بدأ الديموقراطيون بمجلس النواب الأميركي الثلاثاء تحقيقاً رسمياً لمساءلة الرئيس دونالد ترمب متهمين الرئيس بالتماس مساعدة أجنبية لتشويه سمعة منافسه الديموقراطي جو بايدن قبل الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل. وأعلنت رئيسة المجلس نانسي بيلوسي عن فتح التحقيق عقب اجتماع مغلق مع نواب ديموقراطيين قائلة إن تصرفات ترمب قوضت الأمن القومي وانتهكت الدستور الأميركي. وقالت بيلوسي التي قاومت على مدار شهور مساعي لمساءلة الرئيس: "ينبغي محاسبة الرئيس. لا أحد فوق القانون". ورد ترمب سريعاً بتغريدة على تويتر واصفاً التحقيق بأنه "حملة اضطهاد تافهة". وجاء تغير رأي بيلوسي بعد تقارير أفادت بأن ترمب ضغط على نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في اتصال هاتفي يوم 25 يوليو لدفعه لفتح تحقيق عن بايدن، المرشح الديموقراطي الأوفر حظاً لخوض انتخابات الرئاسة، وابنه هانتر، الذي عمل بشركة تنقب عن الغاز في أوكرانيا. ووعد ترمب بنشر نسخة من المحادثة الهاتفية. وأقر الرئيس بأنه تحدث عن بايدن في الاتصال لكنه نفى أن يكون هدف قراره تجميد مساعدات أميركية بقيمة 400 مليون دولار لأوكرانيا هو الضغط على زيلينسكي لفتح تحقيق سيلحق الضرر ببايدن الذي يتصدر استطلاعات الرأي بين مرشحي الحزب الديموقراطي للانتخابات الرئاسية.وقالت بيلوسي: "تصرفات رئاسة ترمب تكشف عن حقيقة مخزية عن خيانة الرئيس لقسمه وخيانة أمننا القومي وخيانة نزاهة انتخاباتنا". واتهم حلفاء ترمب في الكونغرس بيلوسي باستخدام القرار لأغراض سياسية. ووصف ميتش مكونيل زعيم الأغلبية الجمهورية بمجلس الشيوخ القرار بأنه "تعجل في الحكم". قائلاً: إنه كان ينبغي لها انتظار نشر تفاصيل المحادثة الهاتفية. وقد يفضي تحقيق المساءلة في النهاية إلى عزل ترمب من المنصب رغم أنها ستكون مهمة صعبة على الديموقراطيين. وحتى إذا صوت مجلس النواب الذي يهيمن عليه الديموقراطيون بمساءلة ترمب، فإن مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون هو الذي سيتخذ الخطوة التالية بعزله من المنصب بعد محاكمته. وتحتاج إدانته إلى أغلبية الثلثين في مجلس الشيوخ. وسيكون هذا أول تحقيق للمساءلة في الكونغرس منذ تحقيق العام 1998 مع الرئيس السابق بيل كلينتون بتهمة الحنث باليمين وعرقلة العدالة فيما يخص علاقته بالمتدربة السابقة بالبيت الأبيض مونيكا لوينسكي.وصوت مجلس النواب بمساءلة كلينتون في ديسمبر 1998 لكن مجلس الشيوخ برأ الرئيس الديموقراطي بعدها بشهرين ليظل في المنصب.إلا أن إجراءات عزل الرئيس الأميركي قرار سياسي لا يمكن التكهن بعواقبها، فما الإجراءات؟ ينص الدستور على أن الكونغرس يستطيع إقالة الرئيس (أو نائب الرئيس أو قضاة فدراليين) في حال "الخيانة أو الفساد أو جرائم أو جنح كبرى أخرى". ويمكن أن يقدم أي نائب مشروع قرار "لاتهام" الرئيس يرسل كغيره من مشروعات القوانين إلى لجنة. لكن يمكن أن تبدأ الإجراءات من دون مشروع قانون كما يحدث حالياً. وتجري الإجراءات على مرحلتين. يقوم مجلس النواب أولا بالتحقيق والتصويت بأغلبية بسيطة محددة ب 218 صوتاً من أصل 435 نائباً، على مواد الاتهام التي تتضمن بالتفصيل الوقائع التي يتهم بها الرئيس وهذا ما يسمى "الاتهام". في حال اتهامه، يقوم مجلس الشيوخ بمحاكمة الرئيس. في ختام النقاشات، يصوت أعضاء المجلس المئة على كل مادة في النص. وتتطلب إدانته أغلبية الثلثين وفي هذه الحالة تتم إقالته بشكل تلقائي ومن دون إمكانية الطعن في القرار ويتولى نائب الرئيس الرئاسة. وإذا حدث العكس، تتم تبرئة الرئيس. الحالات السابقة لم تتم إقالة أي رئيس في تاريخ الولاياتالمتحدة. اتخذت إجراءات اتهام ضد رئيسين لكن تمت تبرئتهما في نهاية المطاف، هما الديموقراطي أندرو جونسون في 1868 وبيل كلينتون بتهمة "الكذب تحت القسم" في 1998 في إطار قضية علاقته بالمتدربة في البيت الأبيض مونيكا لوينسكي. وفضل الجمهوري ريتشارد نيكسون في 1974 الاستقالة لتجنيب إقالته التي كانت مؤكدة بسبب فضيحة ووترغيت. الدور القضائي الكونغرس هو الحكم الوحيد لكن جلسة المحاكمة يترأسها رئيس المحكمة العليا. ولا يملك القضاء العادي وسائل اتهام رئيس في منصبه. فقد رأت وزارة العدل في العامين 1973 و2000 في مذكرتين تعدان مرجعين أن هذا "يمكن أن يلحق ضرراً" بعمل البيت الأبيض. ما الذي يأخذه الديموقراطيون على ترمب؟ يطالب عدد من البرلمانيين الديموقراطيين منذ أبريل بإطلاق إجراءات إقالة ضد ترمب استناداً إلى نتائج التحقيق حول التدخلات الروسية في حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية التي جرت في 2016.وبعد تحقيق استمر سنتين، لم يجد المدعي الخاص روبرت مولر أي دليل على تواطؤ بين موسكو وفريق حملة ترمب في هذه الانتخابات. لكنه أشار في المقابل إلى سلسلة من الضغوط المثيرة للقلق مورست خلال عمله. وفتح الديموقراطيون أيضاً تحقيقات برلمانية حول ضرائبه وتضارب مصالح مرتبط بأعماله ومبالغ دفعت من أجل إسكات فتيات مفترضات. وهم يشتبهون حالياً بأن ترمب استغل أيضاً صلاحياته ليضر بنائب الرئيس السابق جو بايدن المرشح الأوفر حظاً للفوز بتمثيل الديموقراطيين في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في العام 2020. لماذا تردد الديموقراطيون؟ عارضت نانسي بيلوسي حتى الآن اتباع هذا الطريق خوفاً من أن تحتكر إجراءات الإقالة النقاشات على حساب قضايا أساسية في حملة الانتخابات الرئاسية التي ستجرى العام المقبل. وبما أنها تدرك أن فرص نجاح الإجراءات ضئيلة بسبب هيمنة الجمهوريين على مجلس الشيوخ، كانت بيلوسي تخشى أن تنقلب القضية على الديموقراطيين وتعمق الانقسام الحزبي في البلاد. لكنها أعلنت أن اللجان الست في مجلس النواب التي تقوم بالتحقيق في عدد من القضايا المتعلقة بترمب ستقوم بعملها هذا في إطار إجراءات اتهام.وحتى الآن، عبر أكثر من 150 من أصل 235 نائباً ديموقراطياً في مجلس النواب عن تأييدهم إطلاق الإجراءات، بينما لم يبدِ أي نائب جمهوري دعماً لذلك. وفي الانتخابات العامة التي جرت في العام 2000 دفع الجمهوريون ثمن شدة محاولتهم اتهام كلينتون.