المملكة منذ تأسيسها على يد - المغفور له بإذن الله - الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن – طيب الله ثراه - وعلى تعاقُب ملوكها من بعده، أولت الإنسان جلّ اهتمامها، ووضعته في رأس أولوياتها وخططها واستراتيجياتها المستقبلية، ولم تكتفِ بتأمين رغد عيشه ورفاهه واستقراره، بل جعلت من الحفاظ عليه وصون كرامته وصحته في قلب تلك الاهتمامات، وباستدعاء التاريخ نجد أن المؤسس العبقري، وبحسّه القيادي والسياسي والإنساني أيضاً أدرك مبكّراً أن الرهان الحقيقي على العلم، وأنه طريقنا نحو مجابهة الأوبئة والأمراض المعدية، التي كانت تفتك بالناس وقتها مثل الجدري والحصبة وغيرهما من الأمراض المعدية؛ حيث وجه الملك عبدالعزيز بتأسيس مصلحة الصحة والإسعاف العامة، التي تهدف إلى توفير لقاحات وأمصال ضد الأوبئة والأمراض المعدية مثل لقاح الجدري وعلاجات الملاريا؛ لحفظ أرواح المواطنين وضيوف الرحمن من حجاج ومعتمرين. اليوم تتواصل رحلة البحث واستثمار العقول والمعرفة والإنسان في خدمة المواطن والمقيم والزائر، فقد شهدنا اليومين الماضيين إعلان مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بالشراكة مع وزارة الصحة والمجلس الصحي السعودي والمركز الوطني للوقاية من الأمراض ومكافحتها «وقاية « إطلاق المسار السريع لدعم البحوث العلمية لمواجهة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وجاء في حيثيات هذه الخطوة أنها تأتي «سعياً نحو تعزيز وتكثيف الجهود الوطنية الرامية إلى الحد من انتشار هذا الفيروس، وبهدف توفير الدعم للمؤسسات البحثية بالمملكة لتطوير آليات الكشف والرصد للفيروس المسبب لمرض كورونا المستجد بشكل دقيق وسريع واقتصادي وفق أعلى المعايير البحثية والعلمية». لا يملك المتابع لهذه الخطوات العظيمة إلا أن يشعر بالفخر بهذه القيادة التي آلت على نفسها تقديم ودعم كل ما من شأنه النهوض بالوطن والمواطنين، وما دعم قطاع البحث والتطوير إلا تجسيد لهذه الرعاية التي تهدف إلى حفظ وصون الوطن وإنسانه والمقيم به والزائر له على مدار العام. الخطوة الوطنية التي انتهجتها مدينة الملك عبدالعزيز رائدة وتتماشى مع حرص وتوجيه القيادة ضمن مسار التصدي الفاعل لخطر انتشار فيروس كورونا (كوفيد-19) في المملكة وضمن حزمة برامج البحوث الموجهة التي تدعم منظومة البحث بالمملكة لتطوير الاختبارات التشخيصية للفيروس وتطوير الفحوصات المناعية (المصلية)، إلى جانب دعم البحوث المسحية الوبائية، وأنظمة الذكاء الصناعي والترصد الجيني النشط لفيروس كورونا المستجد. ويبقى التأكيد أنه لا خوف ولا قلق من المجهول والمستقبل - بإذن الله - ما دام أنّ قيادة بهذه الحنكة والحصافة والاستشراف للمستقبل تقود بلادنا العظيمة.