منتخب كوستاريكا هو ثالث منتخبات المجموعة الخامسة، ضمن المنتخبات المشاركة في نهائيات كأس العالم الصيف المقبل، حيث سيلعب إلى جانب المنتخب البرازيلي والسويسري والصربي، وهو الذي ينتسب إلى دولة كوستاريكا، إحدى دول أميركا الوسطى التي تتخذ موقعها بين الأميركيتين الشمالية والجنوبية، وتعتبر كوستاريكا من الدول المتقدمة على صعيد التنمية البشرية، وسميت بهذا الاسم الذي يعني "الساحل الغني"، وكانت الدولة خاضعة للاستعمار الإسباني لعدة سنوات قبل أن يتم لها الاستقلال. كروياً تعتبر كوستاريكا من الدول الصغيرة، فليس لها حضور كبير في كرة القدم، ولم يسبق لها المشاركة في الكثير من البطولات الدولية والقارية، ولا تصدر للعالم نجماً يشار إليه بالبنان، وإنما كان حضور هذه الدولة في المناسبات الكروية، حضوراً متواضعاً إلى حدٍ كبير، ربما كان مجرد المشاركة هو منتهى الطموح لأبناء الشعب الكوستاريكي، ولم يعد لهم مطمعاً في المنافسة على أي لقب أو مقعد متقدم. بدايات كروية لا يبدو معروفاً متى ابتدأت كرة القدم في كوستاريكا، فالمعلومات عن منشأ كرة القدم في هذه الدولة، تكاد تكون مجهولة أو غير كافية، لكن الأقرب هو أن كرة القدم ابتدأت تتدحرج فوق الأراضي الكوستاريكية في أواخر العام 1988م، حيث لم تكن هذه الساحرة الصغيرة معروفة من قبل بالنسبة للشعب الكوستاريكي، وكما هو الحال بالنسبة للكثير من الدول الأخرى، فقد لعب عدد من المهاجرين البريطانيين إلى الأراضي الكوستاريكية في نشر ثقافة هذه اللعبة، والتي لم تكن مشهورة في الدولة التي باتت اليوم وجهة رئيسة لعدد من السياح الأوروبيين، حيث تمتاز بسواحلها البحرية وطبيعتها الجذابة، دون أن تمتلك أندية قوية أو نجوم يشار إليهم بالبنان. الخطوة الأولى بعد أن عرف الكوستاريكيون كرة القدم، وتعلموا قواعدها وقوانينها وأنظمتها، بات ضرورياً أن يتجهوا للعمل المنظم، والخروج بكرة القدم من ضيق الشوارع وغبرة الملاعب الحوارية، إلى ملاعب منظمة ومباريات رسمية، فتم تأسيس نادي سبورت كارتاجينيس وذلك في حلول العام 1906م، وذلك على يد عدد من الشبان الكوستاريكيين والذين تنحدر أصولهم إلى الجنسية البريطانية، وابتدأ النادي يشق طريقه نحو النجومية وصناعة شعبيته في المدن الكوستاريكية، ونجح في تحقيق ما أراده من خلال جذب انتباه الشعب الكوستاريكي إليه لمتابعته والانضمام إلى قافلة مشجعيه، ويحمل النادي الأقدم تأسيساً في كوستاريكا ثلاثة ألقاب دوري حققها، قبل أن يهوي إلى غياهب الدرجات المتدنية في الكرة الكوستاريكية، وتبدأ وهج نجوميته بالانخفاض شيئاً فشيئاً. تأسيس مستمر واصل الشعب الكوستاريكي عملية تأسيس وبناء الأندية الرياضية، بهدف تقوية الحركة الرياضية في البلاد، ونقلها إلى مستوى أعلى لتكون مقاربة ومقارعة لأندية الدول المحيط بها في الأميركيتين، وفي العام 1919م تأسس فريق الاخولنسي ليكون منافساً جديداً في كرة القدم الكوستاريكية، وذلك على يد عدد من شبان كوستاريكا أرادوا أن يصنعوا لهم فريقاً كروياً يحمل لواء مدينتهم، ويكون منافساً على الألقاب المحلية، وحدث ذلك في حلول العام 1928م حيث حقق النادي أول ألقابه بتحقيق لقب الدوري المحلي، لتبدأ مسيرة كبيرة لهذا النادي في الكرة الكوستاريكية، وبات اليوم واحداً من أكثر الأندية تتويجاً بالألقاب، وذلك ليس على المستوى المحلي فقط، وإنما على الصعيد القاري كذلك، من خلال تحقيق لقب دوري أبطال الكونكاكاف عامي 1986م و2004م، وهو بذلك بات النادي الوحيد من كرة قدم كوستاريكا الذي توج نفسه بلقب هذه المسابقة، وبفضل الألقاب التي