بخطوات واثقة تواجه المملكة جائحة كورونا العالمية من موقع قوة؛ مُعتمدة على اقتصاد قوي، ومركز مالي متقدم، واحتياطي ضخم، هي ما عززت قدراتها على تنفيذ برامج اقتصادية، خففت كثيراً من تداعيات الأزمة على المواطن والمقيم، فضلاً عن شركات القطاع الخاص ومؤسساته، مع تقديم الدعمين المالي والاقتصادي للفئات الأكثر تضرراً من تداعيات الجائحة، في مشهد إنساني نبيل تحاكى به العالم كثيراً، فنجحت المملكة فيما فشلت فيه الدول المتقدمة صاحبة الاقتصادات الكبرى في تعاملها مع الجائحة. وما يلفت الأنظار أن تنفيذ برامج الدعم والتخفيف من الحكومة، جاء في وقت تراجعت فيه أسعار النفط إلى مستويات مُقلقة، وتعطل العمل في العديد من القطاعات الاقتصادية، ورغم ذلك، كانت الحكومة تكرر تأكيداتها بأن صد فيروس كورونا وحماية المواطن والمقيم منه، بات أولوية لا تراجع عنها، مهما كلفها الأمر من ميزانيات وجهد. اليوم.. يمتلك اقتصاد المملكة كل المقومات التي تجعله قادراً على مواجهة أي أزمات، محلية كانت أو عالمية، ولفترات طويلة وبالوتيرة نفسها. والحديث عن قوة اقتصاد المملكة، لم يصدر على لسان مسؤول حكومي، وإنما من مؤسسات المال العالمية، التي تؤكد من فترة لأخرى أن مؤشرات هذا الاقتصاد مُطمئنة للغاية رغم جائجة كورونا. آخر الإشادات الدولية في الاقتصاد السعودي، صدرت من وكالة التصنيف الائتماني «ستاندر أند بورز» التي صنفته عند (A-/A-2) مع نظرة مستقبلية مستقرة، ليس هذا فحسب، وإنما خفضت الوكالة تقديراتها بشأن العجز في ميزانية العام الجاري 2020، من 12.6 في المئة، إلى 11 في المئة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي. الثقة في الاقتصاد وإمكاناته ساعدت على زيادة الطلب على إصدارات الدين في كل من الأسواق المحلية والدولية، وهو ما دفع الوكالة الدولية نفسها إلى أن تتوقع بأن تسمح الهوامش الوقائية المالية الكبيرة للمملكة بتمكينها من تجاوز الفترة التي يمر بها الاقتصاد العالمي بمرحلة ركود، وفيما يتعلق بالنمو الاقتصادي، رفعت الوكالة الدولية توقعاتها لنسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، حيث خففت من نسبة الانكماش إلى -4.5 في المئة للعام 2020م بدلا من -5 % في تقريرها الأخير. إنجازات الاقتصاد السعودي المتتالية، هي نتاج طبيعي للعمل الذي بُذل في إعداد رؤية المملكة 2030، وما تضمنته من برامج وتوجهات حديثة، أعادت بناء الاقتصاد الوطني على قطاعات اقتصادية نموذجية، ليس من بينها النفط، الذي أثبتت الجائحة أن الرهان عليه خاسر، وكأن الرؤية التي وضعت قبل نحو أربع سنوات، كانت تستشرف المستقبل، وتتوقع الأسوأ لسوق النفط، ما يشير إلى أن المستقبل يحمل لنا المزيد من الخير.