تحدث في مقالين سابقين حول أهمية وجود هيئة متخصصة مستقلة مالياً وإدارياً لعمارة المساجد استجابة لأهداف رؤية المملكة 2030 التي نصت على تعزيز القيم الإسلامية والهوية الوطنية، إضافة إلى تحقيق خطوات إيجابية في مشروعات التخصيص لاستجلاب زيادة مساهمة القطاع الخاص في إجمالي الناتج المحلي. وأوضحنا أن عمارة المساجد عمل اقتصادي بحت يتعلق بالبناء وما يتبع ذلك من تصاميم هندسية ومخططات عمرانية. إنه من الملاحظ أن عدداً من القائمين على عمارة المساجد يبذل الجهود الكبيرة وينفق الأموال الطائلة على مجالات العمارة والزخرفة والمظهر الخارجي للمسجد مع إهمال وتقليل للمهام الأساسية التالية لاكتمال البناء والمتعلقة بالاستدامة والتي تكاد تنحصر في أربع مهمات أساسية وهي التشغيل والسلامة والنظافة والصيانة. ولسنا في صدد الاستشهاد على الاهتمام الذي أولها المسلمون في تاريخهم الطويل نحو مهام الاستدامة للمساجد انطلاقاً مما ورد في القرآن الكريم والسنة المطهرة والتاريخ الإسلامي على مدار القرون، ولكن نستعرض هذه المهام للتعرف على أهميتها ودورها في المحافظة على المسجد لاستكمال العمر الافتراضي له. 1- التشغيل: ومهمة التشغيل للمساجد في غاية الأهمية كتهيئة المسجد قبل الصلاة بفتح أبواب المسجد وتشغيل الإنارة والمكيفات وأجهزة الصوتيات وترتيب الصفوف وإغلاق المسجد بعد الصلاة. 2- النظافة: المتعلقة بغسيل السجاد والفرش وإزالة كافة الروائح غير المرغوب فيها عن المسجد بالتطهير والتعقيم المستمر بل وأيضاً تعطير وتطييب المسجد بالبخور وأنواع الطيب بين حين وآخر. 3- االسلامة: وتتضمن أنشطة متعددة تشمل المحافظة على أبواب مخارج المسجد وعملها بشكل مستمر ووجود كاميرات المراقبة تراجع بين الحين والآخر وسلامة أجهزة التكييف والتمديدات الكهربائية، وتوفر طفايات الحريق وأجهزة الإنذار وكذلك توفر صندوق الإسعافات الأولية في المسجد. 4- الصيانة: تعد الصيانة الحل الأمثل للمحافظة على استدامة المسجد واستمرار بقائه لسنوات بل لعقود، والتي تشمل الكشف على كافة عناصر المبنى الثابتة مثل الجدران والأعمدة والتشطيبات وغيرها والعناصر المتحركة مثل أجهزة التكييف والصوتيات والفرش وغيرها ضمن خطة زمنية. تكاليف مهام الاستدامة: من الطبيعي أن مهام الاستدامة والمحافظة على المساجد تتطلبان ميزانيات ضخمة، وتزداد هذه المصاريف بتقادم المسجد. وتشير الدراسات إلى أن تكاليف الاستدامة يمكن أن تبلغ من 2.5 % إلى 5 % سنوياً من تكلفة البناء لمسجد عمره الافتراضي أربعون سنة. ومن المتوقع أن الهيئة العامة لعمارة المساجد في حال إنشائها لن تواجه أية مشكلة تعوق عملها في توفير الدعم اللازم لتحقيق مهام الاستدامة المذكورة.