تحتفل دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة اليوم الرابع والعشرين من ربيع الأول 1440ه، الموافق للثاني من شهر ديسمبر 2018م، بالذكرى السابعة والأربعين لقيام اتحاد الامارات السبع. وتأتي هذه المناسبة ترجمة صادقة لمسيرة الاتحاد التي امتدت عبر 47 عاماً مضيئة وحافلة بالأحداث والمهام الكبيرة والإنجازات التي رسم ملامحها الأولى وأرسى دعائمها مؤسس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -رحمه الله- وإخوانه الآباء المؤسسون وسار على دربه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، الذي قاد مسيرة وطن العطاء لتتواصل مسيرة التقدم والازدهار على مختلف المستويات والصعد كافة. وكانت الانطلاقة التاريخية لهذا الاتحاد قد بدأت بإجماع حكام إمارات أبوظبيودبي والشارقة وعجمان والفجيرة وأم القوين في الثاني من ديسمبر عام 1971م واتفاقهم على الاتحاد فيما بينهم حيث أقروا دستوراً مؤقتاً ينظم الدولة ويحدد أهدافها. وفي العاشر من شهر فبراير من عام 1972م أعلنت إمارة رأس الخيمة انضمامها للاتحاد ليكتمل عقد الإمارات السبع في إطار واحد ثم أخذت تندمج تدريجياً بشكل إيجابي بكل إمكاناتها. وشهد العام الحالي تطوراً استراتيجياً في العلاقات التاريخية بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في إطار رؤيتهما المشتركة للارتقاء بالعلاقات الثنائية وتعزيز علاقات التعاون في مختلف المجالات تحقيقاً للمصالح الاستراتيجية المشتركة بين البلدين والشعبين الشقيقين، وحرصهما على دعم العمل الخليجي المشترك، وتمثل هذا التطور في تكثيف التشاور والاتصالات والزيارات المتبادلة على مستوى القمة والاتفاق على تشكيل لجنة عليا مشتركة بين البلدين لتنفيذ الرؤى الاستراتيجية لقيادة البلدين للوصول إلى آفاق أرحب وأكثر ازدهاراً وأمناً واستقراراً والتنسيق لمواجهة التحديات في المنطقة لما فيه خير الشعبين الشقيقين وشعوب دول مجلس التعاون كافة. وترتبط دولة الإمارات العربية المتحدة، بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد بن سلطان آل نهيان والمملكة العربية السعودية بقيادة أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظهما الله-، بعلاقات تاريخية قديمة، قِدَمَ منطقة الخليج نفسها، ضاربة في جذور التاريخ والجغرافيا، تعززها روابط الدم والإرث والمصير المشترك، وحرص قيادتي البلدين على توثيقها باستمرارها وتشريبها بذاكرة الأجيال المتعاقبة، حتى تستمر هذه العلاقة على ذات النهج والمضمون، مما يوفر المزيد من عناصر الاستقرار الضرورية لهذه العلاقة، التي تستصحب إرثاً من التقاليد السياسية والدبلوماسية التي أُرسيت على مدى عقود طويلة، في سياق تاريخي، رهنها دائماً لمبادئ التنسيق والتعاون والتشاور المستمر حول المستجد من القضايا والموضوعات ذات الصبغة الإقليمية والدولية، لذا تحقق الانسجام التام والكامل لجميع القرارات المتخذة من الدولتين الشقيقتين في القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك. إن المملكة والإمارات أسهمتا في قيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وكانت مواقفهما متطابقة تُجاه القضايا العربية المشتركة، كالقضية الفلسطينية والوضع في مصر وسورية والعراق واليمن، والعلاقات مع إيران في ظل احتلالها للجزر الإماراتية الثلاثة، علاوة على موقفهما المتطابق من الغزو العراقي لدولة الكويت، إضافة للتدخل