تشهد مجتمعات الوظائف والتوظيف حربًا ضروسًا تكاد لا تنتهي أبدًا، فهناك من يصرخون دفاعًا عن الشهادة والدراسات العليا خصوصًا من الجامعات العالمية المرموقة فيما يتحدّاهم آخرون مستندين على المهارة والتقنية في عصر السرعة والتطور، ولكن ماهو مشهد التوظيف والوظائف في زمن الكورونا وسط التصريحات والاحصائيات المختلفة؟ في آواخر يونيو الماضي صرّح رئيس الولاياتالمتحدة، دونالد ترمب بتصريح "قلَب" موازين التوظيف، جاء فيه إستبدال التوظيف على أساس الدرجة العلمية ليصبح التوظيف بناء على المهارة، ومن المهم ملاحظة أن القرار لا يلغي أهمية الشهادة، ولكنه فقط يُفقدها رونقها ويرفع المهارات لتصبح أساسًا للمنافسة. وكان قد سبق تصريح الرئيس الأمريكي، تزايدًا كبيرًا في عدد طلبات إعانات البطالة -التي تقدمها الحكومة الأمريكية في حالة فقدان الوظيفة- والتي وصلت خلال الأسبوع الأول من شهر إبريل الماضي لأكثر من ثلاثة ملايين طلب ! وسط محاولة المختصون والمتضررون من إبتكار الحلول والبدائل، يكاد يجمع غالبيتهم على مهاراتٍ أساسية للتوظيف في زمن مابعد الكورونا، أبرزها: 1- القيادة، مفهومًا وحسب رأي المختصين القيادة ليست مهارة مختصرة على المدراء والمسؤولون، بل هي مهارة أساسية في التواصل داخل محيط العمل لتساعد على تشجيع الزملاء وتزيد من مساندتهم لبعضهم البعض. 2- المرونة والقدرة على التكيف، من أهم المهارات التي تضاعفت حاجتها مؤخرًا هي المرونة والقدرة على التكيف، فإن كانت المنشأة قد فقدت الكثير من الموظفين كجزء من مضاعفات كوفيد-19، سترتفع نسبة التغيرات الكبيرة في المهام والضغوط على العمال الذين لا يزالون على رأس العمل. كما أن ظاهرة العمل على المنزل كانت دخيلة على العديد من المجتمعات، مما لا يدع للموظفين فرصة على التعوّد بل تطالبهم بالتكيف سريعًا مع المحافظة على الإنتاجية كيفية وكمية. 3- التفكير النقدي والقدرة على حل المشكلات، في دراسة أجرتها جمعية إدارة الموارد البشرية، أظهرت أن 37٪ من أصحاب العمل يعتبرون حل المشكلات والتفكير النقدي من بين أفضل المهارات التي يفتقر لها الكثير من المرشحين. وليكون الموظف قادرًا على التفكير بوضوح وفاعلية أكبر يجب أن يستمر بطرح الأسئلة، مثل: ما الذي يحدث؟ لماذا هذا مهم؟ من المتأثر؟ ماهو مصدر هذه المعلومة وتلك؟ كيف أتأكد من المصدر؟ هل يجب علي اتخاذ قرار سريع؟ 4- المهارات التقنية، شهد هذا النوع من المهارات نموًا كبيرًا سبق عصر كورونا بمراحل، فأكثر من 82٪ من الوظائف المختلفة تتطلب حد أدنى من المهارات التقنية المختلفة، ولكن مع بداية الجائحة تضاعفت الحاجة إلى المهارات التقنية مما إنعكس ايجابًا على الباحثين عن عمل في هذه المجالات. 5- مهارات التواصل والذكاء العاطفي، هاتين المهارتين الأساسيتين في أي وظيفة، فأن تمتلك ذكاء عاطفيًا جيدًا يعني أن تتعاطف مع الأخرين خصوصًا في مراحل ضعفهم أو عدم استقرارهم نفسيًا، ومع استمرار العمل عن بعد تضاعفت الحاجة إلى مهارات تواصل جيدة عبر الاجتماعات المرئية أو رسائل البريد الالكتروني المكتوبة. 6- الابتكار والإبداع، بعد تغلّب التكنولوجيا والآلات على الكثير من الوظائف لا تزال المهارات "الإنسانية" لا يمكن تكرارها او برمجتها، وهذا ما أعطى للابتكار والإبداع ثقلًا مختلفًا، ولا يقتصر الإبداع على مجالات العمل الإبداعية كالتصميم والصحافة وغيرهما .. ولكنه متطلب أساسي لنمو وتكيف أي قطاع أو وظيفة. وها هو قطاع التعليم عن بعد يزدهر يومًا بعد يوم .. فإعلان وزارة التعليم استمرار العملية التعليمية عن بعد لفترة قادمة، سيزيد فرص الطلاب والباحثين عن عمل في تعلم مهارات جديدة عن بعد أيضًا، فهل حان الوقت لدخول سباق المهارات والشهادات في آنٍ واحد؟