ربما يحظى المنتخب السنغالي بوجود العديد من النجوم المحترفين والبارزين ضمن صفوفه، ولكن نجماً واحداً فقط يمكنه أن يعيد إلى الأذهان سيرة النجم الكبير الحاج ضيوف ورفاقه الذين حققوا الإنجاز التاريخي للكرة السنغالية. وقبل سنوات، ومع مطلع القرن الحالي، قاد ضيوف عدداً من النجوم الموهوبين مثل خاليلو فاديجا لتحقيق الإنجاز الأبرز في تاريخ كرة القدم السنغالية عندما بلغ الفريق دور الثمانية في بطولة كأس العالم 2002 بكوريا الجنوبية واليابان والتي كانت المشاركة الأولى والوحيدة لأسود داكار في البطولة العالمية حتى عاد الفريق للظهور العالمي من خلال مونديال 2018 بروسيا. والآن، تتجه أنظار الجماهير السنغالية صوب المهاجم الخطير ساديو ماني نجم ليفربول الإنجليزي لتحقيق إنجاز فريد مع أسود التيرانجا وقيادة الفريق إلى الفوز بلقب كأس الأمم الإفريقية للمرة الأولى في تاريخ السنغال، وذلك من خلال النسخة الجديدة للبطولة التي تستضيفها مصر من 21 يونيو الحالي وحتى 19 يوليو المقبل. ويمتلك ماني 26 عاماً الإمكانات التي تؤهله لقيادة الفريق إلى هذا الإنجاز خاصة إذا نجح في نقل نجاحه الفائق على مستوى الأندية إلى مسيرته مع المنتخب السنغالي في البطولة الإفريقية المرتقبة. ويضاف إلى هذا العلاقة القوية التي يرتبط بها ماني مع المحيطين به ومن بينهم رفاقه بالمنتخب السنغالي حيث يشتهر اللاعب بالهدوء والالتزام الأخلاقي والتواضع في التعامل مع الجميع مما يعطيه قدرة هائلة على التأثير في المحيطين به. وولد ماني في مدينة سيدهيو السنغالية ونشأ في قرية «بامبالي» التي كان والده إمام مسجدها وهو المسجد الذي دفع ماني قبل سنوات قليلة تكاليف إعادة تشييده. وبدأ ماني معرفته بالكرة من خلال أكاديمية «جينيريشن فوت» التي قال مؤسسها مادي توري، في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية «بي.بي.سي»: إن ماني يمتلك أشياء قد لا يمتلكها الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرازيلي نيمار دا سيلفا نجما برشلونة الإسباني». وبدأ ماني مسيرته الاحترافية في يناير 2012 مع فريق ميتز الفرنسي وسطع نجمه مع الفريق في غضون ستة أشهر لينتقل بعدها إلى ريد بول سالزبورج النمساوي في صيف 2012. وصنع ماني بداية شهرته في عالم الاحتراف مع الفريق السنغالي حيث سجل له أكثر من 30 هدفاً في أكثر من 60 مباراة خاضها مع الفريق قبل أن يتقدم خطوة جديدة في مسيرته الاحترافية بالانتقال إلى ساوثهامبتون الإنجليزي في أول سبتمبر 2014. وسجل اللاعب أكثر من 20 هدفاً مع ساوثهامبتون في نحو 70 مباراة خاضها مع الفريق مما دفع مسؤولي ليفربول إلى التعاقد معه في صيف 2016 ضمن محاولات تدعيم الفريق تحت قيادة المدرب الألماني يورغن كلوب. وترك ماني بصمة تاريخية في سوق انتقالات اللاعبين الأفارقة وقتها حيث انتقل إلى ليفربول مقابل 34 مليون جنيه إسترليني ليتجاوز بهذا الرقم القياسي السابق الذي كان من نصيب الإيفواري ويلفريد بوني الذي انتقل من سوانسي سيتي الإنجليزي إلى مانشستر سيتي الإنجليزي في يناير 2015 مقابل 28 مليون جنيه إسترليني. ومع استمرار تألق اللاعب؛ حيث سجل وصنع لليفربول العديد من الأهداف، لم يكن غريباً أن تختار «بي.بي.سي» اللاعب في المركز الثاني باستفتاء أفضل لاعب إفريقي للعام 2016 بينما حل اللاعب ثالثاً خلف الجزائري رياض محرز والجابوني بيير إيمريك أوباميانج في استفتاء الاتحاد الإفريقي للعبة (كاف) على جائزة أفضل لاعب إفريقي لنفس العام. كما واصل اللاعب تألقه ومسلسل تهديفه الرائع مع ليفربول في الموسمين الماضيين لينال العديد من الجوائز الفردية قبل أن يتوج مسيرته في الموسم المنقضي بإحراز لقب دوري أبطال أوروبا إضافة لاحتلال ليفربول المركز الثاني في الدوري الإنجليزي بفارق نقطة واحدة خلف مانشستر سيتي. ولهذا، يحلم ماني بتحقيق طموحات الجماهير السنغالية ويتطلع إلى قيادة الفريق للفوز باللقب الإفريقي. لكن المشكلة الحقيقية التي قد تواجه ماني في البطولة الإفريقية بمصر هي الانطباعات التي أخذتها عنه الجماهير المصرية بأنه يتسم بالأنانية وعدم الرغبة في التمرير أو معاونة زميله في ليفربول النجم المصري الشهير محمد صلاح. وربما أدى التنافس بين اللاعبين في صفوف ليفربول إلى بعض التحفظ من الجماهير المصرية تجاه ماني وهو ما قد ينجح اللاعب في علاجه سريعاً من خلال مهاراته الفائقة لاسيما وأن الجماهير المصرية تتسم بأنها ذواقة للفن الكروي الجميل.