الإيراني في الشؤون البحرينية. وكان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- منذ أن كان أميرًا لمنطقة الرياض، من الداعمين للعلاقات التاريخية بين المملكة والإمارات، حتى تولى -حفظه الله- مقاليد الحكم في البلاد، حيث لا تزال المملكة متمسكة بمنهجها الثابت في الحفاظ على علاقاتها الأخوية مع دول المنطقة، ودعم اللحمة الخليجية، وبالمقابل تسعى دولة الإمارات إلى تعزيز هذا الموقف، إذ أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة في أكثر من مناسبة أن العلاقات الإماراتية السعودية تجسيد واضح لمعاني الأخوة والمحبة والروابط التاريخية المشتركة. وتم إنشاء مجلس التنسيق السعودي الإماراتي ضمن اتفاقية بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في شهر مايو 2016، بهدف التشاور والتنسيق في الأمور والموضوعات ذات الاهتمام المشترك في المجالات كافة. وانتهجت دولة الإمارات منذ إنشائها سياسة واضحة على مستوى المنطقة الخليجية والعربية والدولية وعملت على توثيق كل الجسور التي تربطها بشقيقاتها دول الخليج العربي ودعمت كل الخطوات للتنسيق معها. وتحقق هذا الهدف عند إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية حيث احتضنت أبوظبي أول مؤتمر للمجلس الأعلى في الخامس والعشرين من مايو عام 1981م الذي تم خلاله إعلان قيام مجلس التعاون. وتعد دولة الإمارات العربية المتحدة التي تتألف من سبع إمارات هي (أبوظبيودبي والشارقة ورأس الخيمة والفجيرة وعجمان وأم القيوين)، من أنجح التجارب الوحدوية التي ترسخت جذورها على مدى أكثر من أربعة عقود متصلة ويتميز نظامها بالاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وذلك نتيجة طبيعية للانسجام والتناغم بين القيادات السياسية والتلاحم والثقة والولاء والحب المتبادل بينها وبين مواطنيها. واضطلعت دولة الإمارات بدور نشط على الساحتين العربية والدولية وعملت بمؤازرة شقيقاتها دول التعاون لتحقيق التضامن العربي ومواجهة التحديات التي تواجه الأمتين العربية والإسلامية. كما كان لها أثر فاعل في جامعة الدول العربية وفي منظمة المؤتمر الإسلامي وهيئة الأممالمتحدة ومجموعة دول عدم الانحياز والعديد من المنظمات والهيئات العربية والدولية. سياسياً تتبنى دولة الإمارات منذ تأسيسها سياسة خارجية ناجحة ونشطة، قوامها التوازن والاعتدال وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وذلك من منطلق إدراك القيادة الرشيدة أن للدولة موقعاً مسؤولًا على الصعد العربية والإقليمية والدولية كافة. ونجحت الدبلوماسية الإماراتية في إطلاق العديد من المبادرات التي تمت صياغتها لخدمة مواطنيها وشعوب العالم أجمع بالإضافة إلى دورها في تحقيق العديد من الإنجازات التي أسهمت بدورها في تعزيز مكانة الدولة على المستويين الإقليمي والدولي. إنّ الدبلوماسية الإماراتية واصلت خلال عام 2017 جهودها في بناء وتعزيز علاقات الدولة مع مختلف دول العالم حيث بلغ عدد الدول التي ترتبط مع دولة الإمارات بعلاقات دبلوماسية 192 دولة فيما ارتفع عدد سفارات الدولة في الخارج إلى 84 سفارة و20 قنصلية إضافة إلى أربع بعثات دائمة بينما بلغ عدد السفارات الأجنبية لدى الدولة 113 سفارة و 74 قنصلية عامة و16 مكتباً تابعاً للمنظمات الإقليمية والدولية. وحققت دولة الإمارات العربية المتحدة قفزات تنموية بفضل الاستقرار السياسي والأمني والاجتماعي والبنية الأساسية