مُنحت الأممالمتحدة تفويضاً بالوجود على الأرض في الحديدة لمراقبة وقف إطلاق النار واستلام الموانئ التي عاثت فيها ميليشيا الحوثي الإرهابية فساداً منذ انقلابها على السلطة الشرعية في العام 2014م. وباتت ميليشيا الحوثي مجبرة من الأممالمتحدة والمجتمع الدولي على سحب مسلحيها من الحديدة وبقية الموانئ المتبقية بيدها وما نهبته من آليات خلال 21 يومًا. ولم تكن ميليشيا الانقلاب لتقبل بالحل الدبلوماسي وتقدم التنازلات لولا ما عانته في الجبهات من ضغط عسكري مارسه الجيش الوطني التابع للشرعية والمدعوم من التحالف العربي، ما أجبرها على الرضوخ والانصياع للقرارات الأممية وقبول الحل السياسي مكرهةً وعلى مضض، بعد أن ظلت الميليشيا تراوغ خلال الفترة السابقة ولكنها الآن ترضخ للقرارات الدولية بعد أن نال منها الضغط العسكري للشرعية والتحالف الذي تقوده المملكة. وشهدت جلسة المجلس تصويت 15 دولة بالإجماع على القرار 2451 المتضمن السماح بنشر مراقبين لتنفيذ اتفاقيات مشاورات السويد في اليمن، ودعا القرار أطراف مشاورات السويد على الالتزام بالجداول الزمنية لاتفاقيات الحديدة وموانئها وتبادل الأسرى وفك حصار تعز، كما أكد على احترام وقف إطلاق النار في الحديدة وإعادة الانتشار المتبادل للقوات في موانئ الحديدة وصليف ورأس عيسى خلال 21 يوماً، وتضمن قرار مجلس الأمن مواصلة العمل من أجل استقرار الاقتصاد اليمني ومطار صنعاء، والمشاركة في محادثات يناير 2019. وشمل قرار مجلس الأمن نشر فريق لفترة أولية لمدة 30 يوما لبدء الرصد ودعم وتسهيل التنفيذ الفوري لاتفاق ستوكهولم، وتعزيز وجود الأممالمتحدة في مدينة الحديدة وموانئها وصليف ورأس عيسى مع تقديم تقرير إلى مجلس الأمن أسبوعياً، كما شمل العمل إبقاء جميع الموانئ اليمنية مفتوحة بكامل طاقتها والحاجة لتدفق الإمدادات التجارية والإنسانية والمساعدات الإنسانية دون عوائق، وطلب من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس تقديم مقترحات قبل نهاية 31 ديسمبر 2018 بشأن الكيفية التي ستدعم بها الأممالمتحدة اتفاق ستوكهولم. ويؤكد القرار التزام المجتمع الدولي بالمرجعيات الثلاث للحل السياسي في اليمن «المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار، وقرار 2216 « ويُعد كذلك امتداداً لها، وهذا ما تخشاه ميليشيا الحوثي وكانت ترفضه طيلة سنوات الحرب التي شنتها ضد الشعب اليمني بدعم من إيران دمرت خلالها البنية التحتية للدولة وزرعت الألغام وجنّدت الأطفال وقيدت حركة المواطنين وعرضت حياة المدنيين للخطر بل واستهدفتهم بشكل مباشر، وهذا مخالف لكل القوانين، وها هي باتت مكشوفة ومفضوحة أمام العالم ويصدر بحقها قرار في مجلس الأمن يتحدث صراحة عن جرائمها وهذا يعني أن الميليشيا أصبحت تعاني ضغطاً شديداً. ووضع القرار البريطاني آلية صارمة لإنهاء العرقلة الحوثية والمراوغة في الاتفاقيات والخروقات، حيث إنها ستتعرض الآن لعملية مراقبة ومتابعة صارمة ومرصودة من الأممالمتحدة ومجلس الأمن، في نفس الوقت الذي تمكنت فيه قوات الجيش الوطني المسنود من التحالف من تطويق كل الجبهات بما لا يترك لها فرصة للتعنت، فبعد أن كانت ميليشيا الحوثي تتشدق كثيراً بموضوع السيادة، ها هي ترضخ الآن لوجود عسكري دولي يأخذ منها الموانئ ويسلمها للحكومة بموجب القرار. وأشار الباحث في الشأن العربي محمد حامد، إلى أن الوساطة الأممية لحل الأزمة بدأت تؤتي أكلها ولدينا قرار دولي ملزم لن يستطيع الحوثيون خرقه هذه المرة بالإضافة أنهم بحاجة للهدنة لأنهم خسروا الكثير من المعارك والأدوات وأموالهم بدأت تتقلص، والمخازن الغذائية التي يعتمدون عليها أصبحت خاوية نتيجة إحكام الخناق عليهم من قبل التحالف العربي. وأكد حامد في تصريحات ل»الرياض» أن الحوثيين في حالة ضعف وتراجع والجيش الوطني اليمني المدعوم من التحالف العربي جيش قوي وأدواته أكثر فاعلية، لافتاً إلى أن المفاوضات المرتقبة في يناير لن تحدث إلا بعد تحقيق مخرجات مفاوضات السويد وعلى رأسها ميناء الحديدة. وقال الكاتب والمستشار الإعلامي محمد السلامة، إن القرار يدعم اتفاقات السويد بين الحكومة اليمنية وميليشيا الحوثي الإيرانية ويساهم في وقف العدوان على الأراضي اليمنية، وإيقاف إطلاق الصواريخ الباليستيه تجاه المملكة التي تزود بها إيران الميليشيا المارقة، وإنهاء الانقلاب الذي قاموا به على الحكومة الشرعية. وأضاف السلامة أيضاً أن هذا القرار يعد انتصاراً لدبلوماسية المملكة ودول التحالف ويترجم صلابة وسلامة موقفها ويدعم القرارات السابقة التي صدرت تجاه الأزمة اليمنية والدور الذي قامت به لإعادة الشرعية للدولة، وهو ما يعبر عن سلامة موقف المملكة وسياستها العادلة بقيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز - سدد الله خطاه - وسمو ولي عهده الأمين.