مع بدء البرنامج الوطني لمكافحة التستر غدا، إلزام جميع منافذ البيع بمختلف الأنشطة التجارية بصورة تدريجية، باستخدام وسائل الدفع الإلكتروني، ضمن مبادرة البرنامج «إلزام المتاجر ومنافذ البيع بالدفع الإلكتروني»، أكد اقتصاديون أن عملية تتبع حركة النقد من خلال أنظمة الدفع الالكتروني، أحد أهم الأدوات لقياس مؤشرات المستهلكين الأساسية، وهي وسيلة فعالة لمحاربة التستر التجاري، وتنظيم التعاملات المالية، والحد من خروج الأموال بطرق غير شرعية. وقال المحلل الاقتصادي فضل البوعينين: إن التداولات النقدية بحجمها الحالي لم تعد مقبولة، لما يعتريها من مخاطر متنوعة، ومنها التستر التجاري، وغسل الأموال، وتمويل الأنشطة المحرمة، والتهرب الضريبي وترويج العملات المزورة، أضافة إلى ارتفاع حجم الأموال المتداولة خارج النظام المالي، مما ينعكس سلباً على الاقتصاد. وقال البوعينين: إن قرار وزارة التجارة بالألزام التدريجي لجميع منافذ البيع بمختلف الأنشطة التجارية بتوفير وسائل الدفع الإلكتروني -وأن كان التركيز في هذا القرار على مكافحة التستر- إلا انه يحقق أهداف متنوعة ومهمة، مضيفاً أن التدرج في تطبيق القرار، يعطي فرصة لمنافذ البيع والأسواق بشكل عام للتحول التدريجي نحو الدفع الإلكتروني، كما انه يعطي مهلة لمراقبة القرار ومعالجة تحدياته، خاصة ما يتعلق بمزودي الخدمة، وهو القطاع المصرفي لمواجهة التحدى في توفير الأجهزة الخاصة بالدفع الإلكتروني، أو تحقيق الكفاية المطلوبة، وتوفير خدمات الصيانة والمتابعة، إضافة إلى قدرة الشبكة على التحمل، وهي أمور يفترض فحصها قبل تطبيق القرار. وأشار البوعينين، إلى أن الدفع الإلكتروني سيضمن التوثيق الرسمي للمتاجر، وهذا أمر يسهم في الحد من التستر، خاصة وأن المدفوعات الالكترونية توثق جميع العمليات المالية، ممايجعلها أداة من أدوات كشف التستر ومن ثم مواجهته. وأكد أن الدفع الالكتروني، قد لا يمنع التستر بالكلية، ولكنه سيحد منه، لذا يفترض أن يكون هذا القرار جزء من قرارات أخرى تسهم مجتمعة في تجفيف مستنقع التستر التجاري، مبيناً أن المدفوعات الرقمية ستزيد من كفاءة السوق وجاذبيتها للمتسوقين. واضاف البوعينين، أن اي خروج من السوق بسبب قرار توفير أجهزة الدفع الإلكتروني، فمن المؤكد أنه مرتبط بالتستر، مطالباً بالمؤامة بين إلزامية القرار والرسوم المترتبة على توفير الأجهزة، ورسوم الدفع، وهذا أمر يجب على وزارة التجارة ومؤسسة النقد مراعاته، إذا ما أرادوا إنجاح القرار والبعد به عن التحديات. من جهته قال المحلل الاقتصادي د.عبدالله باعشن: إن اهداف الدفع الإلكتروني اقتصادية واجتماعية وامنية، ويسهم في السهولة في إجراء المعاملات التجارية، وكذلك المعاملات المالية، مشيراً إلى أن الدفع الإلكتروني، قد يخفض من عدد محلات التجزئة الصغيرة، بسبب ارتفاع التكاليف عليها من ناحية رسوم أجهزة الدفع الإلكتروني. وأوضح باعشن أن إلزام المحلات بوضع أجهزة الدفع الإلكتروني، يساعد في توفير فرص وظيفية للشباب السعودي، ويحد من التستر، مشيراً إلى أهمية تشجيع الاقتصاد الرقمي وتطويره، عن طريق إحاطته بالعديد من النصوص القانونية التي تمكن من تقنين كل النشاطات والمعاملات المرتبطة بالرقمنة. وقال المحلل الاقتصادي أحمد الشهري: إن تعقب حركة النقد من خلال أنظمة الدفع الإلكتروني، تعتبر من أهم الأدوات لقياس بعض مؤشرات المستهلكين الأساسية، كما أنها وسيلة فعالة في محاربة ممارسة الأعمال التجارية عبر التستر التجاري. مضيفاً أن المعلومات التي توفرها أنظمة المدفوعات الإلكترونية تساعد في تحليل القوة الشرائية، بالإضافة إلى أهميتها في الزكاة والدخل، وما في حكمه من رفع كفاءة التحصيل الزكوي والضريبي. وأكد الشهري أن التدرج في إلزام منافذ البيع بقبول وتركيب أنظمة المدفوعات الإلكترونية، يوكد على تطور البنية التحتية للاتصالات، بالإضافة إلى الشمولي المالي، والذي يتمتع به جميع من يعيش في المملكة من مواطنين أو أجانب، لذا اعتقد أنها خطوات متسارعة في التحول الرقمي الشامل على جميع المستويات في الدولة. ونفى اغلاق المحلات نتيجة لعدم وجود سعوديين، وإنما التأثير المتوقع سيكون على مستوى تصحيح العلاقة بين السعودي المالك للنشاط، وبين المتستر عليه الأجنبي، فجميع التشريعات والأنظمة ستكون قادرة على الحد من ظاهرة التستر. يشار إلى أن قيمة المبيعات عبر نقاط البيع في المملكة ارتفعت خلال شهر أبريل 2019 بنسبة 24 % لتصل قيمتها الإجمالية إلى نحو 24.1 مليار ريال مقارنة ب19.4 مليار ريال خلال الفترة نفسها من العام 2018، وتمت هذه المبيعات من خلال 121.5 مليون عملية، وعبر نحو 373.6 ألف جهاز.