تمر هذه الأيام الذكري الثالثة لتولي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - ولاية العهد، وخلال هذه السنوات البسيطة استطاع وبتوجيهات مباشرة من خادم الحرمين الشريفين - أيده الله - أن يصنع كثيرا من التطورات التي وضعت المملكة في مكانتها العظيمة بين الدول الكبري في العالم. ويقدم خبراء سودانيون في حديث ل»الرياض» قراءة فاحصة يجمعون فيها علي أن ولي العهد بفضل إنجازاته الكبيرة التي صنعت تحولات عديدة علي المستوي المحلي والإقليمي والدولي هو الشخصية الأكثر تأثيراً على مجريات الأحداث، والقادرة على فك ألغاز المعادلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تموج بها المنطقة والعالم أجمع. ويوضح هؤلاء الخبراء أن صاحب السمو الملكي هو مهندس الرؤية السعودية الحديثة وعراب مكافحة الفساد في الوطن العربي إلى جانب كثير من الأعمال التي كان الوصول إليها معجزة، ولكنها تحققت الآن وأصبحت جزءا من الواقع المعاش. ويقول الخبير السياسي السوداني الدكتور محيي الدين محمد محيي الدين ل»الرياض» إن دور ولي العهد في تعزيز مكانة المملكة واضح جداً سواء في تغيير استراتيجيتها تجاه مهددات الأمن الوطني، وكذلك ابتدار منظومة للأمن الإقليمي لم تكن موجودة من قبل. ويشدد علي أن المملكة باتت قائدة في المنطقة ورائدة ومبادرة في التصدي لمهددات الأمن، إلى جانب مواجهة خطر التمدد والنفوذ الإيراني، الأمر الذي أحدث تغييرا في موازين القوى السياسية والعسكرية. ويشير محيي الدين إلى أن المراقب الحصيف يلاحظ أن المملكة قد عمدت إلى التحول من سياسة الأمن مقابل النفط التي كانت متبعة منذ خمسينات القرن الماضي إلى سياسة دفاعية تعتمد على قدراتها الذاتية مع الانفتاح نحو بناء تحالفات اقليمية قوية. ويقول إن أبرز ملامح هذا المشروع كانت قد ظهرت عام 2014 إبان المناورة العسكرية الكبرى التي شارك فيها حوإلى 35 ألف جندي من كل تشكيلات الجيش والحرس الوطني على نطاق جغرافي واسع في الاتجاهين الاستراتيجي الشمالى والجنوبي من مركز قيادة وسيطرة في العاصمة الرياض. ويضيف «هذا الأمر يقرأ في سياق تحول السياسية الدفاعية للمملكة نحو امتلاك أدوات القوة الخشنة، إضافة للقوة الناعمة التي تمثلها المكانة الدينية والاقتصادية للسعودية على المستويين الإقليمي والدولي». ويؤكد أن المملكة بفضل هذه السياسة الذكية صارت قائدا إقليميا أخذت زمام المبادرة، وباتت تصنع الأحداث، وتعمل على تحريك الفاعلين الإقليميين، مدللاً علي ذلك بالحرب التي يشنها التحالف العربي بقيادتها على جماعة الحوثيين المتمردة علي الشرعية في اليمن. ويري محيي الدين أن المملكة استطاعت في آن واحد تشكيل التحالف الدولي لمواجهة الإرهاب إلى جانب التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، وهما تحالفان سيظلان نواة صلبة يمكن أن يتشكل على أساسها منظومة للأمن الإقليمي ترسم ملامح المستقبل وتسهم في تعزيز مكانة السعودية في وجه التحدي الإيراني ومهددات السلم والأمن في الممرات المائية المهمة وعلى رأسها مضيقي باب المندب وهرمز. والشاهد في الأمر بحسب الخبير السوداني فإن الضربات التي وجهتها المملكة وحلفاؤها دعماً لحكومة اليمن الشرعية، أضعفت أحد أذرع إيران في المنطقة وحرمتها من الاستفادة