رصد تقرير صدر مؤخراً عن مجموعة البنك الدولي بعنوان "المرأة، أنشطة الأعمال، والقانون 2020"، إحراز المملكة العربية السعودية لتقدم ملحوظ ولقفزة نوعية غير مسبوقة، في عوامل التقييم التي اشتمل عليها التقرير بتسجيلها ل70.6 درجة من أصل 100 درجة في مقياس التقرير. وبناءً على نتائج ذات التقرير والتقييم الذي ورد فيه، جاءت المملكة في صدارة الدول الأكثر تقدماً من حيث الإصلاحات الهيكلية المالية والاقتصادية، كونها الدولة الأكثر إصلاحاً من بين 190 دولة حول العالم التي شملها التقييم في التقرير، لتصبح بذلك الدولة الأولى خليجياً والثانية عربياً في سرعة وتيرة الإصلاحات وما تحققت عنها من نتائج إيجابية، والأهم من ذلك وذاك ما حظيت به من قبول اجتماعي منقطع النظير. ولعل ما ساهم في حصول المملكة على هذا التقييم المرتفع والتصنيف الدولي المتصدر، وبالذات بالنسبة لوضع المرأة، تحسّنها في ستة مؤشرات أداء في عام 2020 من أصل ثمانية يقيسها التقرير مقارنة بالعام الماضي، وهي: التنقّل، مكان العمل، الزواج، رعاية الأطفال، ريادة الأعمال، والتقاعد، إضافة إلى محافظتها في هذا العام على نفس الدرجة التي حصلت عليها في العام الماضي في مؤشر الأصول والممتلكات ب40 درجة. كما وبحسب نتائج التقرير، فقد حصلت المملكة في أربعة مؤشرات على درجة 100 % في هذا العام مقارنة بالعام الماضي، وهي: التنقّل، مكان العمل، ريادة الأعمال، والتقاعد، عاكسة بتحسن كبير جداً مقارنة بالدرجات التي حصلت عليها في العام الماضي وهي: 0 و 75 و 75 و 50 على التوالي. إن اللافت للانتباه أن التقرير أشار إلى 12 إصلاحاً ارتبطت بالأنظمة واللوائح التنفيذية المرتبطة بالمرأة، مثل منح النساء في سن 21 عاماً فما فوق الحق في السفر وتسهيل استخراج الوثائق وتجديدها لكافة أفراد الأسرة، إضافة إلى توحيد سن التقاعد بين الرجل والمرأة ومواءمتها مع نظام العمل، وسنّ القواعد الخاصّة بحماية المرأة من التمييز في أماكن العمل خصوصاً في مسائل التوظيف والرواتب. إن هذه الإصلاحات وغيرها التي طالت المرأة السعودية وتزامنت مع انطلاقة رؤية المملكة 2030، ساهمت -دون أدنى شك- بفعالية في إحراز ما أوضح التقرير من إنجازات للمرأة السعودية في عدة مجالات وأوجه حياتية، والتي كانت مقتصرة إلى حد قريب وبشكل كبير جداً في تاريخ المملكة على مساهمتها ومشاركتها في مجال التعليم ك(معلمة وقائدة مدرسة وإدارية)، وإلى غير ذلك من الأعمال التي ترتبط بمهنة التعليم. ولكن اليوم وفي ظل توجهات الرؤية، فقد اتسعت مجالات عمل المرأة ومساهماتها في سوق العمل وفي الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بشكل عام وفي الاقتصاد غير النفطي بشكل خاص، حيث أصبحت المرأة اليوم تخوض غمار التنمية بشتى أوجهها ومقاصدها النبيلة والسامية، ما تسبب في ردم هوة البطالة بين النساء السعوديات التي وصلت إلى معدلات مرتفعة تجاوزت ال33 %، ما أثر سلباً على معدل البطالة العام بين المواطنين السعوديين من الجنسين متجاوزاً إلى وقتٍ قريب نسبة 12.9 %، ولكن وبسبب الإصلاحات التي طالت عمل المرأة وتوسيع مشاركتها في سوق العمل انخفض المعدل العام للبطالة في المملكة بالربع الثالث من العام الماضي إلى 12 %. أخلص إلى القول؛ بأن المرأة السعودية تمتلك من القدرات العلمية والعملية ما يمكنها من ممارسة العديد من الأعمال في مجالات وأوجه حياتية وعلمية متعددة مثلها مثل الرجل، بل إنها قد تفوقت في بعض الأعمال في الأداء على الرجل، وقد أكدت رؤية المملكة 2030 على قدرة المرأة السعودية، بتعزيزها من مستوى الثقة بالمرأة في سوق العمل السعودي، والرفع من نسبة مشاركتها من 22 إلى 30 % بإزالة العديد من المعوقات التي كانت تواجهها في الماضي وتحد من قدرتها من المساهمة الفاعلة سواء في الاقتصاد أو في السوق، والتي كانت من بينها على سبيل المثال لا الحصر، معوقات تتعلق بجوانب التنقل وبيئة العمل وبجوانب لوجستية. وجاء اعتراف البنك الدولي بقدرات وإمكانيات المرأة السعودية ضمن المؤشرات التي وردت بالتقرير سالف الذكر، لتؤكد على قدرتها وكفاءتها في المشاركة في مجال التنمية الاقتصادية وريادة الأعمال في المملكة وما يرتبط بهما من مهام ومسؤوليات.