انتبه جيداً.. وكن على حذر.. فقبل أن تتصل على رقم مسوق عقاري، يعرض عقاراً للبيع، فلا تستبعد أن يكون هذا المسوق وافداً لا علاقة له بالعقار المنشور، وإنما هو "لص" بدرجة "مسوّق عقاري"، سطا على إعلانات العقار المنشورة في المواقع الإلكترونية، وأعاد نشرها ولكن بأرقام خاصة به، طمعاً في إيجاد عملاء يشترون العقارات المعلن عنها، والحصول على نسبة من السعي. ظاهرة سرقة إعلانات العقارات أخذت في الانتشار والتوسع في بعض المواقع المتخصصة في العقار، وباتت تقلق المسوقين العقاريين المرخصين، الذين يرون أن هؤلاء الوافدين يسطون على ما لا يملكونه ويتلاعبون بالأسعار، ولا بد من عمل شيء لوقفهم عن هذا التعدي الواضح، حتى لا يفسدوا عليهم السوق العقاري. وفي هذا الاستطلاع ننشر تفاصيل وقائع سطو فعلية على إعلانات العقارات.. وكيف تعامل معها المسوقون الحقيقيون؟ شرائح من البطحة يقول العقاري المخضرم في الرياض الأستاذ يحيى الجريفاني: إن الأجانب ينافسونهم في مجال التسويق العقاري، بطرق غير نظامية، مطالباً الجهات المعنية بإيجاد وسائل لوقف هؤلاء الأجانب، وتقنين عملية التسويق العقاري، بحيث تكون قاصرة على أصحاب المهنة فقط. وأضاف "أعمل في شركة تسويق عقاري قبل أكثر من 30 عاماً، وفي الفترة الأخيرة تعرضت الشركة للاعتداء في المشروعات التي تتولى تسويقها، عندما أعلنا عن بيع فيلا للبيع في أحد مواقع العقار، نيابة عن صاحب الفيلا الذي وكلنا بهذه المهمة". وأوضح "بعد طرح إعلان البيع في الموقع، فوجئنا أن شخصاً ما نشر الإعلان نفسه في الموقع ذاته، ولكن بأرقام تواصل أخرى، وقد اتصلت على الرقم الموجود في الإعلان، فلم يرد علي، وطلب مني التواصل عبر تطبيق ال"واتس"، وأخبرته أنني عميل وأريد شراء الفيلا، وطلبت معاينتها، فقال: لا مانع، وأنه سيرسل لي أحد الأشخاص للقيام بهذه المهمة". وأضاف "من الحديث مع هذا الشخص، عرفت أنه مواطن عربي يعمل من بلده، ولديه شريحة جوال سعودية من دون اسم، حاصل عليها من "البحطاء"، واعتاد القفز على إعلانات العقار، وإعادة نشرها، طمعاً في الحصول على جزء من السعي من المسوقين المرخصين". وأضاف "هذه الظاهرة منتشرة ولا تقتصر على جنسية من دون أخرى، وإنما تنتشر في عدد من الأجانب، الذين يقفزون على إعلانات التسويق العقاري المنشورة في مواقع العقار، ويُعيدون نشرها من دون وجه حق، ما جعلني أتواصل مع مسؤول النشر في الموقع، وطلبت منه اتخاذ الإجراءات التي تحارب هذه الظاهرة، وأخبرته أننا نتعامل مع الموقع مقابل 1200 ريال في العام، وينشر لنا 8 إعلانات، فيما ينشر الإعلان للأجانب ب 50 يالاً فقط، وفوجئت أن هذا المسؤول لديه فكرة كاملة عن هذه الإشكالية، ولكنه اعتذر عن فعل أي شيء بداعي أن الإعلانات الفردية توفر للموقع دخلاً كبيراً ولا يمكن رفضها". واستطرد الجريفاني "لا بد من تدخل الجهات المعنية، لمنع هذا التعدي، ووقف الدخلاء على التسويق العقاري، وضمان أن الإعلان