من الميليشيا في تهديد الملاحة في باب المندب، كما بعثت برسالة شديدة اللهجة للدولة الصفوية في إيران والمتعاطفين معها في منطقة الساحل الأفريقي وشرق القارة التي تحاول إيران استمالتها لتتمدد إلى عمق القارة الأفريقية. ويقول محيي الدين على الصعيد العالمي بات للمملكة وجود على المسرح الدولي عززته رؤية 2030 التي تهدف لتنويع مصادر الدخل وتعزيز المكانة الاقتصادية للسعودية بما يمنحها القدرة على التأثير في رسم الخارطة الاقتصادية العالمية وتجاوز أية هزة تنتج عن تناقص أثر النفط في الناتج القومي الإجمالي. ويوضح أن ذلك ظهر بجلاء في انفتاح المملكة بعلاقاتها نحو روسيا مع الاحتفاظ بقوة العلاقة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، ويلفت إلى أن مثل هذا التوازن دليل جرأة في وضع استراتيجية العلاقات الخارجية، ابتدرها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. ويضيف بقوله «لعل المراقب يلاحظ مدى الترحيب الذي وجده سموه في أول مشاركة له في قمة العشرين»، ويؤكد أن المكانة المتقدمة للمملكة بين الدول ذات الاقتصاد القوى ليست فقط نتاج ما تملكه السعودية من موارد، لكنها تعود إلى التحول الكبير الذي حدث على صعيد المفاهيم وتوسع طموح قيادة المملكة وسعيها الدؤوب للتموضع في خارطة السياسة العالمية. ويقول محيي الدين إن منافسة روسيا للسعودية في أسواق الطاقة وما أحدثته من جدل مرده إلى رؤية حصيفة تدرك أن الحصص السوقية ستكون مجالا لتنافس كبير في عالم ما بعد فيروس كورونا، حيث ستحدث تحولات كبيرة على مستوى العالم فيما يتصل بوضع القوى الاقتصادية في سوق النفط ومجال التأثير في السياسة العالمية ومسارات التعاطي مع القضايا المصيرية الكبرى بالشرق الأوسط. ويؤمّن على أن سياسة سمو الأمير محمد بن سلمان الخاصة بمكافحة الفساد مثلت نقلة كبرى للمجتمع السعودي وحتى على نطاق المنطقة العربية لأنها خرجت عن الإرث المعهود لتجارب مكافحة الفساد التي كانت تجنح إلى التستر وحماية المعتدين على المال العام لاعتبارات المكانة الاجتماعية وما تتبعها من قيم العيب والخوف من الفضائح. ويري محيي الدين أن هذا تحول كبير ومن شأنه أن يعزز من قيم الشفافية ويمكن للمحاسبة وحفظ موارد الأمة غض النظر عن خلفية من ارتكب انتهاكا للمال العام. ومن ناحية أخرى وفقا للخبير السوداني فإن الأمير محمد بن سلمان يقدم نموذجا في الحرص على المال العام ويضع منهجا جديدا ستسير عليه المملكة خلال العقود القادمة. وعلي صعيد استرداد الأموال يعتقد محيي الدين أن هذه الحملة وفرت موارد ضخمة يتم توظيفها في دعم اقتصاد المملكة وتركيز وجودها كحارس للقيم الإسلامية وتبنيها أسس الشفافية والمحاسبية وهما من مرتكزات الحكم الرشيد. ويشير إلى أن رشد الحكم يتضمن معالجة القوانين وإجراء إصلاحات تشريعية تمكن الدولة من بسط سلطتها وتحقيق إرادة الإصلاح التي يتبناها سمو الأمير محمد بن سلمان. ويضيف محيي الدين بالقول «ولعل المملكة التي تنشد الانطلاق نحو آفاق اقتصادية رحيبة تؤسس لدولة حديثة ملتزمة بقيم الشفافية والمحاسبية وهما قيمتان سيكون لهما أثر واضح في تكريس مكانة المملكة اقتصاديا بما يحقق المقاصد الكلية لرؤية 2030 الطموحة بكل ما تشتمل عليه من ترتيبات تبنى على