كشف فيروس كورونا سلوكيات مجتمعية سلبية، أخرجت أسوأ ما في الطبيعة الإنسانية بعد إعلان قرار منع التجول في مناطق ومحافظات المملكة، وفضح "مسرح كورونا" الدوافع النفسية والاجتماعية غير السوية لمرتكبيها، بدءاً من الدوافع السياسية، والدوافع الإجرامية لبعض المقيمين على أراضي المملكة، وصولاً إلى ضعف في الثقافة الأمنية والصحية والدينية لفئات من المواطنين لا يشكلون ظاهرة اجتماعية، نسبة إلى عدد السكان في تلك المناطق والمحافظات التي سجلت فيها المخالفة. وعبّر المخالفين لقرار منع التجول عن مخالفاتهم لقرار المنع بطرق وأساليب مختلفة تحكي حالهم وتروي قصصهم اليومية، ببثها عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي، في مشاهد فوضوية تؤكد تورط أصحابها بمخالفة التعليمات واللوائح والأنظمة، مستوجبةً تلك المشاهد والقصص السخيفة الجهات الأمنية للقبض عليهم، وإحالتهم إلى جهات التحقيق، وتطبيق العقوبات المقررة بحقهم، التي أعلن عنها مسبقاً في وسائل الإعلام الرسمية، وعبر الشبكة العنكبوتية، بلغات مختلفة، تناسبت مع جميع الفئات العمرية، والثقافية ولذوي الاحتياجات الخاصة أيضاً. أسوأ ما في الحوثية وسجل مؤشر مخالفات منع التجول استغلال جائحة كورونا لتحقيق أغراض سياسية من قبل الحوثية بإطلاق صواريخ بالستية على المملكة، تسبب في إصابة مدنيين اثنين بجروح طفيفة في الرياض جراء تناثر شظايا الصاروخ الحوثي بعد اعتراضه وإسقاطه، لتؤكد الحوثية بذلك السلوك غير الإنساني، واستغلال أزمة الوباء في تحقيق أهدافها السياسية، في وقت ينشغل فيه العالم بمواجهة مخاطر كورونا وبمتابعة مستجداته، لترفض الحوثية الدعوات العالمية لإيقاف الصراعات والحروب في هذه الأوقات الحرجة التي يمر بها العالم، وهو استهداف متعمد للمدنيين في المملكة، واستهداف لوحدة وتضامن دول العالم خاصةً مع الظروف الاستثنائية العالمية في مواجهة فيروس كورونا، ويعبّر عن سلوك إجرامي حوثي يخالف الدعوات الرامية لوقف إطلاق النار أو السلام، التي يدعو لها المجتمع الدولي للتعامل مع أزمة فيروس كورونا التي تواجه العالم أجمع، ولتكشف الحوثية بسلوكها الإجرامي للعالم تجردها من أي أفعال إنسانية، وعدم تفريق السلوك الحوثي بين الكوارث ووقت الحرب والصراع. دون حياء فيما لوحظ مشاركة الجانب الأنثوي في عروض مسرح كورونا بمشاركة نساء بنسبة ضعيفة دون حياء، من بينهن امرأتان مواطنة وأخرى مقيمة، ظهرت إحداهن في تسجيل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تتحدث عن إصرارها على عدم الامتثال للتعليمات الخاصة بمنع التجول والتباهي بفعلتها. وبرزت الجرائم الخطرة المهددة للصحة العامة، والجرائم المالية لدى شريحة المقيمين من جنسيات مختلفة دون ظهورها لدى شريحة المواطنين المتورطين في تلك المخالفات الذين ركزوا على تصوير حياتهم اليومية دون مبالاة بعقوبة المخاطر الصحية، والعقوبات الجزائية، حيث استغلت فئة من المقيمين جائحة كورنا في تحقيق جرائم اقتصادية بهدف الكسب السريع للمادة، ويظهر ذلك في الجرائم المسجلة كجرائم الغش التجاري في الواقيات والمعقمات الطبية، ورفع الأسعار، بهدف الكسب السريع. مقيم معتوه وكما هو في تصرّف المقيم الباصق في الدجاج بمنطقة مكة، والمقيم