تشهد المنطقة الشرقية مناورات ضخمة لقوات مُهيبة تقودها القوات السعودية المُسلحة، عُرفت باسم "درع الخليج المشترك -1"، وتحمل المناورة بين طيّاتها سلسلة من التمارين، تهدف إلى رفع الجاهزية القتالية للقوات المشاركة، وتبادل الخبرات العسكرية بين الشرق والغرب، ويتميّز التمرين بفن مختلف الاستراتيجيات والمقومات العسكرية؛ تبعاً لتحقيق الأهداف للدول المشاركة جميعاً، كما يهدف إلى تفعيل مفهوم خطط الدفاع المشترك للتصدي للأعمال العدائية الموجهة من قبل المنظمات الإرهابية والدول الداعمة لها وإبراز التماسك والتجانس العسكري بين الدول المشاركة، وتنمية الشعور بالأمن والسلام الجماعي ووحدة الصف والمصير المشترك تجاه خطر يهدد أمنهم القومي، وتفعيل ومن ثم توحيد منظومات وإجراءات القيادة والسيطرة والاتصالات للقوات المشاركة بالتمرين، وبالإضافة إلى التدريب على عمليات الإمداد اللوجستي في العمليات العسكرية. والقوات المسلحة السعودية تؤمن بأن معظم الأساليب الحربية تعتمد على التكامل بين المناورات الحربية؛ لتحقيق الهدف المأمول أمام حفظ وصون الإنسانية من العُنف والقتل والترهيب، ويُعتبر تمرين درع الخليج المشترك -1 تعبيراً تكتيكياً من حيث الموقع الذي اُختير له، ومن حيث الأهداف السياسية والعسكرية والاقتصادية، فهو شامل ومختلف نسبياً عما سبقه من مناورات. "الرياض" طرحت عدة تساؤلات لكُتّاب ومحللين سياسيين على مستوى الوطن العربي فيما يخص جانب الأهداف السياسية من قيام مناورات "درع الخليج المشترك-1" لتقديم رؤى تحليلية تجاه هذا الحدث الذي سيتزامن مع انعقاد القمة العربية 79 في المنطقة الشرقية أيضاً، وكانت التساؤلات تقيس الانطباعات عن قيام مناورات بهذا الحجم خاصةً في هذا التوقيت وفي المنطقة الشرقية تحديداً، وكيف ستعزز هذه المناورات- العلاقات السياسية بين الدول المشاركة؟ وأهميتها سياسياً. وفي هذا الشأن قال الكاتب والمحلل السياسي عبدالرحمن الراشد ل"الرياض": "ليست مصادفة أن تحشد كل هذه القوات من 24 دولة، ضمنها قوات دول كبرى، تجري تدريبات عسكرية مكثفة في وقت سياسي مشحون إقليمياً، إضافة إلى رفع الجاهزية العسكرية لقوات الدول المشاركة فإنها أيضاً ترسل رسالة للدول المعنية، تستعرض قدرة الدول على تكتل والتنسيق العسكري بينها. واختيار المنطقة الشرقية للمناورات براً وبحراً وجواً يضعها قبالة أعين الإيرانيين وغيرهم". وأكد الراشد أن مناورات درع الخليج المشترك -1 ليست نشاطاً استفزازياً كما أشار البعض! فالإيرانيون أنفسهم سبق وأجروا مناورات استعراضية عسكرية في يناير الماضي على شواطئ مكران وبحر عمان، وأخرى على الحدود العراقية بالقرب من إقليم كردستان؛ وأضاف: المناورات ليست موجهة ضد دولة بعينها بل اختبار للقدرات لتعزيز الموقف السياسي،فالأربع وعشرون دولة ماكانت تجمع قواتها من برية وبحرية وجوية ودفاع جوي وقوات خاصة وتسمح لها بالانخراط في مناورات بالذخيرة الحية مع قوات أخرى؛ لولا أنها متقاربة في المواقف السياسية، وبالتالي هي مناورة عسكرية مشتركة تعبر عن تعاون سياسي بين دول مواقفها متقاربة. وأشار الراشد إلى أن تمتين العلاقة العسكرية يأتي عادة نتيجة علاقة سياسية متقاربة، وتمثل المناورات المشتركة مرحلة متقدمة من التنسيق السياسي، وتعكس الثقة بين الحكومات المشاركة. التقارب العسكري بدوره يعزز من العلاقة السياسية بين الحكومات التي تتخذ قراراتها في القضايا المصيرية بناء على تميزها واستعدادها العسكري. لهذا فالمناورات المشتركة هي نشاط سياسي يقوم به العسكريون. فيما