نشأة الابتعاث - لا شك - أنها تزامنت مع تأسيس الدولة السعودية الثالثة بل إن معطيات وشواهد تاريخ بداية الابتعاث سابق لذلك وهذا يقود إلى أن الابتعاث واتجاهاته التنموية يعتبر إحدى دعائم بناء الدولة، فقد أدرك المؤسّس الملك عبدالعزيز آل سعود - طيب الله ثراه -، وهو يقيم النظام التعليميّ الأول ضرورة اللجوء إلى نظام البعثات؛ فكانت البعثات ونظامها الذي تطوّر في عهده حجر الأساس في بناء الدولة العلميّة الحديثة على أرضية صلبة. وفي دلالة واضحة على الاهتمام بتنمية الموارد البشريّة؛ لكونها الأساس الرئيس للتنمية الشاملة للدولة، جاءت برامج الابتعاث استجابة لواقع ناتج عن رغبة حكومتنا الرشيدة في الإسراع بعجلة التنمية، فتطوير قدرات وإمكانات الشباب يعدّ هدفا في استراتيجيات مختلف خطط التنمية البشريّة للمملكة، وابتعاثهم للدّراسة في الخارج يشكّل فرصة إيجابية؛ بغية إحداث نقلة وطفرة نوعية، سيكون بالطبع لها مردود تنمويّ ومعرفيّ واقتصاديّ وثقافيّ وحضاريّ كبير للمجتمع السعوديّ. ومن هذا المنطلق فإن المتابع للتسلسل التاريخي لبرامج الابتعاث في المملكة التي أسهمت في سدّ احتياجات بلادنا بالكفاءات الوطنيّة المؤهّلة في تخصّصات نوعيّة ذات أهميّة كبيرة لمشروعات التنمية الوطنيّة، وفي توفير الطاقات البشريّة المؤهّلة والملائمة لمتطلّبات سوق العمل وخطط التنمية، وصولا إلى رؤية مملكتنا الحبيبة 2030 التي كان من التزاماتها واتجاهاتها البنائية تعليم معاصر يسهم في دفع عجلة الاقتصاد، والاستعانة ببرامج الابتعاث في هذه الرؤية من خلال التركيز على المجالات الحيوية التي تخدم الاقتصاد الوطني وفي التخصصات النوعية في الجامعات العالمية المرموقة.. وهذا يجد بالتأكيد حرص قيادة وطننا الغالي بمشروع الابتعاث وأهميته النوعية في البناء التنموي والحراك النهضوي لمجتمعنا السعودي الفتي.