تلامس التكنولوجيا كل جانب من جوانب حياتنا في عالم اليوم، ولا عجب في أن مصطلح التحول الرقمي أصبح حديث الناس، فالمؤسسات في مختلف المناطق والصناعات تبحث عن أدوات تساهم في تسريع رحلتها للتحول الرقمي، بينما يقود بعضها الآخر الطريق نحو هذا التحول. والتحول الرقمي في معناه الأشمل هو دمج التقنيات الرقمية في صميم المؤسسة، والسماح لها بإحداث تغييرات تشغيلية أساسية. وتسهم هذ التقنيات في تحسين حياة كل شخص حول العالم، وتدخل في التعاملات اليومية لتجعلها أكثر كفاءة وسهولة في الاستخدام. كما تعمل التقنيات الرقمية على إعادة هيكلة الصناعات بالكامل. وتتوقع تقارير مؤسسة البيانات الدولية بأن يبلغ حجم الإنفاق على التحول الرقمي في الشرق الأوسط وتركيا وإفريقيا 40 مليار دولار بحلول العالم 2022. وبينما تشرع المؤسسات السعودية في رحلتها نحو التحوّل الرقمي، فسوف يتم ذلك على ثلاث مراحل، بدءاً بمرحلة تحوّل خارجي تشمل تجربة العملاء، ثم تحوّل داخلي تشمل العمليات التجارية، وأخيراً التحوّل الشامل على مستوى المؤسسة بأكملها. ومن هنا، يجب أن تكون رحلة التحول شاملة وأن تتضمن جميع جوانب الأعمال ووظائفها. وتجدر الإشارة إلى أن العامل المشترك بين مراحل التحوّل الثلاث هي التكنولوجيا والاتصال، ولذلك فإن امتلاك شبكات قوية يعدّ عاملاً أساسياً لنجاح عملية التحول رقميًا، ومن شأن شبكات الجيل الخامس اللاسلكية 5G أن توفر قدرات اتصال أسرع وأعلى كفاءةً لتساهم بدورها في تسريع عملية التحول الرقمي على مستوى المؤسسة بأكملها. ولا تقتصر أهمية شبكات الجيل الخامس 5G على مجرد توفير سرعة أعلى لهواتفنا الجوالة، بل إنها عِماد كل شيء نتوقع أن تتسم به المؤسسات في المستقبل فور إكمال رحلتها نحو التحول الرقمي؛ لتصبح ذكية ومؤتمتة ومتصلة. ومن المتوقع أن يكون تأثير شبكة الجيل الخامس هائلًا على القطاع ككل، فالاتصالات اللاسلكية الأسرع تشكل حجر الأساس للابتكارات المستقبلية، إذ تحتاج جميع التقنيات الناشئة مثل الواقع المعزز والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء إلى اتصالات لاسلكية سريعة وموثوق. وسوف يساهم تطبيق شبكة الجيل الخامس في دخول قطاع الاتصالات مرحلةً جديدةً ومهمة، وستقدم هذه التقنية الكثير من الفوائد، مثل خفض أوقات التنزيل حتى 1000 مرة من خلال زيادة عرض النطاق الترددي، وخفض استهلاك طاقة الشبكات بحوالي 90%، وتوفير تغطية بنسبة 100%، وتسهيل وصول عمر البطاريات في الأجهزة ذات الاستهلاك المنخفض للطاقة إلى عشر سنوات. ويمكن تحقيق كل ما سبق فقط من خلال شبكة ألياف ضوئية قادرة على تحمل هذا التدفق المتزايد من البيانات. وبحسب تقرير "نبض السوق" (Market Pulse) لعام 2017، فإن النطاق العريض المرتفع والسرعة العالية لشبكة الجيل الخامس سوف يوفران فرصاً أكبر لإنترنت الأشياء. وتركز حصة كبيرة من سوق إنترنت الأشياء العالمية اليوم على المدن الذكية (26%)، وإنترنت الأشياء الصناعية (24%) والرعاية الصحية المتصلة (20%). ويتوقع أن ينمو حجم السوق إلى أكثر من 400 مليار دولار بحلول العام 2020، وهو ما يمثل زيادة بأكثر من 40% عن العام 2016، وبوجود بنية الألياف الأساسية اللازمة، ستتمكن منطقة الشرق الأوسط من دعم هذا النمو. أدركت الحكومات في جميع أنحاء المنطقة التأثير الذي يمكن لشبكات الجيل الخامس أن تحدثه على اقتصاداتها واستدامتها في المستقبل. وفي وقت سابق من هذا العام، أعلنت شركة الاتصالات السعودية عن قيامها بتزويد 450 موقعاً في مختلف أنحاء المملكة بشبكات الجيل الخامس كمرحلة أولى، مما ساهم في تحقيق أعلى معدل انتشار لهذه التقنية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وواحد من أعلى معدلات انتشارها في العالم. وفي حين أن المؤسسات والحكومات في المنطقة قد بدأت بالفعل رحلتها نحو التحول الرقمي، فإن بدء تشغيل شبكات الجيل الخامس، سيساهم في تسريع تحولها الرقمي من خلال تمكين عمليات نقل واستقبال أسرع للبيانات وتوفير اتصالات دون انقطاع، إلى جانب تأمين فرص كبيرة للنمو والتحول لكل صناعة. نحن على أعتاب قفزة حقيقية في عالم الاتصالات، ومن المتوقع أن يلامس تأثير شبكة الجيل الخامس كل جانب من جوانب حياتنا، وسيساهم ذلك بالتأكيد في تسريع التحول الرقمي في المنطقة بأسرها. تلعب شركة كورنينغ دورًا بالغ الأهمية في تطوير شبكة الجيل الخامس، حيث تساهم في تعزيز البنية الأساسية لشبكة الألياف. وتسعى الشركة لبناء شبكة جيل خامس تقرّب الألياف من المستخدمين لتسمح لهم بتبادل البيانات بسرعة أكبر. *مدير كورنينغ للاتصالات البصرية في الشرق الأوسط