أكد المستشار بالديوان الملكي ورئيس مجلس إدارة هيئة تقويم التعليم والتدريب الدكتور أحمد بن محمد العيسى، أن الأمم ترقى بنشر لغاتها وانتشار ثقافتها، ولا تكتمل مقومات الهوية إلا بالاعتزاز باللغة وتسويقها للآخر لتذليل تعليمها وتعلمّها. وأوضح معاليه خلال رعاية إطلاق المبادرة العالمية للاعتماد الأكاديمي لمراكز وبرامج تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها حول العالم، التي أقيمت مساء اليوم الخميس 2 جمادى الأولى 1442ه الموافق 17 ديسمبر 2020م، أنه انطلاقًا من تحقيق رؤية المملكة 2030م وتأكيدًا لريادتها عالميًا وخدمة للعربية واعتزازًا بهويتنا الوطنية، وضمن الاحتفال باللغة العربية في يومها العالمي لهذا العام 2020م؛ فإن هيئة تقويم التعليم والتدريب تبادر بإطلاق مشروع اعتماد مراكز وبرامج تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها حول العالم، وبهذا المشروع ستخدم بلادنا لغتها من خلال نشر العربية في أرجاء المعمورة تعظيمًا لهذا اللسان، وخدمة القرآن، وكسبًا للإنسان بمختلف مشاربه اللسانية والثقافية. وأضاف معالي رئيس مجلس إدارة الهيئة: "إن هذه الفرصة سانحة لنزف إليكم أيضًا إطلاق مشروع معايير ضمان الجودة لمعاهد وبرامج تعليم اللغة العربية لغير الناطقين به، الذي أعدته الهيئة واعتُمد من مجلس إدارتها في اجتماعه الرابع (الدورة الثانية) تحقيقًا للجودة في مؤسسات تعليم اللغة العربية حول العالم، ويأتي هذا المشروع ليحقق حلمًا طالما انتظره المستفيدون والمتخصصون في العملية التعليمية بما يسهم في تخريج الكفاءات المؤهلة المتميزة وفق المعايير العالمية المواكبة للتطور الذي يشهده العالم في كافة العلوم والمعارف". وأشار إلى أن التعليم هو السبيل الوحيد لنهضة الأمم، فاليوم لا قيمة لأمّة بلا علم، ولا مكانة لفرد بلا تعليم، وإيمانًا بهذه المسؤولية الوطنية والدولية تجاه أجيالنا عكفنا في الهيئة على إعداد مشروع متكامل لجودة معاهد برامج اللغة العربية لغير الناطقين بها واعتمادها، آملين بذلك أن نسهم إسهامًا نوعيًا في تحقيق الرؤية الوطنية التي تعدّ اليوم حلم كلّ فرد في هذه البلاد المباركة، مؤكدًا أن هيئة تقويم التعليم والتدريب تسعد بخدمة اللغة العربية كما تسعد جميع المؤسسات التعليمية والتربوية. من جهته، أكد معالي رئيس هيئة تقويم التعليم والتدريب الدكتور حسام بن عبد الوهاب زمان، خلال كلمته، أن تدشين المبادرة يأتي متزامنًا مع الاحتفاء باللغة العربية في يومها العالمي، ليعد اعترافًا بفضلها واستكمالًا لجهود المملكة العربية السعودية في خدمتها؛ ولمّا كانت الهيئة تُعنى بكلّ ما يخدم هذه الأمة في علومها ومعارفها ولغتها وثقافتها، وفق المعايير الدقيقة الضامنة للجودة، والمستثمرة للإمكانات المتاحة، فقد أخذت على عاتقها تحمّل هذه المسؤولية لتضيء زاوية طالما ظلت معتمة دون أن يُعبأَ بها، فنحمد الله أن كتب لنا التوفيق ليكون لنا قصب السبق في ضبط جودة تعلم العربية وتعليمها خارج حدودنا؛ فجاء ميلاد هذا المشروع الكبير؛ الاعتماد الأكاديمي لمراكز وبرامج تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها حول العالم. وأضاف معاليه أن الهيئة بدأت في بناء هذا المشروع من حيث انتهى الآخرون في ضبط معايير الجودة في تعليم لغاتهم، وتم الاستعانة في ذلك بنخبة من الخبراء في مجال الجودة، وتعليم العربية لغير الناطقين بها، كما تم استعارة عصارة الخبرات والتجارب العالمية وقمنا بالبناء عليها، والأخذ في الاعتبار خصوصية اللغة العربية، وظروف المتعلمين وبيئاتهم المختلفة، مع مراعاة الكفاءة الاقتصادية؛ فجاءت متطلبات الاعتماد غير مرهقة ولا مكلفة مع الضمان التام لتحقيق الفاعلية العلمية والإعداد المتقن لمخرجات البرامج في هذه المراكز المنتشرة في أنحاء العالم المختلفة. وأشار د. حسام إلى أنّ هذا المشروع يحقق جملة من الأهداف الجليلة؛ منها دعم جهود المملكة العربية السعودية في خدمة اللغة العربية ورعايتها في العالم أجمع، و يسدّ الفجوة التي ظلت العربية تعاني منها في أوعيتها التعليمية والتعلمية في المراكز المنتشرة في العالم، وضمان تأهيل كوادر مختصة في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، تعمل على نشرها على نحو سليم ومواكب وميسر؛ تحفيزًا للراغبين، وتسهيلًا لتعليمها، وتحقيقًا لغاياتها المعرفية والمهارية على أسس علمية وعالمية تثري هذه اللغة، وتعدّ المتخصصين فيها من غير العرب على نحو يجعلهم منافسين لغيرهم في اللغات الإنسانية المختلفة. بدوره، تحدث المدير العام بالإنابة للمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب بالبنك الإسلامي للتنمية د. سامي بن إبراهيم السويلم عن "ارتباط التنمية والعائد الاستثماري بجودة البرامج التعليمية والتدريبية"، وأكد فيها أن التعليم في العالم الاقتصادي يعد سلعة وخدمة عامة كما هو الحال في الصحة، وهذه الأنواع من السلع والخدمات تعتمد بالدرجة الأولى على التعاون والتكامل بين أفراد المجتمع ومؤسساته، فهي ليست ذات طبيعة ربحية تقوم على السوق، وإنما هي سلعة اجتماعية -إن صح التعبير- ولا بد من التعاون والترابط والتضافر لأجلها، كما أن السوق نفسها هي سلعة اجتماعية أيضاً. وإن كان السوق يتضمن أهداف ربحية، إلا أن نشأة السوق وتنظيمه من البداية هو نشاط اجتماعي، وهذا يعني أن العبء الأكبر في مجال التعليم يقع على المؤسسات الحكومية والقطاع غير الربحي، وهذا هو الأساس في خدمة التعليم للمجتمع. وبدون التعليم لا يمكن أن يتقدم السوق ولا يمكن له الازدهار، ولهذا السبب كان الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة هو ضمان تعليم شامل لكافة أفراد المجتمع، والتكافؤ بين أفراده، للحصول على تعليم مدى الحياة. كما أكدت المؤشرات الاقتصادية جميعاً ارتباط النمو الاقتصادي بالاتفاق الحكومي على التعليم وهذا ليس لجميع الدول وإنما للدول المتقدمة بناءً على بيانات البنك الدولي. بعدها قدم رئيس مجلس إدارة الشبكة الإسلامية لضمان الجودة الدكتور تشان بصير الدين، عرضاً بعنوان: "جودة تعليم اللغة العربية في الدول الإسلامية الواقع والتطلعات"، كما بيّنت رئيس مجلس إدارة الشبكة العربية لضمان الجودة الدكتورة نادية بدراوي خلال كلمتها التي جاءت بعنوان: "جودة تعليم اللغة العربية في الدول العربية الواقع والتطلعات"؛ أنه عند دراسة الواقع في الدول العربية في مجال اعتماد برامج اللغة العربية لغير الناطقين بها، والناطقين بها، وكذلك الدراسات الإسلامية، وجدنا أن كثير من هذه البرامج في الدول العربية غير معتمد، وأن إنشاء معايير واضحة وشاملة لاعتماد هذه البرامج موضوع في بعض الدول القليلة مثل: مصر والمملكة العربية السعودية حيث أن المملكة أنشأت خطوط واضحة ومواصفات جيدة لهذه البرامج. وفي حقيقة الأمر أن عدد البرامج المعتمدة في اللغة العربية لا تمثل كتلة بسيطة بالنسبة لعددها في البلاد العربية، حيث وجدنا أن المواصفات العامة لخريجي برامج اللغة العربية تحتاج إلى دراسة وتقنين، مشيرة إلى أن انطلاق هذه المبادرة من قبل هيئة تقويم التعليم والتدريب، يسعد كل أعضاء الشبكة العربية لضمان جودة التعليم ويعد انتصاراً للجهود التي تبذلها في دعم اعتماد هذه النوعية من البرامج في العالم