كخطة بديلة لاستمرار تعليم طلاب وطالبات التعليم العام في المملكة العربية السعودية بدأت وزارة التعليم فور تعليق الدراسة كإجراء احترازي للوقاية من انتشار فيروس كورونا بتطبيق التعليم العام عن بُعد عبر خمسة خيارات تتمثل في قنوات عين ال 20 الفضائية وبوابتها الإثرائية ونافذة قنوات عين على اليوتيوب وبوابة المستقبل وتبذل على مدار الساعة جهودا كبيرة وحثيثة لتسجيل كافة طلاب وطالبات المملكة بمنظومة التعليم الموحد وقد حققت نسبة مرتفعة في ذلك ويتلقى حاليا الطلاب تعليمهم غير المتزامن عبرها. وأوضح عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود المتخصص في التعليم الإلكتروني أ. د. محمد الحارثي ل "الرياض"، أن تجاوب وزارة التعليم مع الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها القيادة - حفظها الله - للمحافظة على سلامة المجتمع من خطر تفشي فيروس كورونا ومن ضمنها تعليق الدراسة وتطبيق مبدأ التباعد الاجتماعي كان سريعاً، وقال إنها عملت على تقديم بدائل تعليمية لضمان استمرار العملية التعليمية سبقها تهيئة الميدان لهذا النوع الجديد من البدائل التي تقع تحت ما يسمى بالتعليم عن بعد مؤكدا أن وتيرة الاستعداد ارتفعت في زمن قياسي وقدمت حزمة من الحلول لمساعدة الطلاب والطالبات على مواصلة تعليمهم عن بعد. وذكر د. الحارثي بأن الوزارة لديها تجربة سابقة في مجال تطبيق البدائل التعليمية بمدارس النطاق الأحمر في الحد الجنوبي إضافة لمشروعات أخرى من أبرزها شبكة قنوات عين التعليمية وبوابة عين وبعض مشروعات التحول الوطني التي تعتبر من مشروعات رؤية المملكة 2030 مثل بوابة المستقبل ومشروع المدرسة السعودية الافتراضية المهم الذي انطلق بمبادرة مباشرة من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - وبتوقيع مع إحدى الشركات الأميركية لتطبيق هذا النوع من التعليم في المملكة وتعد مبادرة نوعية تؤسس لتعليم جديد في المملكة العربية السعودية. وتحدث عن تجربة المملكة في التعليم عن بعد بالتعليم الجامعي، وقال إن المملكة رائدة في هذا المجال حيث استخدمت هذا النوع من التعليم منذ أكثر من ثلاثين عاماً من خلال نقل المحاضرات عبر الشبكة من القسم الرجالي للقسم النسائي لافتا إلى أن جامعة الملك سعود وغيرها من الجامعات السعودية لها العديد من التجارب المميزة في هذا السياق، كما أن معظم الجامعات السعودية يوجد لديها عمادات خاصة بالتعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد وهناك الجامعة السعودية الإلكترونية خاصة بالتعلم الإلكتروني. العديد من التحديات وأبان د. الحارثي أن التعليم عن بعد يواجه العديد من التحديات منها تعزيز شبكة الاتصال عالية السرعة في بعض المحافظات والقرى والمناطق النائية وعدم جاهزية كثير من الأسر من حيث توفر الأجهزة الحاسوبية واللوحية ويزيد الأمر صعوبة كثرة أعداد الأبناء والبنات في المنزل الواحد، مشيرا إلى أن وزارة التعليم راعت ذلك وعالجته بعدة وسائل كبث الدروس عبر القنوات التلفزيونية والتعليم غير المتزامن والذي يتم خلاله تسجيل الدروس ورفعها على القنوات المخصصة بحيث يتمكن الطالب من الدخول في أي وقت ومن أي مكان. التعليم ما بعد كورونا وكمختص في التعليم الإلكتروني، قال د. الحارثي: إن تجربة التعليم عن بعد الحالية هي تمهيد لمرحلة التعليم ما بعد كورونا والتي ستكون ناجحة وأكثر تقدم بإذن الله وتساعد في التغلب على الكثير من المشكلات والعقبات التي تعيق التعليم المباشر الذي يتطلب حضور الجميع بنفس غرفة الصف مضيفا بأن تجربة التعليم عن بعد ستساهم بشكل كبير في تطوير عمليات التعليم والتعلم من حيث تطوير سياسات التعليم والمناهج وطرق التدريس والتقويم، وقال: أعتقد أن التعليم العام عن بعد سيستخدم مستقبلا على نطاق واسع وبجودة عالية وربما لن يكون بديلاً للتعليم التقليدي فقط بل سيكون جزءاً رئيساً من منظومة التعليم وتمهيداً لمرحلة جديدة ومتطورة من عمليات التعليم والتعلم التي تراعي الفروق الفردية بين الطلاب وتشجع تفريد التعليم والتنويع في استراتيجيات التعليم وتنمية مهارات التفكير لدى الطلاب لاسيما أن الجيل الجديد محب للتقنية ويستخدمها في حياته بشكل يومي ومستمر كما أنها فرصة كبيرة لتطوير عمليات الاختبارات وتنويع وسائل التقويم وعدم الاقتصار على الاختبارات التي اعتادت