خمسة من الخبراء الذين يعملون في مشروع مركز الملك سلمان للإغاثة فقدوا حياتهم خلال قيامهم بنقل حملة ألغام حوثية بعد نزعها في محافظة مأرب أخيرا، وليست هذه آخر الحوادث الناجمة عن هذه الأسلحة القاتلة التي زرعتها الميليشيات الحوثية بصورة عشوائية في مختلف أنحاء اليمن، فلم تستثن الجبل ولا السهل ولا القرية ولا المدينة ولا حتى البحر، كما تم زرعها في منازل ومنشآت ومزارع وطرقات عامة؛ لتكون سبباً شبه يومي في خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات. في مقابل هذا العمل الإجرامي، ولاستباق أضراره الجسيمة القابلة للانفجار في أي لحظة، ظل مركز الملك سلمان للإغاثة، وإلى جانب أعماله الإغاثية، يولي اهتماماً كبيراً بتكثيف العمل على تطهير الأراضي اليمنية من الألغام، وأثمرت هذه الجهود عن انتزاع أكثر من 30 ألف لغم حتى نهاية عام 2018م، كما أسهم الطاقم الطبي في معالجة الجرحى من تفجر الألغام، وتأهيل المصابين والمبتورة أطرافهم، وتقديم رعاية صحية متكاملة لهم. هذا العمل، بما يتضمنه من تضحية نبيلة، يعد جزءاً من دور المملكة العربية السعودية لإعادة الأمل إلى يمنٍ آمن، يعيش شعبه في سلام ورخاء على أرضه، ولكنه يستوجب في الوقت ذاته أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته في حماية المدنيين، ويتعامل بمزيد من الجدية مع قيام نظام طهران بمنح مختلف الأسلحة والألغام لميليشيات الحوثي مع خبراء في طريقة صنعها وزرعها عشوائياً، مع كامل العلم بأنها خطر داهم يستهدف الأبرياء من الأطفال والنساء، ويؤدي إلى مزيد من الدمار. وقد بلغت كميات ما تم توزيعه في داخل اليمن وعلى الحدود براً وبحراً نحو نصف مليون لغم، وزعتها أيادي الشيطان الحوثية، وكأنها تخطط لعملية تدمير شامل لأراضي اليمن بطولها وعرضها، في تعبير واضح عن العقلية الإجرامية المحضة لهذه الميليشيات الانقلابية المتورطة في أبشع الجرائم الإنسانية تجاه الشعب اليمني، فالأمر لا يتعلق هنا بأعمال عسكرية محدودة، وإنما بعمل ممنهج لقتل أسباب الحياة في بلد عانى الأمرين من حملة شرسة تنفذ من الداخل وتدار من الخارج، لفرض النفوذ الفارسي بما يقود إلى زعزعة استقرار المنطقة والعالم. إن الألغام على خطورتها واتساع رقعتها التدميرية ليست سوى مظهرٍ واحد من سياسة هذه الفئة المجرمة التي أثبتت باختراقاتها المستمرة للاتفاقيات الدولية، أنها لن تكون أبداً شريكاً حقيقياً في سلام اليمن، وهو ما يتطلب تسمية الأشياء بمسمياتها، والحكم المنصف عليها، وبدء تشكيل تجمع دولي للضغط على الأممالمتحدة لتغيير طرق تعاطيها مع قضية اليمن، وتحكيم العدل والتفكير بمنطق لواقع الأحداث، وإدراك خطورة الوضع بصورة عاجلة، ورفع الضرر عن شعب بأكمله. إن نزع من زرعوا الألغام عن أرض اليمن لا يقل أهمية عن نزع الألغام نفسها، بل هو أساس تخليص هذا البلد من أسباب الموت والدمار التي وضعها هؤلاء المجرمون في كل زواياه، واضعين معها مستقبل شعبه على طريق المجهول. إنه واقع يجب أن تواجهه الأممالمتحدة والقوى الدولية بإجراءات قوية وعملية لإنهاء الوجود الإيراني، وطرد ميليشياته، وإعادة الحكم للشرعية، وقد مرت على العالم كثير من التجارب التي تم فيها رفع الظلم عن الشعوب بالمواقف الدولية الموحدة والصارمة. سيكون هذا تمهيداً لاسترجاع الحياة لطبيعتها، وإقرار خطة عاجلة لمشروع إعادة إعمار اليمن ومنح أبنائها المشاركة فيها وبموجب اتفاقيات يتم الالتزام بها والمشاركة الإيجابية فيها بين كل أطراف القوى اليمنية تحت مظلة الحكومة الشرعية، وتشارك في حضور هذه الاتفاقية الدول المتكفلة بالمساهمة مادياً ومعنوياً لإعمار اليمن الجديد، وهذا هو الأمل والحلم لغالبية أهل اليمن ولكل عربي يحب أن تبقى اليمن عربية أصيلة.