أحدثت Facebook ارتباكاً في نظام الإعلام العالمي كقناة لتواصل أفراد المجتمع بعيداً عن الإعلام التقليدي المتأثر أو التابع للتيارات الفكرية السائدة، والآن Facebook تستعد لتبني أكبر نظام دفع رقمي في العالم لربك النظام المصرفي عبر عملتها الرقمية الجديدة (ليبرا).. منذ سنوات كان التوجه العالمي نحو استخدام الدفع عبر الشبكات الرقمية على حساب الكاش لمراقبة العمليات المالية وتحجيم اقتصاد الظل وحصر الأعمال غير المشروعة وغسيل الأموال، فحسب دراسة لماكنزي فإن الدفع عبر الكاش في انخفاض منذ سنوات ولكن بشكل متناسب بين الدول، فمثلاً كوريا الجنوبية والولايات المتحدة الانخفاض كان بسيطاً من 400 دولار للفرد عام 2006 إلى 320 في عام 2017، بينما الدول الاسكندنافية مثل السويد فقد انخفض الرقم من 400 إلى أقل من 100 دولار تليها النرويج، لكن أهم وأكبر التغيرات كانت في الصين برغم أن البداية كانت متأخرة نسبياً عام 2012 وبدأت بحجم بسيط بلغ حسب تقديرات شركة ماكنزي في عام 2017 (12.4 ترليون دولار)، وتشكل شركة WeChat وعلي بابا 90 % من حجم هذه الشبكات في الصين. لذلك تسعى Facebook للحاق بركب نظيراتها من شركات التقنية الصينية عبر تقنية العملات لتصل لأغلب الأسواق. في الأساس العملات الرقمية هي تقنية لدفع قيمة الخدمات والبضائع مثل (bitcoin) وتطورت بعض التقنيات التي تستخدم في الحوالات البنكية ومبادلة العملات مثل ripple ولكن المضاربة التي أخذت شكل المقامرة شوهت القيمة التقنية لهذه المنتجات لذلك قرر بنك JP Morgan إنتاج عملة سعرها لا يتذبذب وتخدم العمليات البنكية والتجاربة، والآن Facebook. لكن لماذا تباينت البنوك المركزية تجاه خطوة Facebook وما نتائجها الممكنة؟ ببساطة ردة فعل البنوك المركزية طبيعية لدراسة المخاطر وتحديد القوانين والتشريعات، وغالباً سوف تصدر تشريعات تنظم العملات الرقمية، لكن أثر هذا ممكن أن ينعكس على الأنشطة، اليوم البنوك الكبرى تواجه البنوك الرقمية التي تقدم قروضاً أرخص للأفراد مثل ما يحدث الآن في هونغ كونغ في ظل أعلى ربحية مصرفية للموظف في العالم حسب تقرير Citibank، وهذا ما دفع المصارف لزيادة إنفاقها للتوسع رقمياً ومضاهاة البنوك الرقمية التي تستهدف القروض الاستهلاكية والعقارية للفرد. في الأخير ستنتصر التقنية لتخلق كفاءة في ترشيد التكلفة وتغطية أكبر عدد من المستفيدين، وسوف تنظم وتعدل المنتجات والعملات الرقمية.. في الماضي كانت القوة توجه السياسة للحصول على الثروة، واليوم العلم هو ما يخلق الثروة، والاقتصاد يوجه السياسة.