المنشور لا يكرر أحد نشره، والتأكد من مصداقية ناشر الإعلان أن لديه تفويضاً من صاحب العقار". البيع العاجل من جانبها أكدت المسوق العقاري أمجاد بنت إبراهيم الحجي، على أنه "يعد العقار جزءاً لا يتجزأ من أي قطاع داخل المنظومة الاقتصادية التي أضيفت إليها رؤوس الأموال واليد العاملة والمبادرة التجارية، فعندما يتم الحزم في ملاحقة المتسترين في تطبيق السعودة على العقار يبدأ أولاً -كالمتلاعبين- في البحث عن مداخل وثغرات كي يعود إلى التستر بطريقة أخرى من دون الخوف من الرقيب"، وقالت: "المواقع العقارية أوجدت لهم ملاذاً آمناً، وأصبحوا يمدون أذرعهم كالأخطبوط لتوصلهم إلى كل البقاع، ويبقى من استأجر مكتب عقار ودفع رسوماً ورواتب موظفين وفواتير طائلة، يعض أصابع الندم والحسرة وهو يشاهد أن نصيبه من كل ذلك أصبح لقمة سائغة في فم من لم يبذل إلا اليسير ولَم يتحمل أي عبء، لذا ينبغى متابعة أصحاب المواقع ومساءلتهم وتحميلهم جزءاً من المسؤولية". بدوره، أكد هادي العلياني -مسوق عقاري- أن هناك سيطرة كبيرة جدًا من العمالة الوافدة في مجال التسويق العقاري، وقال: "إنهم يعملون تحت مظلة التستر، ولديهم الخلفية والمعرفة الممتازة لمجالات كثيرة في السوق العقاري، مُستفيدين من ذلك في العمليات التسويقية". وافد عربي يسوق عروض الإعلانات العقارية من بلده مستخدماً شريحة جوال سعودية وأشار العلياني، إلى أن الوافدين يلفتون الأنظار بعرض أسعار أقل من سعر السوق فعليًا، وقد لاحظنا ذلك في إعلاناتهم، لجلب أكبر عدد ممكن من الباحثين عن العقارات الرخيصة، وما زال الوضع مستمراً. وقال: "كثير من العروض الموجودة الآن أسعارها غير حقيقية، ويعود ذلك لأصحاب المكاتب العقارية ومُلاك العقار لبحثهم عن التسويق والبيع العاجل، حيث أصبحت عملية البيع تتم بأسرع وقت ممكن". وأكمل: "من وجهة نظري أن ما يؤدي إلى ذلك هم أصحاب مكاتب العقار الذين لم يلتزمون بالقرارات الصادرة بتوطين المهنة، ولو طبقت غالبية مكاتب التسويق العقاري القرارات الصادرة، والتزموا بها التزامًا جوهريًا وليس ظاهريًا فقط، ستختفي هذه الظاهرة". وتحدث العلياني، عن شح المسوقين العقاريين من السعوديين، وقال: "أتاح هذا الشح الفرصة لدخول العمالة الوافدة في هذا المجال داخل المملكة من خلال منصات وشركات تسويقية خارجية، ولمسنا ذلك برفض السعوديين للعمل في المجال التسويقي، ويعود ذلك لعدّة عوامل مثل ضعف الأجور وغيرها". وأشاد العلياني، بالقرارات التنظيمية الصادرة من وزارتي الإسكان والتجارة ومن البلديات والجهات الأخرى، وقال: "شاهدنا وجودهم من خلال التفتيش على المكاتب العقارية من خلال الزيارات المباشرة من المفتشين، وطريقة البحث الفعلية عن مكامن التسويق السلبي، ولهم جهودهم الجبارة، كما أنهم يضربون بيد من حديد". الجهات المعنية من جهته، قال العقاري مشعل الهاجري: "في الفترة الراهنة، تتركز العمالة الوافدة التي تعمل في التسويق العقاري في