المتمادي بفتح علب المياه والشرب منها في أحد الأسواق التموينية، والباصق في عربات المتسوقين في موقع ثالث، تعكس تلك السلوكيات الشاذة لمرتكبيها عن استعدادات تكوينية لدى مرتكبيها، وضعف في القدرات العقلية لدى مرتكبها، وهي عدم توافق صاحبها مع البيئة المحيطة به والتي يعيش فيها، مما جعله محركاً للسلوك الشاذ بالخروج على السلوك السوي بالمجتمع والتمرد عليه بإتيان السلوك الجرمي بالبصق في الدجاج، مما كان سبباً في دفع الفرد إلى الفعل الإجرامي، وهو ما قد يسبب الفعل الجرمي في تفشي المرض الجديد أو إصابة جديدة ناتجة عن البصق، وتهويل وتخويف وإرجاف للمشاهدين للمقطع المنشور. صراع نفسي وكما يبدو في حالة المقيم المتورط في قضية فتح المياه وشربها لتخويف المتسوقين بعد نشرها في مواقع التواصل الاجتماعي لإرسال رسالة مفادها عدم التزامه بالأنظمة ومحاولة إخراج ما لديه من كبت وصراع نفسي مكبوت، لتعبر جريمته عن طاقة غريزية كامنة في اللاشعور تبحث عن مخرج وهي غير مقبولة اجتماعياً لدينا خاصة في هذه الظروف، وعن شخصية غير متكيفة لوضعها الراهن، فخرج هذا السلوك وسلوكه بتعبير مباشر عن حاجاته الغريزية وتعبير رمزي عن رغباته المكبوتة، وهذا بلا شك نتاج عن ذات ضعيفة وكبت لما يعيشه في بلاده من صراعات سياسية وأزمات اقتصادية كانت مكبوتة ليجد الفرصة في إخراجها، فهو كما يلحظ يمتلك القدرة العقلية ولا يعاني من اعتلال جسدي. وتدخل المشاركة بالنمط الجرمي الباصق على عربات المتسوقين في تفسيرنا لسلوكه الجرمي بوجود ضعف في القدرات العقلية لدى مرتكب هذه الجائحة وهي عدم توافق صاحبها مع البيئة المحيطة به والتي يعيش فيها، مما جعله محركاً للسلوك الشاذ بالخروج على السلوك السوي بالمجتمع. مخالفة الحلاقين وساهم المقيمون من جنسيات مختلفة ممن يعملون في مهنة الحلاقة بمخالفة قرار منع العمل واستغلال الحدث بالترويج لعملهم مقابل الحضور للمنازل بأسعار باهظة، ومخالفة تحذيرات الجهات الأمنية والصحية، الداعية لمنع ممارسة المهنة، والاختلاط، بهدف الكسب المادي السريع، والمساهمة في نشر المرض. غير مبالين فيما ألمحت المؤشرات المسجلة للمواطنين المخالفين لقرار منع التجول عن أسباب ارتكابهم لمخالفة قرار منع التجول، عن ضعف في الذات وحب الفضول وتدني الثقافة الصحية بمخاطر الفيروس الناتجة عن مخالفة قرار المنع، حيث انحصرت مخالفات المواطنين لقرار المنع التجول في الخروج وقت منع التجول في الشوارع بالمشي، أو بواسطة السيارة، وجلب الحلاقين للمنازل، والتعبير عن طقوسهم الدينية من خلال ربطها بالحدث والإرجاف، ونشر مقاطع كاذبة متباهين بشرب محلول لمادةٍ منظفةٍ عالية التركيز، ونشرها دون اكتراث بالعواقب وخطورة تأثيره على النشء، ومواطن يروج الشائعات عن أعداد الحالات المصابة بفيروس كورونا في بعض المحافظات، وثالث يصور عددًا من الأرفف الفارغة في أحد المحلات التجارية، مدعياً خلوها من السلع الغذائية، ومنهم من ينشر مقطعاً يتضمن إساءةً وانتقاصاً للجهود الكبيرة التي يقدمها العاملون والممارسون من منتسبي الكادر الصحي، ورجال الأمن، بأسلوبٍ ساخر ومتهكم، وتوثيق يومياتهم ونشرها عبر منصات التواصل الاجتماعي، والعديد من المقاطع لمن يخرجون وقت منع التجول