حققها النادي على مدى السنوات الماضية، بات هو من ضمن الأندية الجماهيرية في الرياضة الكوستاريكية. نمو رياضي لم تتوقف الحركة الرياضية في كوستاريكا، فقد استمر ظهور وتأسيس الأندية، ففي العام 1921م تأسس نادي هيريديانو، والذي ينتسب إلى إقليم هيرديون وذلك رغبة من الهريديون في إيصال صوتهم إلى العالم من خلال كرة القدم، وقد تأسس في بداية الأمر ثلاثة أندية، تم فيما بعد دمجها تحت نادٍ واحد، اختير له هذا الاسم ليكون هو الممثل الرسمي للإقليم، وفي العام 1945م تم تأسيس ملعب رسمي له، وذلك دعماً من المجلس البلدي في كانتون سنترال للحركة الرياضية الناشئة في الإقليم، وفي العام 1949 تم الافتتاح الرسمي للملعب الجديد، ولعبت فوق معشبه أولى المباريات الرسمية، ويعتبر النادي هو ثاني أكثر الأندية تتويجاً بعدد ألقاب الدوري المحلي، حيث توج نفسه بلقب البطولة 26 مرة، ابتدأها العام 1992م وانتهى بها في الموسم الماضي، فيما ينفرد بالمركز الأول فريق ديبورتيفو سابريسا حيث حقق اللقب المحلي 30 مرة. منتخب وطني تم تأسيس الاتحاد الكوستاريكي لكرة القدم، وذلك في العام 1921م، واتخذ مقراً له في العاصمة الكوستاريكية، ليتم في هذا العام تأسيس منتخب وطني لتمثيل كوستاريكا خارجياً، وسريعاً في عام التأسيس ابتدأت مسيرة المنتخب دولياً، فقد شارك في دورة ألعاب ذكرى استقلال أميركا الوسطى، والتي احتضنتها ملاعب دولة غواتيمالا وظهر منتخب كوستاريكا لأول مرة خصماً أمام منتخب السلفادور ونجح من هزيمته بنتيجة قاسية قوامها 7 / 0، واستكمل المنتخب الكوستاريكي حضوره القوي في هذه الدورة، واستطاع أن يتوج نفسه بالميدالية الذهبية ويحقق أول ألقابه في كرة القدم، ليفتح بذلك باب التفاؤل أمام الجماهير الكوستاريكية في حصد المزيد من البطولات المستقبلية ، وهو ما لم يحدث في أولمبياد موسكو العام 1980م وفي الأولمبياد الذي أقيم في لوس انجلوس الأميركية، حيث جاءت مشاركة كوستاريكا مخيبة للآمال. كأس عالم أول في نهائيات كأس العالم 1990م والتي أقيمت في إيطاليا، حجز منتخب كوستاريكا تذكرة الوصول إلى المونديال للمرة الأولى، كانت التوقعات أن حضوره سيكون شرفياً بمعنى الكلمة، وسيلعب المنتخب بأداء ضعيف وهزلي، أمام منتخبات تمتلك خبرة أطول وإمكانات أقوى، ولكن الذي حدث كان على عكس التوقعات، فقد قدم منتخب كوستاريكا أداءً لافتاً ومميزاً في مباريات البطولة، تأهل بفضل هذا الأداء المميز من دور المجموعات رفقة البرازيل، ولكن مغامرته توقفت في دور ال16، حين تعرض لهزيمة قاسية أمام منتخب جمهورية تشيكوسلوفاكيا 4 / 1، ليغادر المونديال رغم مرارة الخسارة إلا أنه قدم مشاركة غير متوقعة من خلال عبوره دور المجموعات. مشاركة هزيلة غاب منتخب كوستاريكا عن نهائيات كأس العالم، منذ مونديال إيطاليا العام 1990م حيث لم يوجد في النهائيات، ولم يعد المنتخب إلا في نهائيات كأس العالم 2002م والتي أقيمت مشاركة بين اليابان وكوريا الجنوبية، لكن وجوده في هذه النسخة كان يحمل خيبة آمل للكوستاريكيين حيث غادر المنتخب بعد مشاركة هزيلة من دور المجموعات، وهو ذات الأمر الذي حدث في نهائيات كأس العالم 2006م في ألمانيا، فلم يستطع لاعبو كوستاريكا التأهل من دور المجموعات، إلى الأدوار المتقدمة في سلم البطولة، وغادروا مبكراً من دور المجموعات دون تقديم أي مستوى مميز في النسخة الألمانية من كأس العالم. عودة مميزة بعد أن غاب منتخب كوستاريكا عن الوصول إلى نهائيات كأس العالم في جنوب أفريقيا 2010م، حجز بطاقة عبور إلى نهائيات مونديال البرازيل 2014م، ورغم أن القرعة