وطننا الآن في مرحلة اختبار مهمة شأننا شأن كل بلاد العالم، وبدلًا من أن ينشغل بذاته أو يركز على مواطنيه الذين يحملون جنسيته فقط، ها هو التوجيه السامي الإنساني الذي يعجز أمامه كل تعليق ، وها هي بلادي قيادة وشعبًا تعشق كل إنسان يعمل عليها.. في الوقت الذي يهتز فيه العالم أمام جائحة فيروس كورونا القاتل، وما تبعه من أحداث مؤسفة وفي ظل حالة الخوف والإحباط؛ يأتى قرار إنساني من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله - وبمتابعة من ولي عهده الشاب الإنسان محمد بن سلمان؛ وإطلاق المملكة مبادرة العلاج المجاني لجميع المواطنين والمقيمين ومخالفي الإقامة بدون أي تبعات قانونية على مخالفي نظام الإقامة ممن تثبت إصابتهم بفيروس كورونا covid-19 دون مساءلة قانونية أو عقوبات، ليس ليعطي جرعة تفاؤل واطمئنان، أو استشعارًا بأهمية صحة الإنسان.. ولكن ليكون قرارًا يعطي درسًا بالغ الأهمية للإنسانية كلها. وأغلبنا - إن لم يكن كلنا - قد أدركنا حقيقة الحياة المادية التي يعيشها العالم وبالذات في الغرب المتقدم، وأيضًا بعض الدول الأخرى، حيث تخلت بعضها حتى عن مواطنيها في العلاج من الفيروس أو حتى اتخاذ الإجراءات العاجلة لمواكبة أزمة العدوى الفائقة، وقرأنا وسمعنا عن دعوات لإهمال كبار السن بزعم التخلص منهم والإبقاء على الشباب، وقرأنا ما تردد من أنباء عن مزاعم بالتخلي عن المصابين من ذوي الإعاقة أو التوحد، لنجد أنفسنا أمام أزمة أخلاقية تضرب مصداقية المدنية الحديثة بهذه السطحية المخجلة. وهنا، تكون قيمة القرار الإنساني والتاريخي لخادم الحرمين الشريفين، الذي أعلنه مؤخرًا معالي وزير الصحة، الدكتور توفيق الربيعة، في مؤتمر صحافي، ليضيف إلى جملة المواقف الإنسانية التي تتبوأها المملكة طيلة تاريخها الناصع والمشرف، رصيدًا آخر يختلف في معناه وفي مغزاه وفي قيمته أيضًا.. وفي وقت تتخلى فيه بعض الأمم عن أخلاقها الزائفة ومدنيتها السطحية فيما يلوذ آخرون - ونحن في مقدمتهم - بمخزون أخلاقهم ومعدن جوهرهم وقت الظروف الصعبة. الأمر الملكي الكريم يؤكد في جوهره حرص القيادة على سلامة كل شخص يعيش على الأرض السعودية بغض النظر عن كونه مواطنًا أو مقيمًا أو زائرًا أو سائحًا أو عابرًا، بما يعني التركيز على أهمية رعاية العنصر البشري بغض النظر عن المخالفات؛ لأن الأولوية للإنسان أولاً، وكذلك عدم إتاحة الفرصة لاستغلال أزمة كورونا ماديًا للتكسب منها؛ أي أن الرعاية الطبية والاهتمام الصحي حق للجميع دون أفضلية أو تمييز أو تفرقة. الآن، وفي ظل هذه الأزمة التي تعصف بالعالم، وبالتزامن مع التوجيهات الملكية الكريمة والإنسانية تكون المهمة الكبرى التي تقع على عاتق كل من يعيش تحت سماء هذه البلاد الطيبة، الالتزام بالإجراءات الوقائية الرسمية المعلنة من أجل السيطرة على الفيروس الفتاك وعدم السماح بتفشيه أكثر. وهنا يأتي دور الوعي المجتمعي الذي يبدو أنه الضرورة القصوى كحالة تعبوية عامة في مواجهة التحدي الفيروسي الراهن، وهذه هي المسؤولية الجادة لكل مواطن ومقيم التي لا ينبغي التخاذل عنها أو الاستهانة بها أو تجاهلها؛ إذ ليس من المقبول أبدًا عدم الانصياع لضرورات الوقاية المفروضة.. ولعلي هنا أشيد بالالتزام الهائل الذي أبداه المواطن السعودي والتماشي مع كل إجراءات حظر التجوال والعزل المنزلي ومنع الاختلاط والتجمعات المعروفة. وطننا الآن في مرحلة اختبار مهمة شأننا شأن كل بلاد العالم، وبدلًا من أن ينشغل بذاته أو يركز على مواطنيه الذين يحملون جنسيته فقط، ها هو التوجيه السامي الإنساني، الذي يعجز أمامه كل تعليق ، وها هي بلادي وها هي السعودية قيادة وشعبًا تعشق كل إنسان يعمل عليها.. إنها تترجم إنسانية ملك لخدمة الإنسانية بدون مصالح.. وها هي المملكة كعادتها واحات نخيلٍ.. تمد يد العطاء بلا ضجيج.