متباهين بخروجهم، أو جلبهم للحلاقين لمنازلهم واستراحاتهم الخاصة. وساهم العادات الاجتماعية القديمة لمرتكبي مخالفات منع التجول، ككثرة الخروج سابقاً من المنزل للمشاركة بالمناسبات الاجتماعية، وممارسة بعض الهوايات مثل التجمع في الاستراحات لدى شريحة الشباب، والترحال، وكثرة التسوق، وارتياد المطاعم والمقاهي، وفعليات الترفيه، والسفر للخارج، على عدم مقاومة المخالفين لتلك العادات القديمة ومحاولة ممارسة الممنوع منها، من خلال تصوير مخالفاتهم غير مبالين بالمخاطر الصحية، والعقوبات الجزائية المترتبة على ارتكاب الفعل الجرمي. تاريخ تطوري ولا بد أن نشير أن مثل تلك السلوكيات السلبية وأنماط الجرائم نشأت على مر التاريخ بالعديد من المراحل المختلفة قبل الوصول لِما هو عليه الآن، فنشأت أولًا الأسرة، ثم بعد ذلك ظهر ما يسمّى بالعشائر، حيث كان لهذه الأخيرة العديد من العادات والتقاليد التي تحكمُها، وحظيت الجريمة آنذاك بقدرٍ كافٍ من الاهتمام على المستوى المحلي داخل كل مجتمع، وعلى المستوى العالمي بين الدول، فالجريمة ظهرت مع ولادة الإنسان منذ القدم، وبحكم الرابطة الدموية التي كانت تجمع بين الأسَر، اعتُبِر أنّ أي اعتداء يقع على أي فرد من أفراد الأسرة، أو أي أعتداء يقع من الفرد تجاه المجتمع، جريمة، وبعد ظهور مفهوم الدول وضع حدّ لهذه الجرائم، وذلك بإيقاع العقوبة المناسبة على أي شخص يقدم على ارتكبها. استوجبت العقوبة ومن الأسباب التي استوجبت إيقاع العقوبة على المتورطين في تلك السلوكيات ارتكابهم للمخالفات حيث تورط المخالفون بارتكاب الجنح: والتي تعد من الأفعال التي تقع بالمنتصف بين الجنايات والمخالفات، فهي تعد أقل جسامة من الجنايات وأكثر جسامة من المخالفات، وقد رتبت العديد من العقوبات المقابلة للأفعال الجانحة كالسجن والغرامة، ومن الأمثلة على الأفعال التي تصنف على أنها جنحة، التخريب لممتلكات الآخرين، والسرقة غير الموصوفة، والغش التجاري، واستغلال الأزمة لرفع الأسعار، والسلوكيات المخالفة للسلوك الإنساني، مثل البصق في المواقع لنشر المرض، ونشر العدوى عبر الأطعمة، ومخالطة المصاب للمتعافين بغرض نشر العدوى، وكذلك نشر العدوى عبر الأطعمة، ومخالطة المصاب للأسوأ بغرض نشر العدوى. وتعد المخالفة من الأفعال المخالفة للقانون لكن أقلها جسامة من الجنايات، ويُقابلها عقوبات تتناسب مع تلك المخالفات، كالسجن لمدة أقل من مدة السجن في الجنح أو الغرامة المالية، ويدخل فيها نشر الإرجاف الديني، ومخالفة التعليمات والأنظمة المعلنة مثل الخروج أوقات فترات منع التجول، وجلب بعض المهن الممنوع التعامل مثل التعامل مع الحلاقين في هذه الظروف، وعدم الإبلاغ عن المصابين القادمين من الخارج، أو المصابين بالداخل، وكذلك الدعوة لحضور التجمعات، وإقامة المناسبات الاجتماعية بالمنازل والاستراحات، وحضور مواقع العزاء، ومحاولة الخروج من المدن الممنوع الخروج منها، أو الدخول للمدن والقرى الممنوع الدخول لها الحضور، إضافةً إلى التخويف والإرجاف من خلال نشر الرسائل والشائعات، وغيرها من الأساليب الإجرامية، إلى جانب التقليل من جهود الجهات الأمنية أو الصحية في مكافحة المرض من خلال صنع محتوى إعلامي أو صور أو نشر شائعات هدفها النهائي