أوقعته في مجموعة نارية حيث سيلعب إلى جوار إيطاليا وإنجلترا والأوروغواي، كان هو المرشح الأول لمغادرة المجموعة، ولكن حدث العكس تحت قيادة أيقونة نجم الوسط برايان رويز، والذي قدم واحدة من أجمل البطولات في مسيرته الكروية، فانتصر منتخب كوستاريكا في مباراته الأولى على الأوروغواي 3 / 1، وفي اللقاء الثاني ألحق بمنتخب إيطاليا هزيمة جديدة 1 / 0، وأمام المنتخب الإنجليزي انتهت المباراة بالتعادل 0 / 0 ليضمن بذلك التأهل بصدارة المجموعة إلى دور ال 16 لملاقاة اليونان، ورغم أنه كان متقدماً طيلة 90 دقيقة بهدف دون مقابل، إلا أن اليونانيين أدركوا التعادل في الرمق الأخير من المباراة، ليحتكم الفريقان بعد تعادلهما في الأشواط الإضافية إلى ركلات الترجيح، والتي تأهل من خلالها منتخب كوستاريكا بفضل قفاز حارسه كايلور نافاس، في ربع النهائي كان موعده المنتظر أمام هولندا، وبعد أن فشل كلا المنتخبين من الوصول إلى الشباك، اتجهوا إلى ركلات الترجيح، والتي ابتسمت للطواحين الهولندية، وأوقفت مسيرة كوستاريكا في هذه النسخة من مونديال كأس العالم. أبطال الكونكاكاف يحمل منتخب كوستاريكا في محصلته عدد ثلاثة ألقاب، لبطولة الكونكاكاف الذهبية، والتي تختص بمنتخبات أميركا الشمالية، حيث استهل ألقابه لهذه البطولة في العام 1963م وذلك في البطولة التي أقيمت فوق ملاعب السلفادور، وفي العام 1969م استضاف منتخب كوستاريكا منافسات البطولة، واستطاع أن يحقق لقبها للمرة الثانية، وفي نسخة البطولة التي أقيمت العام 1989م حقق المنتخب الكوستاريكي لقبه الثالث والأخير، ولكن غيابه عن تحقيق اللقب لا يعتبر غياباً عن تقديم الأداء المميز في البطولات التي شارك بها بعد ذلك، فالمنتخب ظل حاضراً في الأدوار المتقدمة من البطولة طيلة السنوات الأخيرة منها. مخدرات في الملاعب تعتبر المخدرات من الظواهر المنتشرة في شوارع كوستاريكا، ورغم الحرب التي تعلنها الحكومة الكوستاريكية عليها، إلا أن القضاء عليها يبدو صعباً في ظل توسع الموردين لها، ولا يبدو ذلك غريباً على دول الأميركتين والتي ينتشر بها وبكثرة تناول وتداول المخدرات والحشيش، إلا أن الغريب هو وصول هذه الحبوب المخدرة إلى ملاعب كرة القدم، ففي أبريل من العام الجاري أعلنت الشرطة الكوستاريكية، أنها ألقت القبض على لاعبين بتهمة ترويج المخدرات وهما ألكسندر رودريجيز ورومان أريتيا، وقال قائد الشرطة الكوستاريكية والتر إسبينوزا أنهم ألقوا القبض على اللاعبين أثناء عملية مداهمة لإحدى العمارات السكنية، ليتم لهم العثور على لاعب فريق بلدية جريسيا وحارس فريق سان كارلوس. هل يغسل الفضيحة؟ إلقاء القبض على لاعبين بتهمة ترويج المخدرات، كان هو الفضيحة التي هزت كرة القدم الكوستاريكية، وذلك قبل أشهر قليلة من توجه بعثة المنتخب الرسمية إلى موسكو، لخوض نهائيات كأس العالم 2018 هناك، ويعول المسؤولون عن الرياضة الكوستاريكية على أداء لاعب الوسط وقائد المنتخب برايان رويز والذي ينتظر أن يكون هذا هو المونديال الأخير بالنسبة له في قميص المنتخب، وإمكانات حارس المرمى كايلور نافاس، في أن يساهموا مع زملائهم بتقديم أداء مميز في البطولة، لغسل ومحو عار فضيحة المخدرات التي باتت مسيطرة على الكرة الكوستاريكية، وهو الأمر الذي لا يبدو بعيداً في قدرة كوستاريكا على تقديم أداء مميز في البطولة، باعتبار أنه فعل ذلك في المشاركة الأخيرة في المونديال البرازيلي. رويز أبرز الأسماء الكوستاريكية منتخب كوستاريكا فريق كوستاريكا نافاس قفاز كوستاريكا الذهبي Your browser does not support the video tag.