«لا يوجد لدينا سجين سياسي».. تبدو هذه الجملة مألوفة جدا في أنظمة القمع الديكتاتورية، وربما كان لها وقع كاريكاتوري، لكنها عندما تصدر من نظام كامل الوحشية كالنظام الإيراني فإنها لا تعدو أن تكون وقاحة وكذبا بواحا، لا يمكن أن يصدقه أحد، حتى من يتفوه بهذا الكذب ذاته. ويقول نظام مير محمدي الكاتب الحقوقي والخبير في الشأن الإيراني: إن نظام الشاه الذي سقط في فبراير 1979 على يد الشعب الإيراني الغاضب، كان يقول في كل مرة يسأل فيها عن التعذيب والإساءات وإعدام السجناء السياسيين، بأنه لا يوجد لدينا في إيران سجناء سياسيون. فالشاه أراد بذلك أن يوهم الرأي العام بأن السجناء السياسيين عبارة عن عدد من التخريبيين والمخلين بالأمن. وجهاز السافاك الوحشي الخاص بالشاه سار على نفس المسير وخلق جوا من الكبت الشديد بحق الشعب ومناضليهم في ذاك الوقت. ويضيف محمدي أن سياسة الشاه القمعية لم تكن فعالة وفي نهاية المطاف أسقط من خلال الاحتجاجات والانتفاضة المليونية للشعب والجميع رأى بأم عينيه لاحقا الحقيقة المرعبة عن طريق السجناء السياسيين المحررين وانتبه الجميع أن سجون الشاه كانت تحوي مئات السجناء السياسيين. ومن خلال نفس هؤلاء السجناء السياسيين المحررين والوثائق السرية التي تم الحصول عليها تبين أن مئات الأشخاص المعتقلين قتلوا تحت التعذيب أو تم إعدامهم في المحاكم العسكرية بشكل علني أو سري. الآن بعد مضي 40 عاما من ذاك التاريخ يدّعي المتحدث باسم السلطة القضائية للملالي بأن إيران ليس لديها سجناء سياسيون، وما يوجد من معتقلين لديهم هم من المخربين الساعين لإسقاط النظام فقط؟!. قبل أن يتخذ المتحدث باسم السلطة القضائية للملالي هذا الموقف، سعى إبراهيم رئيسي بصفته رئيسا للسلطة القضائية في تاريخ 23 يونيو من هذا العام في مقابلة تلفزيونية له مع شبكة تلفزيونية تابعة للنظام، إلى تقديم وتعريف مجاهدي خلق بأنهم داعمون للعنف، في محاولة منه لشرعنة الإعدامات الواسعة التي حدثت منذ العام 1981 وما بعده وخاصة مجزرة السجناء السياسيين في العام 1988 والتي كان رئيسي أحد منفذيها الأساسيين وكان حينها يتقلد منصب نائب المدعي العام للبلاد. وقبل ذلك أيضا في مارس 2019 عين خامنئي إبراهيم رئيسي رئيسا للسلطة القضائية وأكد في قرار تعيينه على موضوع «ضرورة الحزم»، الحزم في نظام الملالي يعني القمع والإعدام أكثر وخامنئي الذي يمر في مرحلة سقوطه عين رئيسي هذا الجلاد الذي يملك تاريخا دمويا حافلا في هذا المنصب حتى يتمكن من خلال خلق الرعب والخوف من منع استمرار التظاهرات والاحتجاجات الشعبية وخاصة نشاطات معاقل الانتفاضة. ويؤكد محمدي أنه في نظام قمعي رئيس سلطته القضائية من أعضاء هيئة الموت في مذبحة ال 30 ألف سجين سياسي ومجاهد في صيف العام 1988، من الطبيعي جدا أن يوجد شخص كالمتحدث باسم السلطة القضائية ليقول إنه في نظام ولاية الفقيه الحاكم في إيران لا وجود لجريمة سياسية. جميع الشرائح الإيرانية التي شاركت منذ ديسمبر 2017 وما بعد في التظاهرات والاحتجاجات المناهضة للحكومة في إيران يريدون ويطالبون بإسقاط وسقوط نظام ولاية الفقيه. والمتظاهرون أعلنوا بصراحة من خلال شعاراتهم «الموت لخامنئي» و»الموت لروحاني» رفضهم القاطع لهذا النظام بأكمله، لذلك فإن إنكار المتحدث باسم السلطة القضائية في نظام الملالي للجرم السياسي والسجناء السياسيين في إيران لا يغير شيئا في هذه الحقيقة، كما يشدد محمدي أن المطلب الأساسي للشعب هو السقوط التام لهذا النظام القمعي.