تتجدّد أهمية الثقافة والمثقفين مع كل حدث ونشاط ثقافي، على اعتبار أن المثقف يلعب دوراً مهماً ورئيساً في تشكيل الوعي وصوغ الشخصية وإشاعة ثقافة الجمال والتسامح في المجتمع، إذ لا يقتصر دوره على الهم الكتابي أو التنظيري، فهو يتجاوز في تلك الأهمية كل هذه الأدوار؛ ليشارك بفاعلية في الآداب والفنون عبر دوره الاجتماعي والثقافي والسياسي أيضاً، ومن هنا اقترانه بالالتزام، أي التزام الفكر النقدي تجاه كل الظواهر المجتمعية والسير بهذا الفكر خطوات متقدمة. ويمثّل الكتاب الزاد المعرفي الأهم للكاتب وللمجتمع أيضاً، فالكتاب وفعل القراءة يأخذان بعداً فلسفياً لجميع أطياف المجتمع ومؤسساته، ولا غرو في ذلك، فالقراءة تظل قيمة معرفية مهمة لا يمكن الاستغناء عنها، فهي ما زالت تملك ذات السحر والدهشة للقارئ الشغوف بالمعرفة، إذ تمنحه ألقاً وذهناً صافياً وتقوده إلى مفازات المعرفة وتفضي به إلى حالة اشتباك وتأمُّل في كوننا الفسيح. ولعل من الجدير الإشارة إلى أن القراءة فضلاً عن كونها نافذة ثقافية على العالم فهي أيضاً نشاط إبداعي يجعلنا من كل الأوجه إنسانيين كما يشير ألبرتو مانغويل، فهو يعتقد أننا في الجوهر حيوانات قارئة وأن فن القراءة، في المعنى الأوسع للكلمة، يميز جنسنا ويجعلنا ننشأ مصممين على العثور على قصة في كل شيء: في المناظر الطبيعية، في السماوات، في وجوه الآخرين وفي الصور والكلمات التي يخلقها جنسنا، فنحن نقرأ حياتنا الخاصة وحياة الآخرين، ونقرأ المجتمعات التي نعيش فيها وتلك الواقعة وراء الحدود، نقرأ الصور والأبنية، نقرأ ما يمكن بين غلافي كتاب. بالأمس أعلنت وزارة الثقافة والإعلام عن البدء في استقبال طلبات الترشيح لجائزة الكتاب السنوية في عامها السابع، للكتب الصادرة خلال العام 2017م في مختلف الحقول المعرفية للمؤلفين السعوديين، وأوضحت الوزارة أنه سيتم تكريم الفائزين خلال افتتاح معرض الرياض الدولي للكتاب، أشارت إلى أنّ الجائزة بمقدار (500.000 ريال)، تُمنح لخمسة كتب مطبوعة. هذا الاحتفاء بالكتاب والمعرفة يظهر مدى إدراك الوزارة للكتاب كقيمة معرفية ومطلب ثقافي للمجتمع، فالكتاب - كان وما زال - الزاد المعرفي الأهم الذي لا يقل عن أساسيات الحياة الأخرى كالهواء والماء والغذاء، وهو احتفاء يشعرنا جميعاً أن الثقافة تمضي قدماً في بث الوعي وصناعته وتسييج المجتمع بالمعرفة وصونه من الوقوع في براثن الجهل والعنف وتبعاته من تسطيح وعدم تسامح وغيرها من الأمراض النفسية والسلوكية التي تهدد الأمم والمجتمعات على حدٍّ سواء. Your browser does not support the video tag.