حذر الباحث في علم اجتماع البيئة خالد الدوس من تزايد مخاطر المشكلات البيئية في العصر الحديث والكوارث التي صنعتها أيدي الإنسان طلبًا للتقدم والتطور، حتى إنه لم يعد باستطاعته أن يتعرف عليها لما حملته من مخاطر أفقدته إنسانيته قبل بيئته، وبالتالي هددت هذه الإفرازات حياته في الحاضر والمستقبل، مشيراً إلى صعوبة الاعتماد في حل ومعالجة هذه الكارثة على حلول ذات سمة تكنولوجية محضة. وألقى الدوس مهمة توعية أفراد المجتمع وأطيافه ونشر ثقافة "الوعي البيئي" على مؤسسات التنشئة الاجتماعية ومجالاتها البنائية، بداية من الأسرة والمدرسة والمؤسسات الدينية والمؤسسات الإعلامية والمؤسسات الثقافية وانتهاءاً بالجهات المعنية بشؤون البيئة. وقال: إنه لا يمكن الحفاظ على البيئة إلاّ إذا تعلم الفرد كيف يكون متحضرًا ومهذبًا وواعيًا في كل ما يصدر عنه من ممارسات وسلوكيات نحو الأم الحنون -البيئة-، مبيناً أن الأسرة هي التي تقوم بتحول الطفل من كائن "بيولوجي" إلى كائن اجتماعي له شخصيته الاجتماعية التي تتشكل في مختلف المعايير والقيم وأساليب السلوك الاجتماعية ونمط التفكير الإيجابي من خلال أساليب التنشئة الاجتماعية، وهي أيضًا تلعب دورًا فاعلاً في مجال توجيه الطفل نحو السلوك البيئي المرغوب، وتكوين الإدراكات البيئية السليمة والخُلق والضمير البيئي لديه، بشرط أن تكون الأسرة ذاتها قد اكتسبت الاستعدادات البيئية السليمة عن طريق التدريب الاجتماعي والتوجيه الحضاري الذي مرت عليه عشرات السنين. وأضاف: يأتي في المرتبة الثانية المؤسسات التعليمية (المدرسة والمعاهد والجامعات) التي تحتل مكانة مهمة في مجال تنمية الوعي البيئي وتحقيق أهدافه التربوية بحيث تعكس الحاجات الاجتماعية للبيئة، وتحاول إكساب النشء العادات السليمة، وكذلك الاتجاهات الأخلاقية الحميدة وتعزيز القيم الحضارية التي في ضوئها يمكن تحقيق حماية البيئة والمحافظة عليها وصيانتها وإنمائها، لذلك فإن دور النشء في حماية البيئة يبدأ من حمايتهم لمدرستهم أو مؤسستهم التعليمية. وأشار إلى أنه من مظاهر ذلك المحافظة على النظافة داخل وخارج المدرسة وحماية المرافق وممتلكاتها من العبث والفساد والتخريب والمشاركة في البرامج التوعوية والأنشطة التربوية وتنظيم الفعاليات الاجتماعية الفكرية التي تكسب الطلاب من كلا الجنسين المهارات والمعارف والاتجاهات التربوية والقيمية الأصيلة، بما يساهم في النهوض بقالب الوعي البيئي المدرسي وتحقيق الأهداف التربوية المنشودة في هذا الاتجاه الأخلاقي مجتمعياً. وأوضح أن مؤسسات التنشئة الاجتماعية الأخرى وهي المؤسسات الإعلامية والثقافية والمؤسسات الدينية والتربوية لها حراكاً بنيوياً ودوراً تنويرياً في رفع مستوى الوعي البيئي والأسري والمجتمعي، وبالتالي حماية المجتمع ونظافته من مظاهر التلوث، وعدم رمي النفايات الطبية والمخلفات البلاستيكية وغيرها، بما يساهم في المحافظة على صحة الأم الحنون (البيئة).