نظرياً يكفي احتياطي البترول المؤكد الموجود حالياً في كوكب الأرض 49.9 سنة فقط حسب الاستهلاك الحالي للعالم، ويكفي احتياطي البترول داخل منظمة "أوبك" 93.6 سنة حسب إنتاجهم الحالي، ويكفي احتياطي البترول خارج "أوبك" 23.9 سنة حسب إنتاجهم الحالي. بينما يكفي احتياطي البترول في دول الاتحاد الأوروبي 9 (أقل من 10) سنوات فقط حسب إنتاجهم الحالي. هذه الأرقام التقديرية هي الأكثر تداولاً بين الناس المختصين بشؤون الطاقة، وأنا أنقلها لكم الآن من إحصائية الشركة البريطانية الشهيرة BP، وهي الإحصائية الأكثر تداولاً في مجال الطاقة بين المختصين لسهولتها. واضح من الأرقام المذكورة أعلاه أن احتياطي البترول الموجود خارج "أوبك" سينضب بعد 23 سنة أي بحلول العام 2044 وهذا لا شك سيرعب العالم. كذلك يضغط على "أوبك" لأنه يضطرها إلى مضاعفة إنتاجها لكي تعوض انخفاض إنتاج المنتجين للبترول من خارج "أوبك" فينضب بترول "أوبك" أيضاً بحلول العام 2070. بغض النظر عن دقة هذه الأرقام فهي لا شك تعطي صورة كاريكاتورية تقريبية إرشادية للعالم. وبأن على الإنسان أن يتصرف منذ الآن لمواجهة المستقبل القريب كي لا يتفاجأ بمفاجآت لا يتوقعها. من الطبيعي أن تلجأ الدول المستهلكة للبترول إلى إيجاد مصادر للطاقة بديلة للتعويض عن الانخفاض القسري المتوقع في إنتاج البترول بحلول العام 2045. وهذا قد يبرر لصناع القرار في الدول المستهلكة للبترول باتخاذ إجراءات وقوانين مُشددة كي تتقبل شعوبهم التحول من استهلاك البترول إلى استهلاك البدائل رغم مزايا البترول الاقتصادية واللوجستية. كذلك من الطبيعي أن تلجأ الدول المنتجة والمصدرة للبترول إلى تبني خطط واستراتيجيات لإيجاد مصادر دخل مستدامة تعوضها عن دخل البترول بسبب انخفاض إنتاجه الطبيعي سواء عاجلاً أو آجل. هذا الاستعراض (أو السيناريو) النظري المُبسط جداً الذي استعرضناه هُنا يتوافق مع المنظور النظري المتداول في الوسط العام الذي يفترض للتبسيط (كما تفترض إحصائية BP) عمراً زمنياً افتراضياً للبترول بتقسيم ما يسمى كمية احتياطي البترول المؤكد على متوسط إنتاج البترول الحالي، فيعطي عدداً معيناً من السنوات التي يكفي احتياطي البترول المقدر لتلبية احتياج العالم وفق الاستهلاك الحالي. لكن هذا التبسيط المتناهي في البساطة القائم على افتراض عمر زمني معين للبترول يتعارض معارضة كبيرة مع النظرية الاقتصادية للموارد الناضبة. وفق النظرية الاقتصادية للموارد الناضبة الضرورية للإنسان كالبترول نجد أن النظرية تقول لا يمكن (بل مستحيل) المحافظة على المستوى نفسه لاستهلاك البترول إلى أن ينضب البترول. بل الذي يحدث على أرض الواقع أن يصل الإنتاج في حقل معين إلى ذروته ثم يبدأ في الانخفاض التدريجي قسراً بمعدل الاحتياطي للإنتاج أقصاه يساوي 10 (عشرة). وهكذا لن ينضب البترول كلياً بل سيتم إنتاج واستهلاك البترول طوال حياة الإنسان وإنما فقط قد تتغير أماكن الإنتاج. وهكذا فإن العام 2121 قد تختفي "أوبك" فيه ولكن حتماً سيبقى اسم الغوار.