يعد جبل شدا بارتفاعاته عند المستوى (1700م) عن سطح البحر مثاليا لإنتاج مختلف الفواكه والخضراوات وغيرهما من الأشجار المنتجة، وتأتي شجرة البن في مقدمة الأشجار التي اشتهر بها جبل شدا، وذلك لجودة مذاق القهوة التي تأتي من هذا الجبل حتى وصلت شهرته إلى أن كانت تُختار من بين أنواع القهوة التي كانت تقدم للملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله، وقد ذكر ذلك حمد الجاسر في كتابه (في سراة غامد وزهران) فقال: «إن من بين معروضات سوق الباحة البن الذي يزرع في جبل شدا في تهامة، وقمم هذه الجبال مشرفة على أعالي السراة، وهذا النوع من البن من أجود أنواع البن، وكان الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله يُختار له هذا النوع». كما اشتهر البن الشدوي في مكة، ذكره عاتق البلادي في كتابه بين مكة واليمن، فقال: «وللبن الشدوي شهرة في مكة، وهو نوع جيد لا يدانيه نوع آخر، ويقرب منه البيحاني، ولكن الشدوي أحسن قهوة وأجمل منظرا، والبن الشدوي لا يباع إلا نادرا أي في مكة، غير أن كبار رجال زهران يهدونه لأصدقائهم في مكة. وقال أيضا: وقد كنت عند أحد المشايخ ذات مرة وعند شيخ من بالأسود من زهران فدارت القهوة، فإذا الشيخ يقول لي: (أحْزر، هذا البن منين؟!) فتذوقت القهوة فإذا طعم عجيب! فقلت: بيحاني. قال: لا، البيحاني أقل جودة من هذا، فسكتُ، فقال: هذا البن الشدوي». والقهوة منذ اكتشافها قبل سبعة قرون تقريبا مما أفرط الناس في شربها؛ لذا فقد غدت إكسيرا للحياة عند كل الشعوب، ومعطرا للصباحات الجميلة، وهي باعثة النشوة والنشاط بعطرها وأريجها الذي تنشره في مقاهي الخاصة والعامة. يقول المستشرق جون لويس بيركهارت 1814م في كتابه (رحلات إلى شبه الجزيرة العربية)، مشيرا إلى إفراط سكان الحجاز في شرب القهوة في مقاهي مكةالمكرمة، التي بلغت 27 مقهى آنذك، وذلك بصنفيها الذي يُحضّر مرة من القشر ومرة من اللب، يقول بيركهارت: وهناك 27 مقهى أي في مكة وتشرب القهوة بإفراط في الحجاز. فمن الشائع جدا أن يشرب الناس من 20 إلى 30 فنجانا في يوم واحد، أما العمال والفقراء فلا يشربون أقل من ثلاثة أو أربعة فناجين. ثم قال: وفي عدد قليل من المقاهي يمكن تناول «القشرة» وهي مشروب يصنع من قشرة حب القهوة، وهو لا يقل في نكهته غالبا عن المشروب المصنوع من الحب نفسه.