أتى اليوم الذي طالما انتظره العالم التجاري والصناعي والاقتصادي بشغف على ما يقرب من نحو عامين وهو التوصل لأول اتفاق لإنهاء الحرب التجارية الشرسة بين أكبر اقتصادين في العالم الولاياتالمتحدةوالصين والتي شنتها أميركا في مارس 2018 بفرض رسوم جمركية بما قيمته 50 مليار دولار على الواردات الصينية والتي قابلتها الصين برسوم انتقامية بقيمة 34 مليار دولار على الواردات الأميركية، لتتواصل عقب ذلك سلسلة هجمات جمركية شرسة من الرسوم والتعريفات المتبادلة على أهم المنتجات والسلع لكلا البلدين يبلغ إجمالي قمتها نحو 500 مليار دولار والتي عصفت باقتصاديات البلدين والعالم وأثرت على كبرى الشركات العالمية وكافة أنشطة التبادل التجاري بين البلدين وشل أركانه، في ظل بوادر مختلطة باليأس من الحلول والتفاؤل بانفراج عند كل لقاء يجمع رئيسي الدولتين، أو أي لقاءات وزارية بين البلدين، أو أي تغريدات من جانب ترمب التي كانت أكثر قوة وقرارا. وأعلن البيت الأبيض بنبرات الانتصار عن موافقة الولاياتالمتحدة على تعديل إجراءات التعريفة الجمركية على الصين، لكنها ستحافظ على تعريفة بنسبة 25 % على نحو 250 مليار دولار من الواردات الصينية و7.5 % تعريفة على نحو 120 مليار دولار من الواردات الصينية، معتبرة الصفقة بالفوز التجاري التاريخي للرئيس دونالد ترمب. وقال البيت الأبيض: لقد اتفقت الولاياتالمتحدةوالصين على صفقة تجارية تتطلب إصلاحات هيكلية للنظام الاقتصادي والتجاري الصيني في مجالات الملكية الفكرية ونقل التكنولوجيا والزراعة والخدمات المالية والعملة والعملات الأجنبية، وتتضمن الصفقة أيضًا التزام الصين بالمشتريات المستقبلية للسلع والخدمات الأميركية، بالإضافة إلى أمر أكثر أهمية بوضع نظام قوي لتسوية المنازعات يضمن التنفيذ والتطبيق الفوري والفعال. وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، موافقته على المرحلة الأولى من اتفاق للتبادل التجاري بين بلاده والصين، والتي تتضمن عددا من التغييرات الهيكلية والمشتريات الضخمة للمنتجات الزراعية والطاقة والسلع المصنعة، وغيرها من المواد، وقال في تغريدة له على تويتر: «لقد اتفقنا على صفقة كبيرة للغاية من المرحلة الأولى مع الصين. لقد وافقوا على العديد من التغييرات الهيكلية والمشتريات الضخمة للمنتجات الزراعية والطاقة والسلع المصنعة، بالإضافة إلى المزيد. وستبقى التعريفة الجمركية بنسبة 25 % كما هي، مع فرض نسبة 1/2 % على جزء كبير من بقية المواد المفترضة». ولفت ترمب إلى «أن مجموعة التعريفات والرسوم المفترضة في 15 ديسمبر لن يتم احتسابها؛ لأننا أبرمنا الصفقة، وسنبدأ المفاوضات حول المرحلة الثانية على الفور، بدلاً من الانتظار حتى بعد انتخابات 2020، وهذه الصفقة رائعة للجميع». من جانبه أكد نائب وزير التجارة ونائب الممثل التجاري الدولي للصين، وانغ شوين، أن بلاده تعتبر الوصول إلى الاتفاقية الاقتصادية والتجارية يخدم المصالح الأساسية لشعبي الولاياتالمتحدةوالصين وجميع أنحاء العالم، وقال في مؤتمر صحفي: إن المرحلة الأولى من المفاوضات التجارية مع الولاياتالمتحدة حققت تقدماً كبيراً بفضل الجهود المشتركة التي بذلتها الفرق الاقتصادية والتجارية بين البلدين، واتفق البلدان على أساس المساواة والاحترام المتبادل على نص الاتفاقية الاقتصادية والتجارية للمرحلة الأولى. وأوضح أن نص الاتفاق يتضمن حقوق الملكية الفكرية ونقل التكنولوجيا والمنتجات الغذائية