بعض مكاتب العقارات الصغيرة التي تعمل بالسمسرة وبالتستر، وبفضل الجهود الحكومية الكبيرة وحملات التفتيش المتواصلة على السوق العقاري التي تقوم بها هيئة العقار ومختلف الجهات المعنية الأخرى التي نشاهدها باستمرار، أصبحت هذه العمالة الوافدة تتلاشى يومًا بعد يوم، وباتت قليلة الحضور عن السابق، وتلك الجهود تقلل من وجود هذه العمالة التي تعمل في مجال التسويق العقاري". واستطرد الهاجري "إلا أن ضعاف النفوس هم من جعلوا هذه العمالة تتمركز في السوق، وهم قلة بفضل جهود محاربتهم"، وأشار الهاجري، إلى أن "هذه العمالة الوافدة تسبب جزءاً من الربكة في السوق العقاري من حيث التعامل وعدم المصداقية والتعاملات المالية غير النظامية، وهناك أحزاب بينهم لنشر الإعلانات في بعض المواقع الإلكترونية والتواصل بينهم عن طريق "غروبات واتساب"، وتتكون من خلال ذلك شبكة من الأشخاص ويضيعون الزبائن بينهم، كما يسعون لتشويه سمعة بعض المكاتب التي يعمل بها السعوديون". وأضاف الهاجري "هذه العمليات التسويقية السلبية من العمالة لا نراها في الشركات والمكاتب الكبيرة، حيث إنها تعتمد بعمليات التسويق على الشباب السعوديين المتخصصين في المجال". وشدد الهاجري على أن الدور المهم يأتي على المواطن، إذا جاء يعرض عقاره، عليه أن يعرضه في المكان الصحيح، ولا ينجرف وراء هؤلاء، والآن يوجد في السوق العقاري الشركات والمكاتب الكبيرة والموثوقة التي يمكن للجميع أن يتعامل معها. القرارات الحكومية بدوره أكد العقاري عبدالله الموسى، أن هذه العمالة الوافدة مؤثرة على السوق العقاري بشكل كبير جدًا، حيث يمارسون أعمالهم في المكاتب العقارية أو برامج العقارات المتعددة، وذلك بمساعدة من المتسترين على هذه العمالة، وتكمن المشكلة بوجود المتسترين على هؤلاء العمالة وهم كُثر، حيث أنهم يشاركون في إيجاد الفوضى في السوق العقاري، وتصل وتطول أيديهم جميع الأنشطة العقارية كإدارة الأملاك وبيع العمائر والأراضي والفلل. وقال الموسى: "إن هيئة العقار منعت عمل الأجانب في هذه المهنة، وأكدت على توطينها بالكامل، لدور ومساهمة العمالة الوافدة في رفع الأسعار بشكل قوي، ولعدم مصداقيتهم وجدّيتهم في عمليات البيع والشراء"، وذكر الموسى، أن قوة الجهات الرقابية ووجودها بشكل مستمر والتفتيش على المكاتب يساهم بخروج العمالة الوافدة من السوق العقاري. وقال: "هناك من السعوديين الذين يخفون عمالتهم بأماكن قريبة من مكاتبهم بعيدًا عن أعين الرقابة، وعند وجود الزبائن تأتي هذه العمالة وتقوم بممارسة أعمالها المخالفة". وطالب الموسى، بعقوبات قوية ورادعة للمتستر على هذه العمالة الوافدة التي تمارس أعمالها بعيدًا عن أعين الرقابة، تصل إلى شطب سجله التجاري، وغرامة مالية عالية، لتكون تلك العقوبات عقبة أمام كل من تسول له نفسه مخالفة الأنظمة والقرارات الحكومية. مشعل الهاجري مع محرر «الرياض» عبدالله الموسى هادي العلياني يحيى الجريفاني مشعل الهاجري