تكمن عبقرية تأسيس هذا الكيان الراسخ؛ المملكة العربية السعودية أنّها نهضتْ على ركائز استراتيجية بعيدة المدى تحمل بذرة مشروع نهضوي وتنموي وتنويري تجاوز في طموحه السقف العادي الذي قد يقف عنده الفكر المحدود. ومن هنا فإنّ هذا التراكم من الخبرات والرسوخ للدولة ككيان سياسي شامخ يُعدُّ ترجمة حقيقية وواقعية للاستقرار والثبات الذي اتّخذ ملمحاً لافتاً في بُنية الدولة وسياستها المتّزنة التي تنأى بها عن التذبذب والفوضى والتأرجح وفق النوازع والأهواء المتقلّبة. وقد عزّز قيمة المملكة وأهميتها رصانة حضورها واستثمارها الأمثل لمقدّراتها وثرواتها الهائلة التي حباها الله عبر توظيفها بشكل مميز جعل منها لاعباً رئيساً في مسار الأحداث المحلية والإقليمية والعالمية، وليس ببعيد عنّا دورها الكبير في رأب الصدوع بين الدول والفرقاء في مواقف تاريخية عديدة فضلاً عن الدور الداعم والمتلمّس لمعاناة الأشقّاء والأصدقاء من الدول وفي مقدّمتها القضية الفلسطينية التي تقع في قلب اهتمام دولتنا الفتية وملوكها على تعاقب حكمهم. ومن أهم الركائز التي اضطلعت بها القيادة منذ التأسيس؛ العمل على النّمو والتنمية لمواجهة التخلّف، واستقلال القرار في مواجهة التبعية وكذلك التنوير في مواجهة الجهل والظلامية. فمن الناحية الديموغرافية والإثنولوجية يلحظ المراقب حالة الوئام والتماسك في المجتمع السعودي؛ فهو يشكّل حالة استثنائية في هذا التمازج العجيب إذ لا يحكم علاقات أفراده -بفضل الله- أي تمييز عرقي أو مذهبي، فالمملكة على اختلاف مناطقها تنتظم في منظومة متماسكة ومتناغمة من العادات والتقاليد والقيم الدينية والروحية الموحَّدة، ولا مكان للتشدّد أو العقائد الدوغمائية والإقصائية حيث تغلب لغة الحوار والتسامح وتقبّل الآخر. وفي حقوق الإنسان وقيم العدل والمساواة فليس بخافٍ على أي متابع مُنصف أنّ الدين الإسلامي الحنيف رسّخ تلك القيم الروحية والدينية بشكل إيجابي من خلال عقيدته الصافية التي كرّمت المرأة كما الرّجُل وكفلت العلاقة بينهما على مبادئ الاحترام والتقدير والعدل والمساواة؛ وتعكس القرارات الأخيرة فيما يخص المرأة ومنحها حقوقها كاملة غير منقوصة هذا الاحترام للحقوق والمساواة الذي تمارسه بلادنا بقناعة مطلقة حثّ عليها الدين القويم قبل المبادئ الوضعية التي لا ترقى لسماحة وخيرية هذا الدين العظيم. وجدير بالذكر الاحتفاء بالأرض والإنسان وهو ما تترجمه الجولات الملكية المختلفة على مناطق المملكة وتدشين حِزم من المشروعات التنموية العملاقة التي تضاف للمشروعات والقفزات التنموية المذهلة التي تسارعت بشكل مذهل في هذا العهد الرشيد.