حذرت وزارة المالية في بيان صدر عنها مؤخراً، من التعامل أو الاستثمار في العملات الافتراضية ومنها العملات المشفرة، باعتبارها لا تُعدُّ عملات أو أصولاً معتمدة داخل المملكة، ولكونها خارج نطاق المظلة الرقابية، ولا يتم تداولها من خلال أشخاص مرخص لهم في المملكة، إضافة إلى ما تنطوي عليه كثير من تعاملاتها من احتيال وشبهة استخدامها في تعاملات مالية غير مشروعة ومحظورة نظاماً، ولما لها من مخاطر استثمارية عالية مرتبطة بالتذبذب العالي في أسعارها. ولفتت الوزارة أيضاً في بيانها الانتباه، إلى ظهور عملات افتراضية تدعي علاقتها بتمويل مشروعات أو أنشطة أو الاستثمار بالمملكة، وتستخدم اسم العملة الوطنية للمملكة (الريال السعودي)، أو شعار المملكة (سيفان متقاطعان، ونخلة) للتسويق بشكل مضلل لأنشطتها مثل (كريبتو ريال) أو غيرها من العملات الافتراضية الأخرى. ونفت في بيانها علاقة المملكة أو صلتها بمثل هذه العملات، كما وحذرت من أن أي استخدام لاسم العملة الوطنية أو اسم أو شعار المملكة من قِبل أي جهة للتسويق للعملات الافتراضية أو الرقمية، سوف يكون عرضة للإجراءات القانونية من قبل الجهات المختصة بالمملكة. الجدير بالذكر، أن العملات الافتراضية، ومنها المشفرة (Cryptocurrency)، والتي من بين أشهرها عملة البيتكوين Bitcoin، سُميت بالافتراضية باعتبارها عملة لا وجود فيزيائياً لها، ولهذا يُطلق عليها بالعملة المعمّاة والتي يتم تداولها بين المتعاملين بها عبر الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) فقط. وتُعد العملة الافتراضية، عملة رقمية لا مركزية، كونها لا تخضع لجهاز رقابي أو تنظيمي يقف خلف إصدارها أو تعاملاتها وكما هو واقع الحال بالنسبة للعملات التقليدية. وتستند العملات الافتراضية في تعاملاتها وتخزينها للبيانات على ما يعرف بتقنية سلاسل الكتل (بلوكشين Blockchain)، التي أطلقت لأول مرة مع إطلاق عملة البيتكوين في عام 2009، حيث تم استخدامها كأستاذ متطور باستمرار لجميع بيانات المعاملات وأرصدة المحفظة الإلكترونية للعملة الافتراضية، وفي إتمام عمليات التحويلات المالية عبر شبكة الإنترنت، حيث بواسطتها تُتيح للمُحول والمُحول إليه المبلغ المالي، تحويله للمبلغ برقم تسلسلي خاص لكل تحويل، لا يتضمن اسم المرسل أو المتلقي أو أي بيانات اخرى خاصة بهما، ما جعل من العملات الافتراضية، فكرةً ومشروعاً رائجاً لبائعي البضائع والمواد غير المشروعة (مثل المخدرات) وغيرها، سيما وأن خاصية التشفيير تمنحها سرية وخصوصية لتنفيذ العمليات المالية المشبوهة. ولهذا السبب حذرت وزارة المالية من الاستثمار أو التعامل مع العملات الافتراضية، لما يشوبها من محاذير كثيرة ترتبط بتنفيذ العمليات المالية غير المشروعة وغير السوية، إضافة إلى أن الاستثمار في مثل هذا النوع من العملات، يُعد استثماراً محفوفاً بالمخاطر المالية المرتفعة، نتيجة للتذبذب العالي صعوداً وهبوطاً في أسعارها، وما يؤكد على ذلك عندما بدأت عملة البيتكوين في التداول في عام 2009 كانت تساوي الوحدة الواحدة منها حفنة من السنتات الأميركية، ثم ارتفعت بعد ذلك وعبر الوقت إلى مستويات قياسية تجاوزت ال10,000 دولار أميركي لشراء نفس الوحدة من البيتكوين، ولكنها تعرضت خلال هذه الرحلة وعبر السنوات لفترات من الصعود والهبوط القاسية التي عرضت المستثمرين والمتعاملين لخسائر مالية فادحة. برأيي، أن تحذير وزارة المالية من التعامل أو الاستثمار في العملات الافتراضية ومنها العملات المشفرة، جاء مواتياً وفي توقيت مناسب للغاية، وبالذات في ظل ما يشهده العالم من فوضى وانتشار ملحوظ للتعاملات بالعملات الافتراضية خارج إطار البيئة التشريعة والتنظيمية والقانونية المتعارف عليها، كما وأن استخدام شعار المملكة (السيفان المتقطعان والنخلة)، للترويج أو للتسويق لأنشطة استثمارية مضللة، سينعكس بعواقب وخيمة على المستثمرين والمتعاملين بنهاية المطاف.