أن تقيس التحصيل الدراسي بطريقة واحدة وهي الاختبارات بعيدا عن جوانب مهارية وإدراكية عليا للطلاب مؤكدا بأن التعليم عن بعد سيعزز من قدرات بعض المدارس الصغيرة النائية من خلال مشاركة معلمين أكفاء في المدن الكبيرة بتقديم الدروس عن بعد وسيخفف من تنقل المعلمين والمعلمات بين المدن والقرى والهجر بشكل يومي والتي يواجهون خلالها الكثير من المخاطر والصعوبات. استثمار أوقات العاملين وأبان د. الحارثي بأن قطاع التدريب سيستفيد أيضاً من هذه الفرصة وسيستثمر أوقات العاملين في قطاع التعليم العام والجامعي في مجال التدريب والتطوير المهني وسيكون التعليم المستمر عن بعد إحدى الوسائل المهمة في هذا المجال. ونوه بالجهود الكبيرة التي بذلها المعلمون استشعاراً لمسؤوليتهم الوطنية في هذه الأزمة وإيماناً برسالتهم التعليمية العظيمة وذكر بأنهم بادروا بالانضمام لدورات تدريبية عن بعد للتعرف على هذا المجال وطرق التدريس والتقويم من خلاله لتقديم التعليم لأبنائهم الطلاب والطالبات على أكمل وجه، واستشهد بحضور أكثر من 400 معلم ومعلمة تطوعا من تلقاء أنفسهم لدورة تدريبية افتراضية قدمها من خلال المركز التربوي للتطوير والتنمية المهنية بكلية التربية بجامعة الملك سعود. ويختم حديثه بقوله في ظل الدعم غير المحدود من قبل حكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد - حفظهما الله - حيث يحظى التعليم بأكثر من ربع ميزانية الدولة لدى تعليمنا العديد من الفرص للتطوير والنمو السريع ليصبح منافسا عالميا ويقوم بإعداد المواطن الصالح الذي يبني وطنه ويطوره ويسهم في نهضته ويدافع عنه. استقرار نفسي وأسري بدورها، قالت مديرة إدارة التطوير في الإدارة العامة لتقويم المناهج د. فهدة بنت عبدالرحمن: إن الاهتمام الكبير الذي أولته وزارة التعليم للطالب خلال هذه الفترة بتوفير خيارات إلكترونية متعددة وميسرة يبشرنا بأن العودة للعمل لن تتأثر بالانقطاع وسنعود بنفس الروح والآلية المميزة لتجويد وتحسين نواتج التعلم الذي سعت وتسعى الوزارة جاهدة لتحقيقه وأضافت نعلم أن التعليم العام عن بُعد خطوة ما زالت في المهد وهي إحدى أهم طرق التعليم الحديثة والوزارة حريصة أشد الحرص على الاعتناء بها وتيسيرها وتطويرها بما يحقق الأهداف المنشودة. وتحدثت مديرة إدارة الإرشاد الطلابي بتعليم منطقة جازان مريم عطيف عن تهيئة الطلاب والطالبات وكذلك الأُسر لهذه المرحلة، فأوضحت أنه تم تشكيل لجنة مركزية برئاسة المدير العام للتعليم بالمنطقة وعضوية أصحاب الاختصاص تعمل على مدار الساعة لتقديم التهيئة والدعم في جميع المجالات وعلى جميع الأصعدة التي تخدم العملية التعليمية في الوقت الراهن مضيفة أنه تم إعداد خطة للتهيئة الإرشادية وظفت كافة وسائل التواصل الاجتماعي المتاحة لتهيئة الأُسر والطلاب وقالت لقد أسهم ذلك بفعالية عالية في تحقيق التوافق النفسي والاجتماعي والتربوي لهم وعن تقبل الأهالي للانتقال المفاجئ للتعليم عن بُعد عبر قنوات ومنصات التعليم المختلفة قالت لقد شهدت المملكة خلال الأعوام القليلة الماضية ارتفاعا ملحوظا في استخدام الإنترنت لأسباب في مقدمتها البحث عن المعلومة في مجال التعليم وفي ظل التعاملات الإلكترونية السائدة والنمو المتسارع لتطبيقات التقنية في التعليم لم يكن الأمر مستهجنا أو غير مقبول لدى كافة شرائح المجتمع على اختلافها. وذكرت بأن احتمالية حدوث ضرر نفسي للطلاب غير وارد وقالت إن تلقيهم للتعليم يتم في جو آمن يدعم الاستقرار النفسي والأسري وبينت أنه بالملاحظة والمتابعة وجد أن التعليم عن بعد لقي قبولا كبيرا من المجتمع والميدان، وأكدت عطيف أن العمل من قبل الوزارة جارٍ لمعالجة التحديات والصعوبات، وأن سياسة التعليم في ظل الحكومة الرشيدة تعمل دائما على إعداد الخطط والبدائل لكافة المستجدات كما صرح بذلك وزير التعليم في وقت سابق. وتطرقت عطيف للعائد على طلابنا وطالباتنا من التعليم عن بعد فقالت هو مواكبة للتطور السريع وسهولة في الحصول على المعلومة وحفظها وتكرارها كما وأنه يُمكن من تخطي الأزمات بأمان ومن دون أي فاقد كبير يذكر لافته إلى أنه يعطي الأسرة المجال الأكبر والمباشر في متابعة الأبناء وتعزيز مفهوم بناء الشخصية وإدارة الذات وتحمل المسؤولية لدى النشء بالإضافة إلى رفع مستوى الانتماء والحس الوطني والولاء لولاة الأمر والوطن كافة.