فاعلية الإنسان السعودي وقدرته على العطاء لتكون هي أساس انطلاقة مشروع النهضة في القرن الجديد». ويشدد علي أن ذلك هو في الأساس مشروع يقوم على إرث الماضي التليد وينهل من حاضر زاهر، ومستشرفا مستقبلا مشرقا بالأمل لأمة تتطلع للعليا. وفي السياق ذاته يقول الخبير الاقتصادي الدكتور هيثم فتحي ل»الرياض» إن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان هو مهندس الرؤية السعودية الحديثة التي راهن عبرها على قدرة الشعب السعودي وخاصة فئة الشباب على التغيير وتعزيز الإصلاحات الاقتصادية الجذرية. ويشدد على أن تلك المنجزات أضحت ظاهرة للعيان داخل المملكة وخارجها ومنها تشجيع الاستثمار وتطوير صندوق الاستثمارات العامة وتأهيل الكادر السعودي في المجال التقني ليدفع بعجلة التنمية السعودية إلى آفاق تواكب المستجدات والتطورات العالمية. ويقول فتحي إن سمو الأمير الشاب حاز على احترام وتقدير جميع الدول لدوره في النقلة الكبيرة التي تشهدها المملكة حاليا على الصعيدين الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، فضلا عن وقوف المملكة مع كثير من الدول المحتاجة حول العالم، مع دوره في تحقيق الازدهار الاقتصادي والاجتماعي على أرض صلبة لا تعتمد فقط على اقتصاديات النفط. ويشير إلى أن يظهر بجلاء من خلال تحويل مؤسسة أرامكو من شركة لإنتاج النفط إلى عملاق صناعي يعمل في كل أنحاء العالم. ويؤمن فتحي علي أن الأمير محمد بن سلمان أصبح الشخصية الأكثر تأثيراً على مجريات الأحداث، والقادرة على فك ألغاز المعادلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تموج بها المنطقة والعالم. ويلفت إلى الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية التي تم تطبيقها خلال السنوات الثلاث الماضية بدأت تؤتي آثارها الإيجابية على الأداء الفعلي المالي والاقتصادي، ويشير إلى أن السعودية حققت ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للقطاع غير النفطي، وعملت على تمكين القطاع الخاص من القيام بدوره الرئيسي في الاقتصاد مع مؤشرات إيجابية، فضلا عن تسجيل عدد من قطاعات الأعمال نمواً إيجابياً مع تنفيذ مشاريع كبرى في قطاعات حيوية. ويؤكد فتحي أن الأمير محمد بن سلمان هو عراب مكافحة الفساد في الوطن العربي وقائد حملة ضرب أوكار الفساد بتطبيق القانون ومحاسبة الفاسدين. ويقول إن تلك البلدان التي يرتع فيها الفساد يطالبون حالياً بشخص ينتهج نهج ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لبتر الفساد واجتثاثه وتطبيق القوانين في بلدانهم، كما فعل ولي العهد والذي أرسى قانون العدالة والشفافية والنزاهة وجعل الجميع سواسية أمام القانون. ويشير فتحي أن إجازة لائحتي تنظيم تعارض المصالح في تطبيق نظام المنافسات والمشتريات الحكومية تؤكد مبدأ سيادة القانون الذي أعلنه ولي العهد ولن تحيد عنه المملكة، وهي تنعكس في سريان الأحكام على كل موظف مهما كانت مكانته ومرتبته وعلى جميع المتعاملين مع الجهات الحكومية مهما كانت مراكزهم. ويواصل قائلاً «لا يخفى على أحد الدور الريادي الذي قام به ولي العهد محمد بن سلمان في تصديه للفساد في المملكة وسعيه الدائم لمكافحة الفساد لإيمانه المطلق بأهمية النزاهة والشفافية في بناء اقتصاد صحي، لذلك