية ودعم الأطفال والآباء والمعلمين وصناع القرار حول العالم للتوعية بالمخاطر والتهديدات السيبرانية). انعكس هذا الاهتمام على بذل جهود جبارة في مجال التوعية السيبرانية من جهات متعددة يتقدمها الهيئة الوطنية للأمن السيبراني ممثلة بالمركز الوطني الإرشادي من خلال إعداد نشر المواد التوعوية في موقع المركز ووسائل التواصل الاجتماعي، كما تقوم وزارة الاتصالات بجهود توعوية مثل حملة التوعية بالتنمر الإلكتروني التي أطلقت هذا العام بعنوان "علم واستريح". ولكي تتوج هذا الجهود التوعوية وتثمر برفع الوعي وتغيير سلوك المستخدمين في تبني ممارسات الأمن السيبراني أقترح إنشاء بوابة متخصصه للتوعية بالاستخدام الآمن للتقنية والحماية من المخاطر والتهديدات السيبرانية تحت مسمى البوابة الوطنية للتوعية والحماية (Saudi Cyber Safety Hub) بحيث تكون مرجعا للتوعية والتثقيف من أخطار التقنية. وتكمن أهمية البوابة في توفير مظلة تجمع كل الجهود التوعوية بأساليب علمية وفهم دقيق للمشاكل لضمان استمرارية الجهود الحالية وتوفير مرجعية يعود إليها المستفيد للاستزادة والتفصيل مع الاستفادة من وسائل وقنوات التواصل الأخرى لبث الوعي والترويج للبوابة. تقدم البوابة خدمات متعددة على سبيل المثال مواد توعوية للأطفال تناسب أعمارهم، أو مقاطع وألعاب توضح لهم مفهوم الخصوصية والاستخدام الأمن، ومواد توعوية للآباء تشمل وسائل التحكم الأبوي والأخطار التي قد يتعرض لها الأطفال بالإضافة إلى مواد توعوية وخطط دروس للمدارس وللمعلمين. كما تقدم البوابة دورات تدريبية للفئات المستهدفة. ومن خدماتها أيضاً تقديم الدعم واستقبال البلاغات بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة (الجهات الأمنية، مزودي خدمات الانترنت). ولضمان نجاح البوابة الوطنية للتوعية والحماية لا بد من توفر عناصر أساسية منها تحديد الفئات المستفيدة (Target audience) على سبيل المثال الفئات المستفيدة من البوابة هي الأطفال والآباء والمعلمين. ومن العناصر المهمة لنجاح البوابة هو فهم الاحتياجات والمشاكل لكل فئة؛ لذلك لا بد من وجود فريق بحثي لدراسة الظواهر وتكوين صورة واضحة عن المشاكل والأخطار التي تواجه الفئات المستهدفة حيث من الممكن آن يتم دراسة آثار التقنية بالتعاون مع الباحثين في الجامعات من خلال دعم أبحاث تسهم في حل الظواهر وإثراء المحتوى المعرفي للبوابة وربما تكون في المستقبل نواة لوحدة بحثية متخصصة في التوعية لتغيير السلوك. ومن العناصر المهمة وجود فريق لإعداد المحتوى التوعوي وإدارة البوابة يتضمن تحديد أهداف توعوية وأهداف سلوكية لتسهيل قياس تحقيق الأهداف، كذلك لا بد من تطبيق مفاهيم تصميم تشرك الفئات المستهدفة مثل مفهوم التصميم المشترك (Co-Design). أخيرًا وجود بوابة وطنية للتوعية والحماية ضرورة ملحة ومشروع وطني يندرج ويتناغم مع أهداف مبادرة سمو ولي العهد لحماية الأطفال في العالم السيبراني؛ لذا يتطلب إنشاء البوابة بالتعاون والتنسيق بين الجهات ذات العلاقة لتوحيد الجهود القائمة في مجال التوعية لرفع الوعي على المستوى الوطني بالاستخدام الآمن للتقنية وبالتالي حماية المجتمع وأفراده من المخاطر والتهديدات السيبرانية. * المشرف على إدارة الأمن السيبراني بجامعة جدة عضو جمعية أمن المعلومات (حماية)