العربي، ولكل الجهود التي تبذلها للحفاظ على الهوية العربية والإسلامية في اعتماد البرامج العربية والدراسات الإسلامية. ولا يخفى عليكم الجهود المتعددة من الجهات الدولية التي كانت تتمنى أن تقوم بإنشاء مجلس عالمي لاعتماد برامجنا ودراساتنا الإسلامية. من جهته، أوضح المدير التنفيذي لمعهد قاصد لتعليم اللغة في الأردن الأستاذ الدكتور خالد أبو عمشة خلال كلمته بعنوان: "آمال وتطلعات مراكز تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها"، أن آمال وتطلعات معاهد تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها والممتدة على مساحة العالم العربي والإسلامي تكون من خلال وجود رسالة وأهداف وإدارة حكيمة ورشيدة وكذلك احترافية في التعليم والتعلّم وهيئة تدريبية محترفة ومدربة إضافة إلى استقطاب الطلاب وتوفير المصادر والمرافق والتجهيزات، ولو توافرت هذه الطموحات ستقودنا وتوصلنا إلى معايير الاعتماد الأكاديمي لبرامج اللغة العربية لغير الناطقين بها، مضيفًا إنه بحسب كثير من الدراسات التي أجريت مؤخراً يغيب عنها الرؤية والمرجعيات الموحدة في هذا المجال الذي شهد طفرة واسعة في النمو والانتشار بالإضافة إلى ذلك يمكن أن نقول أن هناك أكثر من 20 اتحاد ورابطة ونقابة تحاول أن تفعل شيئا في هذا المجال ولكن للأسف ليس لها دور فعال في تنظيم هذا المجال ولذلك هذه من المشاهدات في هذا الواقع. بدوره، قدم المدير التنفيذي للمركز الوطني للتقويم والاعتماد الأكاديمي " اعتماد" التابع لهيئة تقويم التعليم والتدريب الدكتور سهيل باجمّال، عرضاً بعنوان: " الاعتماد الأكاديمي لمراكز وبرامج تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها خارج المملكة العربية السعودية"، بيّن فيه انتشار معاهد ومراكز تعليم اللغة العربية حول العالم وعدد البرامج حسب الدول، وكذلك تطرق إلى الدور المتوقع من المبادرة ودور هيئة تقويم التعليم والتدريب في هذا الجانب، والمستفيدون من خدمات الاعتماد الأكاديمي لمراكز وبرامج اللغة العربية حول العالم. كما استعرض ممكنات نجاح مبادرة الاعتماد الأكاديمي لبرامج اللغة العربية لغير الناطقين بها حول العالم، ومرتكزاتها ، ومنهجية إعداد المبادرة والتطور الزمني لها. كما تناول في العرض المقدم آليات التقدم للحصول على الاعتماد الأكاديمي لمراكز وبرامج تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، والتزامات الهيئة في هذا الجانب، ومن أهمها آليات اتخاذ القرار من خلال مجلس الاعتماد الأكاديمي لبرامج اللغة العربية والدراسات الإسلامية والتي تضمن الاستقلالية والنزاهة والشفافية والمصداقية بما يحقق قيمة وبعد دولي للمبادرة تنعكس على المستفيدين منها. يذكر أن الهيئة أطلقت على هامش الحفل الموقع الإلكتروني المخصص للمبادرة متضمناً التعريف بها، وآليات التقدم للحصول على الاعتماد، والدليل الإجرائي للاستفادة من خدمات المبادرة، ومعايير الاعتماد الأكاديمي المطبقة، وغيرها إضافة إلى ما تم التأكيد عليه من التطوير المستمر للموقع aia.etec.gov.sa وقد أطلقت الهيئة المشروع استجابة لأهمية اللغة العربية وواقع تعليمها؛ فاللغة العربية تعدُ من أكثر اللغات انتشارًا من حيث عدد المتحدثين بها حول العالم؛ إذ يزيد عددهم عن 467 مليون شخص، ويتزايد الإقبال على تعلمها، ولذا تتزايد أعداد البرامج التي تعمل على تدريسها، وأعداد المؤسسات التي تقدمها في الدول العربية والإسلامية والدول الأخرى بصورة ملموسة، ومع كثرة تلك البرامج وتنوع درجاتها العلمية وأهدافها، والمؤسسات المانحة لها؛ تتضح الحاجة إلى ضبط جودتها، بما يحقق أهدافها.