يظلّ الإبداع - في أي مجال - مطلباً مهمّاً وحاجة تستدعيها حالة الحراك والتغيير الذي يمر ببلادنا الفتية؛ ولذلك فإن العناية بالمواهب والقدرات المميزة يُعدُّ أولى خطوات البناء والاستفادة من هذه المواهب، وتبيئة المحاضن اللازمة لهم، فبدعوة كريمة من مدير التعليم بمحافظة عنيزة الأستاذ خالد بن جايز الحربي سعدت بحضور حفل تكريم إدارة التعليم للطلاب والطالبات الموهوبين في مدارس التعليم بالمحافظة، وقد أسعدني ما رأيت من عمل دؤوب ومنظم ويسعى نحو تحقيق أهداف واضحة، حيث استعرض رئيس قسم رعاية الموهوبين الأستاذ عادل المهنا، في بداية حفل التكريم إنجازات الطلبة الموهوبين في مدارس المحافظة والجوائز التي حصلوا عليها، التي شملت عدداً من المشاركات المختلفة على المستوى الوطني والدولي. ثم تحدثت رئيسة قسم رعاية الموهوبات الأستاذة أمينة الحميداني في كلمة مسجلة عن دور التعليم في رعاية الموهوب والموهوبة وتحسين برامج التطوير الطلابية من خلال محاكاة البرامج الدولية، حيث يضطلع القسم النسائي بدور كبير في رعاية موهوبات المحافظة، وبعد أن تم تكريم الموهوبين والموهوبات تحدث مدير التعليم الأستاذ خالد الحربي عن اهتمامه الكبير بهذه الفئة الغالية من الطلاب لما في ذلك من تحقيق لطموح ولاة الأمر، ويتناغم مع رؤية المملكة 2030، وهو الطموح الذي تسعى وزارة التعليم إلى تحقيقه، ولم تكن مؤسسات المجتمع المدني بعيدة عن رعاية الموهوبين ودعمها، فقد كان لمؤسسة العوهلي ممثلة في الأستاذ فهد بن عبدالعزيز العوهلي حضورها الإيجابي المتمثل في رعاية هؤلاء الموهوبين من الطلاب والطالبات. وكان من اللافت تنوع الإبداع، وهو الأمر الذي يجب التركيز عليه لتوسيع قاعدة الموهوبين واحتواء جميع ضروب الموهبة، فكان هناك التفوق العلمي والإبداع في مجال الابتكار، والإبداع في مجال اللغات، والإبداع في مجال التأليف. إن عملية رعاية الموهوبين تمر بمرحلتين: المرحلة الأولى «مرحلة الاكتشاف»، والمرحلة الثانية يمكن أن نسميها «مرحلة إدارة الموهبة»، ففي المرحلة الأولى يجب أن تكون نقطة الانطلاق من الأسرة، ثم المدرسة، وفي هذه المرحلة يجب ألا يقتصر معيار اكتشاف الموهبة على التحصيل الدراسي فقط، وعليه لا بد أن يكون لأطفال مرحلة ما قبل الدراسة وطلاب المرحلة الابتدائية نصيب من برامج اكتشاف الموهوبين ورعايتهم، فمازال الكشف عن الموهبة وتعاهدها بالحماية والرعاية والتنمية منذ الطفولة الباكرة اتجاها حديثا لم تأخذ به أغلب الدول والمجتمعات إلا مؤخرًا، ولم يكن يحدث من قبل إلا بصورة فردية، ومن جانب بعض الآباء والمعلمين المستنيرين، وقد آن الأوان للبدء بهذه الخطوة، ولتكن إدارة تعليم عنيزة نقطة انطلاقها، أما المرحلة الثانية فتديرها إدارات التعليم المختلفة التي يجب أن تُعنى بالمعلم قبل الطلاب لكي يكون قادرا على اكتشاف المواهب والتعامل معها، وكذلك الاهتمام بالمناشط اللاصقية، والبرامج الإثرائية. إن رعاية الموهوبين هي الضمانة الحقيقية للحفاظ على مكتسبات الوطن الحضارية للدولة، فرعاية الموهوبين هي صناعة المستقبل.