لا أعلم على وجه التحديد كيف جاء التعامل في لساننا بكلمة بسيط، التي نتداولها في محادثاتنا وفي المراسلات والمخاطبات. يقال الأمر بسيط، المبلغ بسيط، المشكلة بسيطة، خذ الأمر ببساطة.. إلخ. هذه الأساليب استخدمت لتعني الشيء اليسير أو السهل أو الطفيف بينما المعنى اللغوي مغاير تماماً للاستخدام الدارج. والمعنى اللغوي/ اللساني كما جاء في آيات من القرآن الكريم ومعاجم اللغة يعني الأمر الواسع الضخم غير السهل: (الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده) في لسان العرب لابن منظور: في أسماء الله تعالى الباسط هو الذي يبسط لعباده ويوسعه عليهم بجوده ورحمته ويبسط الأرواح في الأجساد عند الحياة، والبسط نقيض القبض، وبسط الشيء نشره، وبسط العذر قبوله، والبسيط من الأرض كالبساط في الثياب والجمع بسط ويد بسيطة أي مطلقة). وفي التنزيل العزيز (إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم) وأيضاً (لو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض). وكذا (لئن بسطت إلى يدك لتقتلني ما أنا باسط يدي إليك لأقتلك) (ولا تجعل يدك مغلولة ولا تبسطها كل البسط). والله يبسط الرزق لمن يشاء، بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء، والله جعل لكم الأرض بساطاً. وغيرها الكثير من الآيات التي جاءت بسان عربي مبين. هكذا المعني اللغوي/ اللساني، لكن كيف انقلب المعنى إلى الضد في لغتنا اليوم المتداولة اليوم بل وصل الأمر إلى شيء مما يكتب ويحكي في مرافعات أمام القضاة فيكتبون: المبلغ بسيط لا يشكل على المدين وحكمنا بدفعه دون تأجيل. ويقول مهندس الطرق: لقد وجدنا شرخاً في الجسر، لكنه لا يؤثر على سلامة المرور. وهو هنا يعني أنه يسير سهل طفيف، وكذا الطبيب عندما يكتب إن المريض يعاني من فيروس كبدي وهو أمر بسيط لا يستوجب خوفاً أو قلقاً، وهذا بخلاف الحال. كذا الحال مع المصرفي أو المحاسب القانوني أن يقول للجمعية العمومية للمساهمين إن حجم الديون التالفة بسيط لا يزيد على 200 مليون ريال. ولا نريد مسؤولاً حكومياً يقول إن نسبة السعودية بسيطة. والأمر في غاية اليسر والسهولة فلعلنا نصحح ما نتداول خطأ، أن بسيط معناه كبير واسع معقد غير سهل ولا يسير وفقاً لما تم من سياق بدلالة الآيات ومعاجم اللغة وعليه فلا يقبل من مسؤول يخطب ويقول الأمر بسيط؛ بل من الواجب القول إن الأمر يسير، سهل، طفيف..