ندعو المستثمرين السعوديين إلى اقتناص الفرص وهناك مجالات واعدة للتعاون أكد سفير أوكرانيا لدى المملكة فاديم فاخروشيف أن العلاقات بين كييف والرياض تشهد تطوّراً مستمرّاً في الاتجاه التصاعدي في كافة المجالات ذات الاهتمام المشترك، وتعود بداية العلاقات الأوكرانية السعودية إلى مطلع تسعينات القرن الماضي، عقب انهيار الاتحاد السوفييتي واستعادة أوكرانيا لاستقلالها المنشود بعد سبعة عقود طويلة، بدعم أكثر من 90 % من الشعب الأوكراني أثناء الاستفتاء العام المقام في عام 1991م في جميع مناطقها وبالتالي فتحت صفحة تاريخية جديدة في تعاونها مع أعضاء المجتمع الدولي بما في ذلك إقامة العلاقات الدبلوماسية بين أوكرانيا والسعودية، وبلدان العالم العربي. جاء ذلك في حوار ل "الرياض" مع السفير الأوكراني لدى المملكة.. فإلى نص الحوار: * سعادة السفير ماذا عن التعاون على صعيد العلاقات البرلمانية والزيارات بين الجانبين؟ o هناك تقدّم ملحوظ في تكثيف الاتصالات المباشرة بين البلدين على مدى السنوات الأخيرة ومن بينها زيارة فخامة الرئيس الأوكراني الأسبق السيد بيترو بوروشينكو إلى المملكة في نوفمبر عام 2017م، حيث أجرى مباحثات مفصلة مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وكذلك تبادل زيارات وفود مجلس الشورى السعودي والمجلس الأعلى الأوكراني على مستوى مجموعات الصداقة البرلمانية وإقامة الدورتين والخامسة والسادسة للجنة الأوكرانية السعودية الحكومية المشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والفني وآخرهما في مدينة كييف في نوفمبر عام 2018م. وفي عام 2019م شهدت أوكرانيا الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة ما أدى إلى إعادة تشغيل عمل أجهزة السلطة المركزية ولدينا رئيس الدولة الجديد السيد فولوديمير زيلينسكي والبرلمان الجديد والحكومة الجديدة وفيها عدد كبير من ممثلين متحمسين عن جيل الشباب الذي كبر في حقبة أوكرانيا المستقلة ولهم طريقة التفكير الأوروبية المعاصرة. ويسعى وطني لتحقيق مزيد من التعاون مع المملكة على وجه الخصوص، ومع الدول الشقيقة والصديقة الأخرى. وعلى سبيل المثال هناك دعوة مفتوحة موجّهة إلى القيادة السعودية العليا لزيارة أوكرانيا ونية بإنشاء مجموعة الصداقة البرلمانية مع المملكة في المجلس الأعلى الأوكراني بعد إتمام عمله على دراسة مشروع موازنة الدولة لعام 2020م وتبنى القوانين الإصلاحية الملحة وكذلك نتوقع إقامة الدورة التالية للجنة الحكومية المشتركة في عام 2020م وذلك بالإضافة إلى الزيارات والاتصالات الأخيرة على مستوى وزارتي العدل والهيئة العامة للغذاء والدواء وغيرها من الجهات الحكومية. * كيف ترون الانفتاح السعودي على العالم مؤخراً وما تعليقكم حول رؤية المملكة 2030؟ * إن المسيرة الإصلاحية (خطّة الرؤية – 2030) التي أطلقتها القيادة السعودية تحت إشراف صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود على النطاق الواسع بالفعل مدهشة ومذهلة، وبرأي، تحولت إلى "البطاقة أو العلامة التعريفية" للمملكة في العالم لأن حتى في أوكرانيا في الوقت الحاضر عند الخبراء أو رجال الأعمال أو الإعلاميين عِلم كاف عن هذه الخطة وأهدافها وخصائصها ويتابعونها. وبالطبع أوكرانيا التي تتمتع بالقاعدة الصناعية المتطورة والموارد البشرية والعلمية