استطاع سمو الأمير وبحكمة العقل ورشد السياسات الاقتصادية ضرب الفاسدين ومكافحة الفساد. ويمضي للقول «بجهود ولي العهد، تمكنت المملكة أن تتبوأ مكانة متقدمة في بيئات الاستقرار الاقتصادي والناجمة عن سيادة قيم النزاهة والشفافية، إضافة للحوكمة. ويعتبر فتحي أن ما قام به ولي العهد أشبه بالمعجزة، ونتائج الإصلاحات الاقتصادية واضحة مما جعل المملكة تترأس مجموعة العشرين، إضافة لعقدها لعدد من اتفاقيات التعاون مع كبرى الاقتصادات العالمية. ويقول المحلل السياسي السوداني الشيخ يوسف الحسن إن المملكة تشهد في الوقت الراهن حقبة جديدة يقودها ويحركها ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظهما الله -. ويؤكد أن هذه الحقبة تمضي بثبات في الانفتاح والتسامح على الآخر، انطلاقاً من الفهم الصحيح لمعاني الدين الإسلامي الحنيف. ويرى الحسن أن هذه الحقبة وجهت المواطن السعودي نحو الإنتاج والعطاء، وتمضي بالمملكة الدولة القوية بكادرها البشري واقتصادها نحو آفاق أرحب وأوسع. ويقول الحسن إن سمو ولي العهد حقق منجزات اقتصادية واجتماعية وثقافية، كان يحتاج تحقيقها على أرض الواقع لسنوات وعقود طويلة، فقد وجه اقتصاد المواطن السعودي الخاص نحو الإنتاج والعطاء، بدلاً من الاعتماد على هبات الدولة كما كان في السابق. ويرى الحسن أن الأمير محمد بن سلمان بتوجيهات خادم الحرمين بسط هيبة الدولة وولايتها على المال العام وللمرة الأولى في تاريخ الحكومات في وطننا العربي، كما أنه رسخ المملكة في قوائم الإسلام الحقيقي «المنفتح على العالم وعلى جميع الأديان على جميع التقاليد والشعوب». ويعتقد الحسن أن ولي العهد تمكن بحنكة واقتدار من توجيه الاقتصاد السعودي نحو الإنتاج المتعدد، بدلاً من الاعتماد على ثروة باطن الأرض التي هي النفط، وأطلق ثورة صناعية وتجارية وسياحية كبرى من خلال مبادرة مستقبل الاستثمار في السعودية، وتدشين مشروع (نيوم) مدينة المستقبل والمشروعات الاقتصادية الكبرى التي لا حصر لها ضمن خطة 2030 التي يمضي تنفيذها يوميا من نجاح إلى نجاح. ويؤكد أن الأمير محمد بن سلمان يقود مبادرات كبيرة وطموحة دفعت المملكة وبإمكاناتها المالية الضخمة، لتتبوأ مكانها الطبيعي وتصبح دولة قوية من حيث الاقتصاد المتعدد والقوة الصناعية العظيمة، وقد خطا عدة خطوات سريعة في هذا المجال، ويتوقع أن تتبوأ المملكة في خلال فترة وجيزة مقدمة الصفوف في عالم اليوم. ويشدد الحسن علي أن الأمير محمد بن سلمان جاد جدا في عملية الإصلاح وتغيير السعودية اجتماعيا واقتصاديا وماليا لتنطلق بقوة وتصبح في طليعة دول العالم. ويري أن سمو الأمير محمد ماضٍ نحو الإصلاح والتطوير وفق رؤية سديدة متكاملة مدروسة بعناية فائقة ستنقل بلاده العزيزة على كل مسلم من مرحلة الاعتماد الكلي على جميع الموارد الاقتصادية إلى الطفرة في مختلف المجالات فهو يسعى بقوة إلى النهوض بالموارد الاقتصادية للمملكة، وبهذا المنوال يستطيع أن يجعلها في مقدمة الدول المؤثرة في الاقتصاد العالمي». وتابع الحسن أنه من محاسن رؤية خادم الحرمين الشريفين وولي عهده أنهما رفعا القيود الاجتماعية، ومن ضمنها السماح للنساء بقيادة السيارات، ووضعا خطة إعادة هيكلة اقتصادية طموحة للحد من اعتماد المملكة على صادرات النفط.