كنت استعرض ملفا خاصا بي يتضمن قائمة طويلة من أسماء المستخدم وكلمات المرور حيث وجدت 27 اسم مستخدم وكلمة مرور تتعلق جميعها بالدخول لمواقع الخدمات الالكترونية التابعة لجهات حكومية أو لبعض إدارات القطاع الخاص، ومن هنا تساءلت مندهشا كيف للعقل البشري أن يحتفظ بكل هذه البيانات لاسيما وأن كثيرا من أسماء المستخدم معقدة جدا وتختلط فيها الحروف بالأرقام والرموز حفاظا على سرية المعلومات الشخصية والبيانات الأخرى! لا تستطيع ذاكرة الانسان أن تحتفظ بكل بيانات الدخول الى المواقع الالكترونية المختلفة، اذ لابد من تسجيل هذه البيانات في ملف خاص للرجوع اليها عند الحاجة. ولكن ماذا لو تم فقد أو تلف أو سرقة هذا الملف بكل ما يحتويه من معلومات بالغة الأهمية؟، حينئذ سيجد المستفيد نفسه مضطرا لمخاطبة كل أقسام الدعم الفني التابعة للجهات المقدمة للخدمات الالكترونية التي يشترك معهم في الاستفادة من خدماتهم الكترونيا دون الحاجة لمراجعتهم والحضور إليهم. مما لا شك فيه أنه ينبغي على كل شخص أن يحفظ بياناته ليضمن عدم الدخول واختراق جدران الحماية الخاصة بحسابه ومن ثم الاطلاع على البيانات السرية للحساب والعبث بها، بل ان الجهات المقدمة للخدمات الالكترونية كثيرا ماتحذر المستفيدين عبر الرسائل النصية القصيرة من عمليات التلاعب والاحتيال وسرقة البيانات الشخصية وبالتالي على هؤلاء المستفيدين توخي الحيطة والحذر بحفظ كلمة المرور واسم المستخدم لضمان أمن المعلومات الخاصة بحساباتهم. وانطلاقا من مبدأ تبسيط وتيسير الأمور على شريحة المستفيدين من الخدمات الالكترونية، فان المشكلات التي تواجهنا بهذا الشأن تدفعنا للبحث والتفكير بإيجاد وسائل بديلة تتميز بالمرونة والسرعة والسهولة دون أن يتعرض مستوى الحماية الأمنية لحساباتنا الى خطر القرصنة المعلوماتية. ولذلك فان ما دفعني لكتابة هذا المقال هو ارتفاع عدد بيانات الدخول تبعا لعدد الجهات الخدمية المتزايدة سواء في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص، اذ ليس من المعقول أن أكون مضطرا للحصول على اسم مستخدم وكلمة مرور كلما أسست منظمة أو مؤسسة خدمية موقعا جديدا لها على شبكة الانترنت. اذن ما هو الحل لوقف مسلسل كلمات المرور وأخواتها وبنات خالاتها؟ في اعتقادي أن الحل بسيط جدا ويتمثل في توحيد جميع مواقع الخدمات الالكترونية لتكون تحت مظلة «الخدمات الالكترونية للحكومة»، بمعنى أن يتم تأسيس موقع الكتروني تشرف عليه وتتولى حمايته وتحديثه هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات لأجل أن يكون موقعا الكترونيا موحدا لكل الإدارات الخدمية في المملكة العربية السعودية. وبعد ذلك يعطى كل مواطن أسم مستخدم وكلمة مرور للدخول على الموقع الالكتروني واختيار الجهة من القائمة المنسدلة لكل الإدارات الخدمية في بلادنا. وبذلك نكون قد ساهمنا في دمج الخدمات الالكترونية تحت مظلة رسمية للحكومة ذات مستوى حماية عال لأمن المعلومات، ومن ثم توحيد الجهود المبعثرة بما يؤدي الى خدمة المواطن والمقيم بشكل أفضل وأكثر سرعة وأقوى فاعلية. من المهم أن نساعد الناس على توفير أوقاتهم وجهودهم وطاقاتهم المهدرة في البحث عن كل جهة خدمية على حده. ومن المهم أيضا أن نعينهم على تخفيف معدل الضغط الشديد على ذاكرتهم لاسترجاع بيانات الدخول الكثيرة لا سيما وأن البعض قد تقدم به العمر ولم تعد ذاكرته جيدة لحفظ واسترجاع البيانات الرقمية باللغة الإنجليزية ناهيك عن استرجاع البيانات والمعلومات بلغته الأم. انني على يقين بأن هذه الخطوة سوف تشكل -في حال اعتمادها- نقلة نوعية بمسار الحكومة الالكترونية بما ينعكس على جودة وسرعة الخدمات من ناحية وتعزيز قواعد أمن المعلومات الالكترونية من ناحية أخرى.