والزراعية، والخدمات المالية وسعر الصرف، والشفافية وزيادة التجارة والتقييم المتبادل وتسوية المنازعات، وغيرها. وشدد القول بأن «الصين تتوقع من الولاياتالمتحدة أن تفي بموافقتها على إلغاء التعريفات على المنتجات الصينية على مراحل، وتخفيضها»، وهو ما قابله الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتغريدة قائلاً «إن بعض التعريفات الجمركية على البضائع الصينية ستبقى عند 25 %، فيما سيتم تخفيض التعريفات الجمركية الأخرى». وأضاف الرئيس الأميركي أن المفاوضات حول إلغاء تعريفات جمركية أخرى مستمرة خلال الأيام المقبلة، ما يؤكد بانقشاع الغيمة التي طال ظلامها كافة اقتصاديات العالم. وتابعت «الرياض» أغلب التحاليل التي أجمعت على أن هذا الاتفاق يعني انتهاء الحرب التجارية الأميركية الصينية التي بدأتها الحكومة الأميركية بفرض تعريفات جمركية مرتفعة على البضائع الصينية، والتي تعتبر الولاياتالمتحدة أكبر سوق لها في العالم. وقال مسؤولون صينيون: إنه تم التوصل إلى اتفاق بشأن المرحلة الأولى مع الولاياتالمتحدة من شأنه تجنب تصاعد الحرب التجارية والتعريفات الجمركية المرتفعة التي من المقرر أن تبدأ يوم الأحد. في حين أكد الرئيس ترمب الأخبار في سلسلة من التغريدات. وقال الممثل التجاري للولايات المتحدة روبرت لايتذزر في بيان إن الاتفاق «يحقق تغييرات هيكلية هادفة وقابله للإنفاذ بشكل كامل ويبدأ أعاده التوازن بين العلاقات التجارية الأميركية الصينية». وقال آدم فيليبس، مدير استراتيجية المحافظ في السوق «بغض النظر عن العطلة التي نحتفل بها، أعتقد أن معظم الناس كان لديهم صفقة تجارية على قائمة رغباتهم وهذا يبشر بالخير بالنسبة لثقة الأعمال والاستثمار التجاري في العام الجديد». ولكنه أضاف أن صفقة المرحلة الثانية قد تكون أكثر صرامة، خاصة وأن ترمب قد يضطر إلى التعامل بشكل أكثر مع التشتيت من احتمال عزله. وقال فنسنت راينهارت كبير الاقتصاديين في ميلون ان لقد شهد مبيعات التجزئة تباطؤا ربما يرجع إلى أن الولاياتالمتحدةوالصين استغرقا وقتا طويلا للتوصل إلى اتفاق إلى المرحلة الأولى وكان هناك بعض التباطؤ في التصنيع الذي تم نزفه في الخدمات والإنفاق الاستهلاكي». وأضاف أن الصدمة التجارية ستنزف في الاقتصاد إذا استمرت ومع ذلك، فان حقيقة أن الاحتياطي الفدرالي خفض معدلات الفائدة ثلاث مرات هذا العام وأشار إلى أنه من المرجح أن يحافظ على معدلات ثابتة في المستقبل المنظور يمكن أن يعزز ثقة المستهلك ويساعد على رفع الإنفاق في العام المقبل، وفقا لما ذكره راينهارت. وذكرت صحيفة «قلوبال تايمز» الصحيفة الشعبية اليومية الرسمية أن الصينوالولاياتالمتحدة خاضا موجة أمل على إنهاء حربهما التجارية حيث تم الاتفاق على المرحلة الأولى وهي الأهم حيث إن الطريق نحو تخفيض التصعيد وإلغاء رفع التعريفات الجمركية يعد إيجابيا بالنسبة للأسواق وهذا ما تحقق بالفعل وهو انتصار لصالح إنهاء الحرب التجارية العالمية. وكانت ولا تزال الحرب التجارية بين الولاياتالمتحدةوالصين تهدد بتراجع الطلب على النفط من قبل أكبر مستورد للنفط في العالم الصين مع عدم كفاية حصص إنتاج أوبك التي تسير في الاتجاه الآخر لتعويض نقص الإنتاج الإيراني. هذا بخلاف الانفراج التي سيشمل تجارة المنتجات البترولية والبتروكيميائية التي أعاقتها الحرب التجارية وأثرت على عمالقة الإنتاج في العالم ومنها البتروكيميائيات السعودية التي تأثرت كثيراً بالحرب التجارية.