ارتكزت أعمال القمة العربية الأوروبية في شرم الشيخ في مصر والتي يحضرها 24 من زعماء دول الاتحاد الأوروبي وعدد من زعماء الدول العربية على مفهوم «الاستثمار في الاستقرار» كفلسفة اقتصادية ثرية بكافة أبعادها ومضامينها تسعى كافة دول العالم لانتهاجها ولتكون انطلاقتها الفعلية من أعمال القمة العربية الأوروبية في وقت حققت الاستثمارات السعودية للنفط والغاز والتكرير والبتروكيميائيات في أوروبا أكبر نمو في تاريخها بزعامة عملاقي النفط والبتروكيميائيات في العالم شركتي «أرامكو السعودية» و»سابك» واللتين أدركتا بعمق أهمية ديمومة استقرار استثماراتهما الضخمة الدولية والتي تحكمها العوامل الجيوسياسية، في حين نجح العملاقان في تأسيس كيانات صناعية إستراتيجية قوية في قلب أوروبا بحجم استثمارات وتجارة وأصول يقدر بحوالي 50 مليار دولار وتجاوزت الشركتان تحديات في تعزيز عولمتهما في قطاعات النفط والغاز والتكرير وسلاسل التوريد والإمداد. ونجحت أرامكو السعودية أخيراً من جانب خطط توغلها الكبير في أوروبا باستكمال استحواذها على حصة شركة «لانكسيس» في مشروع «أرلانكسيو» المشترك للكيميائيات المتخصصة، ومقره هولندا، حيث تم هذا الاستحواذ بشراء أرامكو لحصة شركة «لانكسيس» البالغة 50 % في مشروع «أرلانكسيو»، بقيمة 1.5 مليار يورو، وذلك بناءً على القيمة الكاملة للمنشأة. وسيعزز هذا الاستحواذ جهود أرامكو لتنويع أعمال الشركة في قطاع التكرير والمعالجة والتسويق، كما يعزز من قدراتها في مراحل سلسلة القيمة بمجال الطاقة والكيميائيات. في وقت تنظر أرامكو لصفقة «أرلانكسيو» بالناجحة وهي إحدى الشركات العالمية المنتجة للمطاط الصناعي ولدائن الإيلاستومر، والتي تورّد لكبريات شركات تصنيع الإطارات وقطع غيار السيارات حول العالم. وسيمكّن استحواذ أرامكو السعودية الكامل على شركة أرلانكسيو تطوير فرص النمو العالمية، وذلك بالتكامل مع المركز القوي لأرامكو السعودية في مجال توفير اللقيم. في حين ستواصل «أرلانكسيو»، بعد استحواذ أرامكو السعودية عليها بالكامل، الاضطلاع بدورها في تطوير منتجات الكيميائيات المتخصصة والمطاط الصناعي وإنتاجها وتسويقها وبيعها وتوزيعها، وعلى الأخص لكبريات شركات تصنيع الإطارات والسيارات العالمية، كما ستحتفظ بمقرها الحالي في ماستريخت بهولندا. في وقت تعتزم أرامكو تعزيز الاستثمارات في التكرير والبتروكيميائيات للدخول إلى أسواق جديدة وترى أن تحقيق نمو في قطاع الكيميائيات جوهري لخفض مخاطر حدوث تباطؤ في الطلب على النفط. ونتج عن بيع الحصة الأولى البالغة 50 % في أرلانكسيو لأرامكو السعودية تقييم الشركة عند 2.75 مليار يورو. من جهتها تفرض شركة «سابك» منافستها القوية في ثمانية مواقع تصنيعية في أوروبا وأضخمها مجمع تيسايد للبتروكيميائيات في بريطانيا المملوك لسابك ونجاح دعم خطط الشركة في تنفيذ مشروع تكسير الغاز بعد أن قررت سابك تطوير المصنع القائم وتطوير الجانب اللوجستي وإنشاء مفاعل جديد للإيثان حيث استهدفت الخطة إنجاز أول عملية تكسير للإيثان حيث حقق مشروع تكسير الغاز في تيسايد تقدماً كبيراً في ضخ الإيثان النقي لتغذية أفران وحدة الأوليفينات السادسة بأمان، وأعلنت إدارة المشروعات العالمية بقطاع الشؤون الهندسية وإدارة المشروعات أن وحدة التكسير أثبتت قدرتها على تقديم معدل تغذية مطرد مع تحقيق زيادة تدريجية. ويمثل موقع المملكة المتحدة في تيسايد بالنسبة لسابك» أهمية استراتيجية من حيث منظور سلسلة التوريد العالمية. وسيعمل مشروع التكسير المرن على تأمين مستقبل موقع تيسايد لتوفير فرص عمل مستمرة للمجتمع الأوسع خلال العقود القليلة القادمة. وتجسد هذه السفن المبتكرة المستقبل المستدام الذي ترغب «سابك» في المساعدة على خلقه في مختلف مواقع وأقاليم أعمالها وصناعاتها. في حين ظفرت سابك باستثمارات قوية في إنجلترا في مشروع تحويل وحدة تكسير ضمن استثمار رئيس لتمكينها من الحصول على غاز الإيثان جنباً إلى جنب مع المواد الأولية الأخرى، لجعلها واحدة من أكثر وحدات التكسير مرونة وتنافسية في أوروبا. وبجانب تعديل وحدة التكسير ذاتها، تطلب مشروع التحويل بناء خزان تبريد إيثان جديد وسفن بنيت لغرض نقل الإيثان من ساحل الخليج الأميركي إلى المملكة المتحدة.