يرى أنور مالك الكاتب والمراقب الدولي لحقوق الإنسان في حديثه ل"الرياض"،"أن هذه المناورة كبيرة وتعتبر الثالثة من حجمها وقوتها مثل مناورة عاصفة الصحراء من حيث نوعية هذه المناورة التي استعملت فيها الأسلحة والذخيرة الحية ومن حيث شعارها "درع الخليج" تدخل من ضمن رفع الجاهزية في ظل التحديات التي تواجهها المنطقة"، وأكد مالك أن هذه المناورات تدل على مكانة المملكة في العالم، وإلا فكيف استطاعت أن تحشد كل هذه الجيوش في مناورة عسكرية بمثل هذا الحجم؟ ويرى أن المملكة تدرك أن التحديات مقتصرة فقط على الجوانب السياسية أو الدبلوماسية أو الاقتصادية بل وصلت إلى الدرجة العسكرية وهذا تجسد في عملية عاصفة الحزم، وأن مواجهة المشروع الإيراني لن تقتصر على الجانب السياسي أو الفكري أو العقائدي بل تطورت عسكرياً من خلال عاصفة الحزم، بسبب دعم إيران لميليشيات الحوثي في اليمن. ويضيف المالك، ستتطور لاحقاً إن لم تلتزم إيران بالقوانين الدولية مثل احترام سيادة الدول وحسن الجوار. وأشار المراقب الدولي لما قاله صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظه الله- فيما يخص صناعة القنبلة النووية، بأنه في حال صنعت إيران قنبلة نووية فالمملكة ستصنعها أيضاً؛ لأن إيران لا يؤمن جانبها وهي تقود مشروع تخريبي في المنطقة. ويعتقد المالك أن كل هذه عبارة عن مؤشرات بمضمونها أن المملكة الآن دخلت مرحلة جديدة ليست كما السابق حيث كانت تراهن كثيراً على الحل السياسي والدبلوماسي أكثر من الحل العسكري، وما رفع جاهزية الجيش السعودي ووجود حلفاء عسكريين على مستوى دول عُظمى هذا كله إلا تأكيداً على أن خيارات المملكة هي التي تلقى الإجماع الدولي وأن خيارات المملكة مصيرها البقاء لأنها تواجه تحديات ومخاطر في المنطقة، ولا توجد مناورة عسكرية دون رسائل سياسية ومثل هذه المناورة يتضح من خلالها رسائل صريحة لإيران في حال لم تلتزم في القوانين والمواثيق الدولية. من جانبها كشفت الكاتبة سوسن الشاعر، أن المناورات هي تدريبات من نوع خاص وتقوم على دراسة إمكانية التنسيق بشكل مكثف ومركز على قطاعات معينة بالجيش بشكل عام وعندما تقام هذه المناورات بشكل دوري ومتصل ستعزز من عمل القوات المشتركة وخاصةً دول الخليج، وأكدت الشاعر أن لهذه المناورات ثقل سياسي كبير خاصة في إقامتها بهذا الوقت وفي المنطقة الشرقية من الأراضي السعودية تحديداً، فهي ترسل رسائل لكل المحيطين بهذه المنطقة وعلى رأسها إيران وحتى لقطر في حال كان هناك أي تهديد أو خطر محتمل في المستقبل. وترى الشاعر أن هذه المناورات تعيد الأمور إلى نصابها وتعطي رسائل بأن الدول المشاركة في التمرين ستكون مُتأهبة في حال واجهت أي تهديد محتمل. وأكدت أن العلاقات السياسية لا تنفصل بتاتاً عن أي علاقة عسكرية أو أمنية فكل منهم يخدم الآخر، فالعلاقات السياسية تُعزز حينما تكون هناك تدريبات عسكرية مشتركة بين الدول ومناورات مثل درع الخليج المشترك-1 ستعزز موقف الدول سياسياً حتى بالتفاوض، وأشارت إلى أهمية مثل هذه المناورات سياسياً فهي فرض أمر واقع أمام الآخرين ممن يشكّلون تهديداً وخطراً، من خلال عرض هذه القوة والقدرات العسكرية من خلال المناورات وعلم الطرف الآخر بالإمكانيات سيُغني أن يدخل الطرف الآخر في معترك غمار العمليات العسكرية. التمرين يهدف إلى تفعيل مفهوم خطط الدفاع المشترك جاهزية عالية يشهدها التمرين جانب من القوات السعودية المشاركة التمرين شهد مشاركة 24 دولة في درع الخليج المشترك -1 Your browser does not support the video tag.