المتطورة التي أنجزتها والإستراتيجيات الاقتصادية والمالية التي انتهجتها والتي ترتكز على الحرية الاقتصادية وتشجيع الاستثمارات وتنويع مصادر الدخل القومي في تحقيق التطور الاقتصادي في مختلف القطاعات الإنتاجية. وتبوأت دولة الإمارات العربية المتحدة على الصعيدين الإقليمي والدولي مكانة متقدمة ومرموقة في خارطة أكثر الدول تقدماً وازدهاراً واستقراراً في العالم بحلولها في المركز الثاني عشر في تقرير التنافسية العالمي الذي صدر عن المنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس" للعام 2014 - 2015م متقدمة بذلك على دول كالدنمارك وكندا وكوريا الجنوبية في إحراز ترتيب الصدارة في العديد من المؤشرات الكلية للتقرير. وأحرزت دولة الإمارات العربية المتحدة تقدماً جديداً وبارزاً في مؤشر الابتكار العالمي بعدما حافظت على صدارتها في المركز الأول عربياً، وحصدت المركز ال35 عالمياً، لتحقق بذلك قفزة لتكون ضمن بلدان الفئة العليا الأكثر ابتكاراً في الترتيب العام للمؤشر. ووفقاً لتقارير التنافسية العالمية 2017 تصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة المركز الأول في مؤشر كفاءة الإنفاق الحكومي، وذلك نتيجة لحسن إدارة الموارد المالية للدولة والحد من هدر المال العام والتوجيه نحو الاستثمارات والمنافع الاجتماعية لخدمة جميع أفراد المجتمع، والمركز الثاني في مؤشر كفاءة الأعمال والمركز الرابع في مؤشر الكفاءة الحكومية والمركز الخامس في مؤشر الأداء الاقتصادي. وتمضي مسيرة دولة الإمارات العربية المتحدة بخطوات واثقة في دروب التميز والتفرد في سعيها لتحقيق ريادة عالمية في مختلف القطاعات ركيزتها "رؤية الإمارات 2021".. فالعناصر الأربعة لهذه الرؤية الوطنية "متحدة في المسؤولية ..متحدة في المصير.. متحدة في المعرفة.. متحدة في الرخاء" شكلت مرتكزاً رئيسياً انطلقت منه مختلف قطاعات الدولة لإطلاق المبادرات المتفردة وتحقيق الإنجازات خلال عام 2017م. ومرت مسيرة الإمارات خلال عام 2017 بمحطات عديدة من التميز والريادة والإنجاز ارتبطت بتحقيق مؤشرات الأجندة الوطنية ال52 لرؤية الإمارات 2021. وانطلاقاً من نهج الدولة وقيادتها الرشيدة بأن لا حدود للتميز فلا يمكن لأمة طموحة أن تحقق أهدافها بالركون إلى إنجازات الماضي.. لم تقف مسيرة دولة الإمارات كثيراً عندما تحقق بل مضت في طريقها نحو الوصول للمحطة الأهم في عام 2021 لتحتفل حينها باليوبيل الذهبي وتحتفي كواحدة من أفضل دول العالم. وشهد عام 2017 محطات مهمة في مسيرة العمل الحكومي الإماراتي يأتي أبرزها "خمسية التحدي" فالسنوات الخمس المقبلة هي سنوات التحدي والإنجاز لتحقيق جميع أهداف الأجندة الوطنية لرؤية الامارات 2021. وتصدرت دولة الإمارات دول المنطقة في أكثر من 100 مؤشر تنموي رئيس بالإضافة إلى العديد من المؤشرات الأخرى مثل مؤشر البنية التحتية وجودة الطرق وجودة البنية التحتية للنقل الجوي والبحري ومعدلات الأمن والأمان ومعدلات التحاق الإناث بالتعليم الجامعي وكفاءة الحكومة والثقة بالحكومة وغيرها. ومن المتوقع لسياسة التنويع أن تحقق الإمارات المزيد من النجاح والتقدم على المدى المتوسط والبعيد وأن تصل نسبة نمو الناتج الإجمالي غير النفطي إلى 5 % بحلول العام 2021 وترتفع نسبة مساهمة القطاعات غير النفطية بالناتج إلى 80 % مع تقليص مساهمة قطاع النفط إلى 20 % من الناتج الإجمالي. وفي مجال البنية التحتية أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة العديد من المشروعات التي تبلغ قيمتها مليارات الدراهم منذ بداية عام 2017م، وتتنوع ما بين المشروعات السكنية ومشروعات تطوير البنية التحتية ومنها مشروع عالمي للطاقة الشمسية المركزة في موقع واحد بدبي بتكلفة 14 مليار درهم ومشروع "مجمع أبراج الإمارات للأعمال" في دبي بتكلفة 5 مليارات درهم، إضافة إلى مشروع "وترز أج" بقيمة 2.4 مليار درهم الذي يطل على الواجهة البحرية في جزيرة ياس بأبوظبي. وكانت الإمارات من أوائل الدول التي سارعت لإغاثة اليمن ومساعدته في محنته ودعم استقراره والحفاظ على وحدة أراضيه، والوقوف إلى جانب الشعب اليمني وتقديم أوجه الدعم المختلفة من أجل تحقيق آماله وطموحاته للبناء والتنمية والاستقرار ضمن رؤية متكاملة تتحرك على مسارات متوازنة تنموية واقتصادية وسياسية واجتماعية وإنسانية، وذلك إلى جانب عملها الإنساني المشهود في التحالف العربي الذي تقوده المملكة لإعادة الشرعية في اليمن وموقفها الراسخ المتمثل في دعم الشعب السوري الشقيق بكافة السبل الممكنة ووقوفها إلى جانب مطالبه العادلة بتقرير مصيره وبناء دولة يسودها العدل والأمان وتتوفر فيها مقومات الحياة الكريمة، وكل ذلك أدى لمكانة كبيرة عززت من حضورها السياسي وتأكد ثوابتها الراسخة ومواقفها تجاه القضايا الخليجية والعربية بوجه عام والمتمثلة بتعزيز أسس الاستقرار والأمن والسلام في المنطقة العربية، لكون ذلك هو الطريق لتحقيق التنمية والرفاهية لشعوبها وتعزيز التعاون مع الدول العربية في مواجهة التحديات والتهديدات التي تواجه الأمن القومي العربي والالتزام بالدفاع عن القضايا والمصالح العربية، إلى جانب دعم العمل الخليجي والعربي المشترك والوقوف بقوة وراء أي جهود تستهدف تعزيز مسيرة التكامل الخليجي. واتسمت السياسة الخارجية لدولة الإمارات التي وضع نهجها مؤسس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -رحمه الله- بالحكمة والاعتدال وارتكازها على قواعد استراتيجية ثابتة تتمثل في الحرص على الالتزام بميثاق الأممالمتحدة واحترامها المواثيق والقوانين الدولية، إضافة إلى إقامة علاقات مع جميع دول العالم على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين بجانب الجنوح إلى حل النزاعات الدولية بالحوار والطرق السلمية والوقوف، إلى جانب قضايا الحق والعدل والإسهام الفاعل في دعم الاستقرار والسلم الدوليين. وحول علاقات دولة الإمارات بأشقائها بدول مجلس التعاون الخليجي فقد عملت على دعم وتعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك وتطوير علاقات التعاون الثنائي لتمتين صلابة البيت الخليجي الواحد من خلال الاتفاقيات الثنائية وفعاليات اللجان العليا المشتركة والتواصل والتشاور المستمرين، مؤكدة أن هذه العلاقات مصيرية راسخة تعمل على تعزيزها وتكاملها لما فيه مصلحة دول المنطقة وشعوبها. كما حرصت دولة الإمارات منذ تأسيس المجلس الخليجي على دعم العمل الخليجي المشترك وتبني المواقف التي تصب في وحدة الصف الخليجي وبما يعود بالخير على شعوب دول المجلس في حاضرها ومستقبلها، ويمكنها من مواجهة الأخطار والتحديات الإقليمية والدولية التي تنعكس آثارها السلبية على المنطقة. قيادة البلدين تعمل على توثيق العلاقات ودعم العمل الخليجي والتنسيق والتعاون علاقات تاريخية بين المملكة والإمارات تعزز التعاون وتحقق المصالح الاستراتيجية المشتركة