كنت طفلة أمثل حلماً لوالدي، وأنا أعيش كل يوم من طفولتي في حلم جديد. عندما أذهب للمستشفى أحلم أن أصبح طبيبة وبعد أن أتألم من الإبرة وامتعض من طعم الدواء ألهو بطفولتي وقلب الطفلة المرتعب إلى حلم جديد. تعددت الأحلام بعدد المراحل والسنوات التي تكسوها أحلام طفلة في ثوب رقيق شفاف يتغير يوماً بعد يوم وعاماً بعد عام. لم أفكر ولم يغزوا قلبي الصغير حلم التخصص الذي أعمل به الآن وكأنه ينام في زوايا قلب والدي فقط. عندما طلب مني والدي دراسة الرياضيات وتحقيق حلمه بأن أصبح معلمة نظرت الرغبة في عينيه وبين مسافات كلماته. فوافقت ليس حباً في هذا التخصص ولكنه حب والدي الذي تملكني وربما رد الجميل وطاعة الوالدين. درست على مضض ودون رغبة ولم أتوقع في يوم من الأيام أن يقع قلبي تحت أرقام ورموز ومصطلحات رياضية رقمية. وفجأة اكتشفت داخلي عشقاً سكنني وأرقاماً بعثرت أحلام الماضي لتصبح الحلم الذي تحقق على استحياء وربما نفور لا إرادي ولكنني اليوم أمارس مهنتي بإرادتي وشغف التعلم والتعليم. وأبعث رسالة لم تصل لوالدي قبل كتابة هذه العبارات. أشكرك يا أبي أنك دفعتني إلى مسطرة وفرجار ومنقلة غيرت مجرى حياتي. ممتنة لك والدي بعدد الأرقام من صفرها إلى النهاية التي لم أصلها ولن يصل إليها علم الرياضيات وعلماؤها. وها أنا اليوم أقف بين صفوف طالباتي في ثانوية بيش الأولى وأعرفهم بنفسي بكل فخر واعتزاز. Your browser does not support the video tag.