والتقنيات العالية مهتمة بالتعاون مع شركائها السعوديين في إطار تنفيذ خطّة الرؤية – 2030 بما في ذلك عن طريق تحقيق المشروعات والبرامج المشتركة. كما تجدر الإشارة إلى الزيادة الملموسة للمملكة في الإعلام الأوكراني وليس فقط فيما يتعلق بسياستها أو اقتصادها فحسب بل بحياتها الاجتماعية والمعالم التاريخية والفعاليات الثقافية والرياضية وبالطبع هذا الانفتاح يستفيد منه كثيراً الشعب السعودي نفسه أو مواطنو البلدان الأخرى الذين بإمكانهم زيارة المملكة بأنفسهم والتأكد بما سمعوا أو قرؤوا عنه سابقاً. * جهود المملكة في ما يخدم المسلمين في العالم وخصوصاً الأقليات المسلمة وتسهيل أمورهم في الحج والعمرة.. كيف ترونها؟ * تحتل المملكة العربية السعودية مكانة خاصة في قلوب مسلمي العالم كله نظراً لتلك الأماكن المقدسة الواقعة في أراضيها، وفي أوكرانيا حوالي مليوني مسلم يقومون بأداء مناسك الحج والعمرة سنوياً ويشعرون بحسن الضيافة وحفاوة الاستقبال أثناء تواجدهم في المملكة، وبالتالي هناك التنسيق والتواصل مع الجهات السعودية المختصة وعلى سبيل المثال في الصيف الماضي قام الوفد من تتار القرم وهم شعب أصلي مسلم في أوكرانيا بزيارة المملكة، حيث التقى مع معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد. في هذا السياق أود لفت انتباهكم إلى الحدث التاريخي المؤسف الذي وقع منذ 75 عاماً وهو الترحيل القسري لشعب تتار القرم كله، أي أكثر من ربع مليون مسلم من أراضي شبه جزيرة القرم إلى آسيا الوسطى في مايو عام 1944م من قبل النظام الستاليني بعد عقود المنفى القاسية تمكنوا من العودة إلى موطنهم بعد إعلان استقلال أوكرانيا في عام 1991م وفي الفترة الحديثة يتمتع مسلمو أوكرانيا بكافة الحريات والحقوق ويشاركون بشكل نشط في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية كجزء لا يتجزأ من الشعب الأوكراني والدليل على ذلك رغبة بلدنا في تعزيز جسور التواصل مع العالم الإسلامي من خلال تقديم الطلب بالحصول على صفة الدولة المراقبة لدى منظمة التعاون الإسلامي ونأمل دعم هذه المبادرة. * كيف ترون جهود المملكة في محاربة الإرهاب وإسهامها في استقرار السلام العالمي؟ * تتابع أوكرانيا المستجدات الأخيرة على خريطة الشرق الأوسط ومنطقة الخليج العربي، وقد أعربت وزارة الخارجية الأوكرانية عن قلقها العميق إزاء الهجمات الإرهابية التخريبية على منشآتي البنية التحتية الخاصة بقطاع الطاقة (منشآتي النفط في بقيق وخريص) بالمملكة، كما دانت الهجمات التي تشكل خطراً على حياة السكان المدنيين للمملكة، والأمن البيئي للمنطقة، واستقرار السوق العالمي لموارد الطاقة. إنّ تلك الجهود التي تبذلها المملكة في سبيل مكافحة الإرهاب (الذي ليس له دين أو قومية أو عرق) على الصعيدين الإقليمي والعالمي عن طريق المشاركة الفعّالة بما في ذلك بصفة الدولة المؤسسة في التحالفات الدولية وافتتاح المراكز المختصة وإجراء الحملات الواسعة النطاق الإعلامية والتربوية الرامية ضد التطرف والعنصرية واضحة تماماً وتستحق بكل التقدير والتثمين. مع ذلك، نحن في أوكرانيا التي نحارب المجموعات الإرهابية في بعض مناطقها الشرقية ندرك بشكل جيد أهمية تضافر جهود المجتمع الدولي في سبيل القضاء على مثل هذه الظواهر السلبية. * ماذا عن التعاون والاستثمار في الطاقة والبنية التحتية وهندسة الطائرات والهندسة الثقيلة والصناعات الدفاعية والزراعة؟ * وضعت أوكرانيا والمملكة أُطراً قانونية ضرورية لتفعيل التعاون في المجالات الاقتصادي والتجاري والاستثماري، وهناك الاتفاقيات ومذكّرات التفاهم الثنائية حول التعاون الاقتصادي والتجاري والعلمي والتقني، وتشجيع وحماية الاستثمارات، وتجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب الضريبي فيما يتعلق بالضرائب على الدخل وعلى رأس المال، والتعاون بين غرفة التجارة والصناعة الأوكرانية ومجلس الغرف السعودية، وذلك بالإضافة إلى المشروعات المتفق عليها أو شبه الجاهزة للتوقيع في مجالات الدفاع وكفاءة الطاقة والنقل الجوي والسياحة والإعلام. وفي عام 2017م تم التوقيع على مذكرة التفاهم للتعاون الاستثماري في المجال الزراعي بين الحكومتين الأوكرانية والسعودية، وبعد عام أعلنت الشركة السعودية للاستثمار الزراعي والإنتاج الحيواني (سالك) عن قيام إحدى شركاتها بالاستحواذ بالكامل على شركة (مريا أجرو) القابضة التي تُعدّ من أكبر الشركات الزراعية في أوكرانيا، مما يزيد الدور الأوكراني في توفير الأمن الغذائي للمملكة العربية السعودية. مع ذلك، هناك مجالات واعدة للتعاون التجاري والاقتصادي الثنائي، كما ندعو المستثمرين ورجال الأعمال السعوديين إلى خصخصة الشركات المملوكة للدولة في أوكرانيا. وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى توافر الفرص المربحة للتعاون والاستثمار سواء على مستوى القطاع الحكومي أو الخاص في مجالات واعدة مثل الزراعة وتكنولوجيا المعلومات والتصنيع وتنفيذ مشروعات البنية التحتية والسياحة في أوكرانيا، التي على وجه الخصوص في الفترة الأخيرة حققت نجاحاً ملموساً في مواصلة منهجها نحو التكامل الأوروبي، حيث تمّ التوقيع على اتفاقية الشراكة بينها والاتحاد الأوروبي وإنشاء منطقة التجارة الحرة وإعفاء المواطنين الأوكران عن التأشيرات عند دخولهم في البلدان الأوروبية، وتقوم أوكرانيا بالإصلاحات الجذرية في مجالات التعليم والصحة ومكافحة الفساد وحماية حقوق المستثمرين وقطاع المشتريات الحكومية. * كم يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين، وما أبرز السلع الصادرة والواردة بينهما؟ * تُعد المملكة العربية السعودية من أهم شركاء أوكرانيا تجارياً واقتصادياً في منطقة الشرق الأوسط وتحتلّ المرتبة الثانية بين البلدان العربية من حيث حجم التبادل التجاري والخدماتي. وفي عام 2018م بلغ التبادل التجاري بين أوكرانيا والمملكة 935 مليون دولار، حيث ناهزت الصادرات الأوكرانية (الشعير والدهون والزيوت ذات الأصل الحيواني أو النباتي والمعادن الحديدية ومنتجاتها واللحوم والدواجن) 749 مليون دولار، وناهزت الواردات السعودية (اللدائن ومواد البوليمر والمركبات الكيميائية العضوية والمواد الكيميائية غير العضوية والمحروقات المعدنية) 186 مليون دولار أميركي. ويطيب لي الإشارة إلى المؤشرات الإيجابية في زيادة التبادل التجاري بين بلدينا الصديقين في العام الجاري الذي يتجه نحو مليار دولار، حسب توقعاتنا، ولكن عليهما تفعيل الجهود في سبيل تنويع تشكيلة البضائع والسلع المصدرة والمستوردة بما في ذلك على حساب المنتجات ذات التكلفة المضافة والتكنولوجيا العالية، بالإضافة إلى المواد الخام التقليدية. السفير فاديم فاخروشيف