بصوت واحد رفع اليمنيون مطالبهم عبر هاشتاج #صوتواحدالحوثيجماعةإرهابية لإعلان ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران منظمة إرهابية، وفرض العقوبات الدولية على قياداتها من خلال حملة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وفي المجال العام. هذه الحملة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة لأنها تعكس معاناة شعب يعيش كارثة إنسانية تعد الأسوأ في هذا القرن، فجرها تمرد وانقلاب ميليشيا الحوثي، ومارست خلالها فظائع غير مسبوقة بحق المدنيين بارتكابها آلاف الجرائم والانتهاكات، وعلى الرغم من رصد تقارير دولية وحقوقية وتوثيق هذه الأعمال في تقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة، من قتل وتشريد واختطاف وإخفاء قسري، وتعذيب وتجنيد للأطفال، وزراعة الألغام بشكل عشوائي، وتدمير منازل المعارضين ونهب ممتلكاتهم، واعتداءاتها على الأعيان المدنية في دول الجوار، واستهداف ناقلات النفط والسفن التجارية، إلا أن هناك صمت دولي مريب تجاه ما يحدث في اليمن. يُفسر هذا الصمت كنوع من المهادنة لجماعة الحوثيين مقابل استمرارهم في المشاركة في عملية السلام المتعثرة حتى الآن، إن الربط الذي يمارسه البعض بين تصنيف ميليشيا الحوثي "منظمة إرهابية" وأفق الحل السلمي للأزمة غير دقيق، فقد قوضت الميليشيا طيلة ستة أعوام الجهود التي بذلها المجتمع الدولي لإنهاء الحرب وإحلال السلام، وانقلبت على كل العهود والاتفاقات وعلى رأسها اتفاق السويد بخصوص الانسحاب من الحديدة، ورفع الحصار عن تعز، وتبادل الأسرى والمختطفين كافة. ولأنه بدلاً من الاستجابة لدعوات التهدئة ومراعاة الأوضاع الإنسانية تذهب ميليشيا الحوثي باستمرار نحو المزيد من التصعيد العسكري، كان آخره في جبهات مأرب والجوف. ونحو شن هجمات إرهابية بالطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية إيرانية الصنع على الأعيان المدنية ومصادر الطاقة في المملكة العربية السعودية، وتهديد الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب عبر تسيير الزوارق المفخخة ونشر الألغام البحرية بشكل عشوائي، من دون اكتراث بشلال الدم المتدفق والكلفة الإنسانية للصراع. بل إن سياسات إيران العدائية تصاعدت مؤخراً منذ وصول الضابط في فيلق القدسالإيراني المدعو حسن أيرلو للعاصمة المختطفة صنعاء، مع احتدام المعارك وارتفاع وتيرة الهجمات الإرهابية، ليتضح حقيقة الدور الإيراني في الأزمة، والتبعية والارتهان والانقياد الحوثي للنظام الإيراني، وتحركها طيلة الأعوام الماضية كأداة لإدارة معارك طهران السياسية والاقتصادية والعسكرية، وتصفية حساباتها الإقليمية، ونشر الفوضى والإرهاب في المنطقة، وتهديد المصالح الدولية. لقد أثبتت الأحداث والتجارب أن استراتيجية المجتمع الدولي في غض الطرف عن دور طهران في إدارة ودعم الانقلاب الحوثي، ومحاولات الدفع بالميليشيا بعيداً عن محور الشر الإيراني وإعادة تأهيلها ودمجها كجزء من التسوية السياسية ومسار بناء السلام في اليمن، لم تجدِ. الأدهى والأمر أن هذه ليست التجربة الأولى للمجتمع الدولي في التعامل مع ميليشيات مسلحة تنقلب على الدولة لمصالح سياسية وشخصية، وقد رأينا كيف أن المفاوضات بطريقة غير جادة مع الجماعات المسلحة في سريلانكا مع نمور التاميل ساهمت في إطالة الحرب وحصد مئات الآلاف من البشر؟ بالمثل تجربة المجتمع الدولي مع ليبيريا، وكولومبيا والعديد من الحالات حول العالم أثبتت أن عدم الجدية في التعامل مع الأطراف المتصارعة وبالذات عدم وجود آلية حازمة في المساءلة تجعل من مسار السلام ومباحثاته أضحوكة بل جريمة بحد ذاتها. كما أن مزاعم البعض عن إمكان تأثر العمليات الإنسانية في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي بهذه الخطوة يجافي الحقيقة، ويتجاهل الضغوط والابتزاز الذي مارسته منذ الانقلاب على المنظمات الدولية العاملة في مجال الإغاثة بما فيها برنامج الغذاء العالمي، وكيف أنها سرقت الغذاء من أفواه الجوعى ووزعته على مقاتليها في الجبهات واحتكرته في أسر عناصرها، ووجهته للبيع في الأسواق لتمويل أنشطتها التخريبية "المجهود الحربي"؟ الأمر الذي دفع العديد من تلك المنظمات لتعليق أنشطتها. وإذا كان المجتمع الدولي قد اتخذ عدداً من الإجراءات العقابية بحق النظام الإيراني وأذرعه في المنطقة من الميليشيات الطائفية في "لبنان، والعراق، وسوريا" فمن باب أولى التعامل مع ميليشيا الحوثي على هذا الأساس وإدراجها ضمن قوائم الإرهاب كونها الأشد ارتباطاً بإيران وتهديداً للأمن والسلم الإقليمي والدولي. فلماذا يتم الكيل بمكيالين عندما يتعلق الأمر بالسلام في اليمن؟ أليست أرواح اليمنيين بقيمة أرواح البشر نفسها في بقية العالم؟ لم يعد من المقبول تجاهل المجتمع الدولي لخطورة ممارسات ميليشيا الحوثي وعقيدتها المتطرفة، وشعاراتها العدائية والعنصرية، ونشرها ثقافة العنف والكراهية، ونهجها القائم على القتال وسفك الدماء، والتحريض المذهبي والطائفي، وجرائمها وانتهاكاتها المرتكبة ضد الإنسانية والتي لا تقل فظاعة عن "داعش والقاعدة". إن المجتمع الدولي وفي مقدمته الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، مطالب بالقيام بمسؤولياته القانونية في تصنيف ميليشيا الحوثي جماعة إرهابية تلبية لدعوات اليمنيين الذين ذاقوا الويلات، واحتراماً لمبادئ حقوق الإنسان والتزاماً بواجباتهم في صيانة الأمن والسلم الإقليمي والدولي، وحفظ مصالح العالم، والتصدي للأنشطة الإرهابية، والحيلولة دون تحويل اليمن منطلقاً لنشر الفوضى والإرهاب. لقد بات تصنيف ميليشيا الحوثي ضمن قوائم الإرهاب مطلباً رسمياً وشعبياً، إنصافاً للملايين من ضحاياها، من النساء والأطفال، لمن فقدوا أحباءهم، ولمن فقدوا أطرافهم، وللمغيبين خلف قضبان معتقلاتها من النساء وقيادات الدولة والسياسيين والإعلاميين والصحفيين والنشطاء، ومن تشردوا واضطروا للنزوح من منازلهم وقراهم ومدنهم، وضماناً لعدم تكرار هذه الفظائع، وإفلات المسؤولين عنها من العقاب. *وزير الإعلام اليمني