أصبحت الحوكمة اليوم من أساسيات تنظيم العمل في منظمات القطاعين الخاص والعام على كلّ من المستوى المحلي والإقليمي والعالمي، بهدف وضع قواعد ومبادئ لإدارة المؤسسات والرقابة عليها، وتطبيق أسلوب ممارسة الإدارة الرشيدة فيها، لتشمل هذه القواعد المتينة، ليس فقط منظمات القطاع الخاص فحسب، بل مؤسسات المجتمع المدني والقطاع العام. أحد القطاعات التي قطعت الحوكمة فيها شوطاً كبيراً، قطاع الصناديق الاستثمارية، فاللائحة الخاصة بتنظيم هذا القطاع، الصادرة من هيئة السوق المالية، ركزت وبشكل كبير على إصدار التقارير بشتى أنواعها (السنوية والنصف سنوية والربعية)، بالإضافة إلى تركيزها على الإفصاحات والإعلانات لجميع الأحداث المهمة التي قد تحدث للصندوق. «حوكمة» الصناديق الاستثمارية هي جزء من مسؤولية مجلس إدارة الصندوق، وقد تؤثر على أداء الصندوق وسمعته، وتعطي ثقة للمستثمرين، وتحفزهم على الدخول لهذه الصناديق كوعاء استثماري آمن، وهذا يرسخ العلاقة الإيجابية بين الحوكمة الفعالة، والأداء الجيد للصندوق. أعتقد أن حوكمة الصندوق، لا ينبغي أن تقتصر على الإفصاحات فحسب، وإنما يجب أن يكون لها جوانب أخرى، على سبيل المثال من ناحية اتخاذ القرارات الاستثمارية في اختيار أسهم الشركات المناسبة، بأن تتخذ هذه القرارات عن طريق لجنة الاستثمار، وليس من قبل مدير الصندوق وحده، خاصة إذا علمنا أن معدل دوران الموظفين في إدارة الأصول في بعض الشركات عالٍ وسريع، وقد يؤثرعلى كفاءة الإدارة وأداء الصندوق عند استقالة أي موظف، بالإضافة إلى ذلك، أن التحيزات تقل في اللجان، كما أقترح أن يكون تقييم أداء أعضاء مجلس الصندوق بناءً على مشاركتهم والقرارات التي ساهموا في اتخاذها، وما إذا كانت ذا عائد جيد للمساهمين، والقدرة على استقطابهم لمديري صناديق ومحللين ذوي قيمة مضافة للصندوق، أو بمدى فعالية الإشراف والموافقة على العقود التي تمت خلال السنة، مع ضرورة تعيين أمين سر لمجلس إدارة الصندوق. أيضا أقترح تأسيس لجنة تدقيق، منبثقة من مجلس إدارة الصندوق، مهمتها الاطلاع على التقارير السنوية، والموافقة عليها، والتأكد من جودة هذه التقارير ومستوى الإفصاح فيها قبل أن يتم نشرها، ليس هذا فحسب، بل أقترح رفع مستوى الحوكمة عند إنهاء الصندوق، ويتم نشر خطة التصفية على موقع مدير الصندوق، وذلك لضمان مساواة جميع مالكي الوحدات عند تصفية الصندوق. ووفقاً لتقرير مجلس إدارة هيئة السوق المالية للعام 2018، فقد أشارت إلى وجود تحديثات جارٍ العمل عليها للائحة صناديق الاستثمار. وأنا على يقين بأن جزءاً من هذه التحديثات سيركز على مستوى الحوكمة والإفصاح، وآمل أن تركز اللائحة أيضاً على جودة الإفصاح وليس كثرته، فتكرار المعلومات في جميع مستندات الصندوق والتقارير، قد يكون مملا للمستثمر، ولن نذهب بعيداً، فقد لاحظت أن هناك معلومات مكررة، ترد في الشروط والأحكام ومذكرة المعلومات، وملخص المعلومات، صحيح أن الإفصاح مطلوب، ولكن ذكر الإفصاحات نفسها وبشكل مكرر، يبعث على الممل، وقد يبعد المستثمر عن قراءة المعلومة المهمة، التي قد تكون المشجع بالنسبة له في اتخاذ قراره الاستثماري.