أجبرت جائحة فايروس كورونا المستجد جميع حكومات العالم في كل مكان على فرض الحجر الصحي (المنزلي) ، وعلى إثر تلك التداعيات ظهرت تَغيُّرات كبيرة في كيفية إدارة الأعمال ، حيث أصبحت الكثير من الشركات تتبنى نظام العمل عن بُعد عبر المنازل ، ولكن إذا توغلنا في تفاصيل الموضوع أكثر فسنجد في واقع الأمر أن التحول الجديد على صعيد بيئة الأعمال يفرض أيضاً في الوجه المقابل تغييرات كبيرة في إعدادات تكنولوجيا المعلومات ، فعلى سبيل يعمل الساعيين خلف استغلال هذه التحديات إلى اتباع أساليب خبيثة لطرق أبواب تلك النُظم الجديدة. وقد لاحظت تريند مايكرو أن المهاجمين السيبرانيين يستخدمون التحديات التي فرضها فايروس كورونا لصالحهم ، فقد قمنا بكشف وحظر أكثر من 8000 تهديد في الفترة ما بين شهر يناير إلى شهر مارس عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهذا بدوره يؤكد لنا بأن المجرمين الإلكترونيين لا يفوتون أبداً أي فرصة لإلحاق الضرر بنا. وفي خضم توجه جميع المؤسسات إلى نظام العمل عن بُعد ، نرى الدور الكبير الذي تلعبه حكومة المملكة العربية السعودية لخلق الوعي اللازم بأهمية الأمن السيبراني ، علماً أن هذه النقطة التي تنادي بها ليست بالمستجدة على قائمة أجندتها ، بل هي احدى الركائز الأساسية التي تقع في أعلى هرم أولويات الرؤية الوطنية 2030 الرامية إلى تطوير البنية التحتية الرقمية ، ونستطيع أن نرى ذلك جلياً من خلال الجهود التي تقوم بها الهيئة الوطنية السعودية للأمن السيبراني والمبادرات الرقمية الأخرى مثل مبادرة "العطاء" التي تشكل النواة الرئيسية لأنشطة المملكة الهادفة إلى حماية مجتمعنا من الهجمات السيبرانية ، يستوجب ذلك منا سواء كمنظمات أو أفراد رفع مستوى الوعي بالمسؤولية المشتركة التي تقع على عاتقنا تجاه الأمن السيبراني. والجدير بالذكر أن تقرير تريند مايكرو حول التوقعات الأمنية لعام 2020 كشف لنا الآثار المترتبة على اتباع نموذج العمل المكتبي عن بُعد ، والذي من شأنه أن يرفع من معدلات الهجمات على سلاسل التوريد ، في حين كشف لنا التقرير الأمني لعام 2019 الخاص بتريند مايكرو أن المملكة العربية السعودية وحدها شهدت حوالي 2.4 مليون هجوم خلال 12 شهرًا فقط. وبالنظر إلى ما طرحناه سلفاً فذلك يقودنا لنتيجة مفادها بأن الموظفين الذين يعملون من منازلهم داخل المملكة غير محصنين، ويعود ذلك لسببين رئيسيين يتمثل أولهما في كون الأجهزة لا تعتبر محمية بالشكل اللازم لردع الهجمات ، أما الأخر فيتمحور حول أهمية المملكة كوجهة مستهدفة ذات قيمة عالية من قبل المهاجمين. يستدعي ذلك الأمر اتباع الطرق الصحيحة لحماية إعدادات العمل عن بُعد ، حيث من الواجب على خبراء الأمن السيبراني تبنّي نهج متعدد الطبقات والمراحل يغطي الاحتياجات الأمنية لرسائل البريد الإلكتروني ؛ والشبكات ؛ والنقاط الطرفية ؛ والخوادم ؛ إضافة إلى أعباء العمل السحابية ، وذلك عبر جمع المعلومات الكافية عن تلك العناصر وإرفاقها بالأنظمة الأساسية المدعومة بتقنيات بالذكاء الاصطناعي، مما يوفر رؤية دقيقة تتسم في كونها شاملة ومتكاملة في الوقت الحقيقي لمنظومة تكنولوجيا المعلومات بِرُمّتها. وبالتالي يتيح ذلك نظاماً قادراً على إصدار قرارات مناسبة قادرة على تحقيق الاستجابة السريعة للحوادث ، وفي نفس الوقت ترفع مستوى أمان بيئة العمل وتضمن استمراريتها دون انقطاع. * نائب الرئيس لدى شركة "تريند مايكرو" في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا