من المتوقع أن يحقق القطاع المصرفي في المملكة أداءً إيجابياً وأرباحاً مميزة هذا العام، وذلك بفضل المبادرات والإجراءات الاستباقية التي اتخذها صناع القرار في المملكة، وفقاً لتقرير حديث أصدرته كي بي إم جي الفوزان وشركاه، المتخصصة بالمراجعة والضرائب والاستشارات، حول أداء القطاع المصرفي لعام 2020. واعتبرت كي بي إم جي، أن قرار حكومة المملكة القاضي بدعم القطاع الخاص بمبلغ 50 مليار ريال لتمكينه من تعزيز النمو الاقتصادي لدعم جهود الدولة في مكافحة فيروس كورونا وتخفيف آثاره المالية والاقتصادية المتوقعة، سينعكس إيجابا على دعم وتمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، بصورة خاصة وعلى أداء القطاع المصرفي بصورة عامة، كما يمثل دعما كبيرا للقطاع الخاص. واعتمد التقرير على تحليل المؤشرات المالية الرئيسة في المملكة، حيث يعد هذا التقرير الأول الذي يضم تحليلًا لأداء جميع المصارف المدرجة ضمن قطاع البنوك في «تداول» خلال العام 2019، والبالغ عددها أحد عشر مصرفًا. وتناولت كي بي إم جي في تقريرها أبرز القضايا على صعيد القطاع المصرفي العالمي وآثارها المتوقعة على المصارف السعودية، ومن بينها: حلول التكنولوجيا المالية، وأنشطة الاندماج والاستحواذ، وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وإعادة جدولة الديون، بجانب الإجراءات القانونية المتبعة لمكافحة غسيل الأموال، وتكاليف مكافحة الإرهاب وضريبة القيمة المضافة. وفي هذا السياق، قال خليل إبراهيم السديس، الشريك المدير لمكتب كي بي إم جي في الرياض: «تحرص المملكة على بناء قطاع مصرفي قوي في إطار برنامج تطوير القطاع المالي الذي تتبناه وفقًا لرؤية المملكة 2030، وذلك من خلال تحديد أهداف واضحة للقطاع، مع توفير المقومات والبنية التحتية الضرورية لتحقيق هذه الأهداف». وأضاف: «على الرغم من تراجع الإقبال على القروض والاكتتاب في أدوات الدين خلال السنوات الأخيرة، إلا أنّ البنوك السعودية قد نجحت في تحقيق أداء إيجابي يؤهلها بقوة للاستفادة من النمو الاقتصادي المتوقع والتطور التكنولوجي المستمر». وفي ذات السياق، قال أوفيس شهاب، رئيس قطاع الخدمات المالية لدى كي بي إم جي في السعودية: «على الرغم من التحديات الإقليمية والدولية، فقد استطاعت المصارف السعودية أن تسجل أداءً جيداً خلال 2019، حيث ارتفع إجمالي أرباح القطاع قبل خصم الزكاة والضرائب بنسبة 4.5 في المئة، خلال العام نفسه؛ ما يؤكد قدرة القطاع على مقاومة التحديات العالمية المتلاحقة، في الوقت نفسه حقق إجمالي الأصول نمواً بنسبة 12 في المئة، إلى 652 مليار دولار؛ وذلك انعكاس لنمو الطلب على القروض». على الجانب الآخر، أشار تقرير كي بي إم جي إلى ارتفاع المخاطر والخسائر الائتمانية بنسبة 12 في المئة، وذلك نتيجة لزيادة الطلب على القروض من جهة، وصفقات الاندماج والاستحواذ من الجهة الأخرى. وأشار التقرير أيضًا لارتفاع نسبة كفاية رأس المال بنسبة هامشية، بلغت نحو 0.9 في المئة، لكنها ما زالت أعلى من الحد الأدنى للمعدلات المستهدفة، فيما سجلت نسبة التغطية تراجعًا من 168 في المئة، إلى 160 في المئة، وذلك انعكاس لتحسّن الجودة الائتمانية. وتوقع التقرير ارتفاع الطلب على القروض في العام 2020 انعكاسًا لارتفاع الطلب على تمويل المشروعات والتمويل العقاري، حيث سيساعد هذا الارتفاع على تعويض الخسائر الناتجة عن تراجع هامش الربح بسبب فروقات الزكاة وتكاليف الضرائب، مبيناً أنه في الوقت نفسه ما زال مستوى رأس المال أعلى من الحدود المستهدفة؛ مما يتيح التوسع في الإقراض، وسيظل الرهن العقاري المحرك الأكبر للائتمان. وتتجاوز المنشآت الصغيرة والمتوسطة بين الفينة والأخرى محنها بفضل جهود الدول وإجراءاتها السليمة تجاه ذلك القطاع العريض، والذي يمثّل 90 %، وحول ذلك، أكد إقتصاديون، أن ال 50 مليارا «جات في وقتها الصحيح»، وذلك الدعم هو لمساعدة القطاع الخاص في تخفيف آثار فيروس كورونا (COVID-19) . وفي هذا الاتجاه، أكد الاقتصادي علي المزيد أن برنامج ال 50 مليار ريال والذي أعلنته مؤسسة النقد، يستهدف دعم القطاع الخاص، خاصة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتمكينها من القيام بدورها في تعزيز النمو الاقتصادي لدعم جهود الدولة في مكافحة فيروس كورونا (COVID-19) وتخفيف آثاره المالية والاقتصادية المتوقعة. وأشار، «المبلغ المعد» هو قرار إيجابي ومتوقع من الحكومة لإنقاذ المنشآت الصغيرة والمتوسطة من توقف أعمالها، وإعادتها للحياة من جديد، لاسيما، وأن الحكومة السعودية كانت أكثر سرعة في اتخاذ القرارات المناسبة في محاصرة ومواجهة أزمة «كورونا». وقال: محاصرة «الفيروس» بهذا الشكل، سيحافظ على الاقتصاد المحلي، وسيعيد الانتعاش الاقتصادي في فلك المنشآت الصغيرة والمتوسطة. وتابع الاقتصادي ناصر القرعاوي، الجميع أصبح لديه وعي وإدراك بأن الدولة قريبة من «القطاع الخاص» بشكل كبير وذلك بفضل التجارب والخبرات تجاه إدارة الأزمات، وحينما صدرت توجيهات الحكومة إلى مؤسسة النقد بضخ ال 50 مليار إلى الأوعية المالية لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، لأنها تشكل 90 % من مسارات التنمية الاقتصادية على مستوى المملكة سواء داخل المدن الرئيسة أو المناطق الأقل تواجدا بالمشروعات الكبيرة. وبين، الدور الذي قامت به الدولة تجاه المنشآت هو لتعزيز الثقة فيما يتعلق بالإنتاج الوطني وعدم تأثير ذلك في برامج الرؤية أو المساس بالاستقرار الاقتصادي والتمويلي والتنموي في المملكة، مشيرا، أن الإجراءات المالية التي قامت بها الدولة والمتمثلة في خفض حدة الضغط على أصحاب القروض والعلاقات المالية السابقة بين المصارف والقطاع الخاص وإعطائهم مهلة، هو أمر إيجابي بحد ذاته. وقال: المنشآت الصغيرة هي من تشكّل دائما النمو السريع في مساراتها، وما قامت به الحكومة من خلال تلّمس مفاصل الاقتصاد تجاه دور المؤسسات المالية والقطاع الخاص يتمثّل في عدم تأثره، علما، أن المملكة تعتبر من أقل دول العالم من حيث الخسائر الاقتصادية، خاصة وأن أزمة «كورونا» أثّرت تأثيرا كبيرا لكافة القطاعات في دول العالم سواء في المؤسسات المالية ومؤسسات الإنتاج والخدمات. من جانبهم أكد الاقتصادي د. سالم باعجاجة، أن جزءا من ال 50 مليار ويبلغ 30 مليارا سيذهب لتسديد مستحقات الشركات وجزء آخر سيمكّن المنشآت الحصول على تمويل من خلال البنوك، على شكل دفعات، وبين، أنه بفضل تلك الإجراءات أتوقع تحسّن أحوال تلك المنشآت تدريجيا، خاصة وأن القطاع الخاص في المملكة يتمتع بتنوّع المسارات الاقتصادية، وذلك الدعم هو لتخفيف أعباء تذبذب التدفقات النقدية ودعم رأس المال العامل لهذا القطاع وتمكينه من النمو خلال المدة القادمة والمساهمة في دعم النمو الاقتصادي والمحافظة على التوظيف في القطاع الخاص.