التقليل من تلك الجهود وإظهارها بصور غير صحيحة. أفعالهم جنت عليهم وقد استوجبت أفعال المتورطين في جائحة كورونا العقوبة لتوفر أركان الجريمة ومنها: الركن القانوني والجنائي والمادي، فالقانوني: مستمد من مبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، ويقصد بذلك وجود نص في القانون يجرم الفعل الذي ارتكبه الشخص حتى تقوم مسؤوليته الجنائية، ومن ثم إيقاع العقوبة المناسبة عليه، وقد بذلت النيابة العامة في المملكة جهوداً في التوعية بما يخص الركن القانوني منذ بداية حدوث جائحة كورونا من خلال النشرات التوعوية، والتحذيرية، حيث أكد النيابة العامة في هذا الإطار عدة رسائل توعوية بلغات متعددة أكدت من خلالها أنه بناءً على ما تصدره الجهات المعنية ذات الاختصاص من قرارات وتعليمات تروم إلى رفع حصانة الإجراءات الاحترازية وتمتين مناعة التدابير الوقائية بشأن فايروس كورونا عطفاً على ما توصي به الجهة المختصة بمتابعة الفيروس وتقييم مؤشرات خطورته في المملكة، وأن هذه القرارات والتعليمات تأتي في إطار ظرف استثنائي تمر به دواعي سلامة الصحة العالمية والمتعلقة بالحرص على حماية صحة المواطنين والمقيمين وضمان سلامتهم في المقام الأول، وأنه حال تعمد مخالفة هذه القرارات والتعليمات من قبل المعنيين بتطبيقها فإن هذا الحال مُوجبٌ للمُساءلة الجزائية ومطالبة المحكمة المختصة بإيقاع عقوبة تعزيرية بحق الجاني. جرائم الخطر وأكدت النيابة في تصريحاتها أن مثل هذه السلوكيات تُعد من قبيل جرائم الخطر لا من جرائم الضرر، أي أنه يحظر إتيان مخالفة الأمر الوارد بشأنها ولو لم يترتب على ذلك ضرر ويكفي لقيام المسؤولية الجنائية تجاهها خشية وقوع الضرر المتنبئ بشأنها المهدد للصحة العامة في ظل تهيؤ بيئة خصبة لانتقال فيروس كورونا الجديد بشكل سريع وفعَّال، مُهيبةً بالجميع التحلي بروح الطمأنينة والسكينة الوعي التام وأن يتفهم أن هذه الإجراءات استباقية تحصينية للحيلولة دون وقوع ما يمكن أن يؤثر على الصحة العامة، مما يقتضي تكاتف الجميع ومضاعفة المسؤوليات في الاستجابة لهذه التحديات في وقت مبكر لتعزيز إجراءات الوقائية من هذا الفيروس، مُشددةً على وجوب الالتزام بتنفيذ القرارات الصادرة من الجهات ذات العلاقة خصوصاً المتعلق منها بمنع الاجتماعيات وإقامة المناسبات مظنة احتمال انتقال وباء كورونا، حرصاً على حماية صحة المواطنين والمقيمين، والتزاماً بالإجراءات والوقائية الاحترازية الضرورية نأياً بالنفس عن المساءلة الجزائية. مادي ومعنوي وبالعودة إلى أركان الجريمة فالركن المادي: هو الفعل أو السلوك الذي يقوم به الشخص ويجرمه القانون الجنائي ويرتب على القيام به عقوبة، ولهذا الركن ثلاثة عناصر أوّلها الفعل الجرمي، وثانيها الأثر الجرمي الذي نتج عن الفعل الجرمي، وأخيرًا العلاقة السببية وهي التي تربط الفعل الجرمي بالنتيجة التي حصلت أي لولا الفعل لما حدثت الجريمة، أمّا الركن المعنوي: وهو الركن المرتبط بإرادة الجاني ونيته، أي أن يكون الجاني حرًا مختارًا للقيام بجريمته، دون أن يكون تحت تأثير أي إكراه أو إجبار، وهذا يتضح في سلوك جميع المتورطين في الأفعال التي أوجبت القبض على المتورطين في تلك المخالفات والسلوكيات السلبية والإجرامية.