خرج في يوم التاسع من ديسمبر الماضي تقرير المفتش العام «مايكل هورويتز»، المعني بالتحقيق في عملية التجسس التي حيكت ضد الرئيس ترمب، حيث إن المباحث الفيدرالية، ومن خلال المحكمة السرية-وهي محكمة خاصة تعنى بالأمن القومي ذات صلاحيات مطلقة ومستقلة- أصدرت مذكرة تجسس ضد أحد أفراد فريق حملة ترمب الانتخابية؛ وهو "كارتر بيج". هذه الخطوة وبحسب المراقبين كانت من ضمن العوامل التي شرّعت لفتح التحقيق المعروف باسم "تحقيق مولر"، المعني بشبهة تواطؤ ترمب مع الحكومة الروسية لتحقيق الفوز بكرسي الرئاسة خلال انتخابات 2016.! كما توقعنا في الأسبوع الماضي قبل خروج التقرير أن المفتش العام من خلال تقريره لن يتمكن من إدانة أي طرف شارك في هذه المؤامرة؛ وذلك يعود لضعف صلاحياته وسلطته، وبالفعل أعلن بأن التحقيقات لم تتمكن من رصد أي دليل مادي أو اعتراف يمكن من خلاله إثبات أي تحيز أو استغلال للسلطة وقع من قبل مدير المباحث الفيدرالية (FBI) جيمس كومي وفريقه، وبالتالي لا يمكن إدانتهم، وأن كل ماحدث -بحسب التقرير- هو مجرد ضعف في كفاءة الفريق المعني بإصدار تلك المذكرة، هذا الضعف في الكفاءة نتج عنه رصد سبع عشرة مخالفةً إجرائية، لكن لا تصل حد التجريم بحسب التقرير. في هذا السياق وخلال الجلسة المفتوحة داخل الكونجرس سأل عضو مجلس الشيوخ الجمهوري السناتور لنزي قراهم مايكل هورويتز خلال شهادته، "هل يمكنك القول بأن الإجراءات التي اتخذتها المباحث الفيدرالية كانت لأغراض سياسية؟" فأجاب بقوله: "النشاطات التي رصدت وتغافلت أبجديات القانون تمنعني من تبرئة أي طرف شارك في تمهيد الطريق لتشريع التحقيق الخاص بالتدخل الروسي في الانتخابات".! كذلك تساءل السناتور رون جونسون مخاطباً هورويتز: "لكنك بالتأكيد - في كل من هذه التحقيقات ، وجدت تحيزًا سياسيًا؟" فأجاب "لقد وجدنا من خلال الرسائل النصية أدلة على التحيز السياسي، صحيح". عوداً على مذكرة التجسس وهي محل الخلاف، يكشف التقرير أن سياق الأحداث والإطار الزمني يثبت بأن المباحث الفيدرالية كانت على علم بأن "كارتر بيج" الذي يعمل داخل حملة ترمب، هو عميل لوكالة الاستخبارات الأميركية (CIA)، وليس لصالح الحكومة الروسية؛ وبالرغم من ذلك لم تفصح المباحث الفيدرالية عن ذلك داخل الطلب المقدم من قبلهم للمحكمة السرية التي أصدرت مذكرة التجسس وفقاً لهذه المعلومات غير الدقيقة.! كذلك يكشف ويؤكد التقرير على أن ماكتبه عضو لجنة الاستخبارات داخل مجلس النواب الجمهوري "ديف نونس" في فبراير 2018، وذكر فيها بأن الملف المعروف باسم (ستيل داسييا) الذي قدم للمحكمة السرية على أنه معلومات استخباراتية لا يعدو كونه (معلومات) جمعها "كرستوفر ستيل" لصالح المرشح المنافس؛ والمقصود هنا هيلاري كيلينتون.! وهذا يعد كذباً صريحاً على المحكمة السرية.!! وحول هذا الشأن سُئل جيمس كومي بعد خروج التقرير خلال لقاء مع مقدم البرامج في قناة فوكس الإخبارية، كريس وُالس: "هل صحيح بأن الإجراءات التي تبنتها المباحث الفيدرالية لإصدار مذكرة تجسس(FISA warrant) كانت تفتقر للمهنية كما ذكر مايكل هورويتز في تقريره؟!" فأجاب كومي "نعم للأسف ماذكره هورويتز صحيح!" بحسب وجهة نظر حزب الجمهوريين، فإن تقرير المفتش العام كشف فساداً داخل المباحث الفدرالية بشكلٍ غير مسبوق، وكون أن «مايكل هورويتز» لم يتمكن من إدانة الأطراف المشاركة، هذا لا يعني أن الكونغرس بشقيه سيدع الأمر يمر مرور الكرام؛ وذلك يعود إلى كون المباحث الفيدرالية تعد أهم أذرع الأمن داخل أمريكا، ولا يقبل بأي حال من الأحوال تسييس عملها. بالإضافة إلى أن "جون دورهام" الذي يدير الملف الأخطر داخل وزارة العدل، خرج على الفور بعد صدور التقرير، وأكد بأن لديه أدلة تتعارض مع ما تمخض عنه تقرير "مايكل هورويتز".! هذا الإعلان المباشر والجريء من قبل دورهام وحديثه بهذه الطريقة يدل دلالةً قاطعةً على أن الملف الذي بين يديه به معلومات قد تزلزل واشنطن، وتكشف حقائق لم يتمكن المفتش العام من الوصول إليها، حقائق من شأنها إدانة رموز سياسية بارزة سبق ذكرها في تقرير سابق!! مايكل هورويتز