يتفق الاقتصاديون بأن ظاهرة الفساد أخطر أدوات الهدم والتدمير في أي دولة أو مجتمع تظهر فيه، ولا يستطيع محاربتها والقضاء عليها، وفي النهاية تؤثر بصورة سلبية على جميع مفاصل الاقتصاد وتقلل من كفاءته وتضعف نموه، وتزيد مديونية الدولة وتضعف الأداء المالي والإداري لأجهزتها. ولذلك جاء صدور القرار بتشكيل لجنة عليا لمكافحة الفساد، كتطور تاريخي، استكمالاً للجهود التي تبذلها القيادة لترسيخ العدالة وتأصيل الشفافية والنزاهة، وتحقيق الكفاءة في إدارة المال العام والمحاسبة الصارمة لكل من تسول له نفسه الاعتداء على المال العام، ولهذا اُعتبرت عملية مكافحة الفساد واحدة من أهم الأدوات الرقابية الفاعلة والداعمة لتحقيق التطور والتنمية المستدامة. المملكة تمر بمرحلة تطوير وتنمية انطلاقاً من رؤية 2030، وتسعى إلى بناء شامل لمصادر الدخل، والجميع متفق على أن أول عوامل النجاح لانطلاق هذه الرؤية التي ترسم مستقبل الوطن، هو اجتثاث الفساد الذي لم يعد خافياً، والقضاء عليه وتطبيق الأنظمة بحزم على كل من تطاول على المال العام، وأساء استغلال سلطته ونفوذه، وهو ما سينتج عنه إرساء الثقة في الاستثمار داخل المملكة، وتعزيز فرص النمو الاقتصادي، وتوفير بيئة اقتصادية واجتماعية مثالية، تساهم في تحقيق الرؤية وما يتعلق بها من برامج، وتقوية مكتسبات الدولة والحفاظ على وتيرة التنمية المتوازنة في الوطن من خلال ذهاب الإنفاق الحكومي للمشاريع التنموية المختلفة وتنفيذها وفقاً لأعلى المواصفات والمقاييس بجودة وكفاءة عالية. درجة التفاؤل مرتفعة لدى الجميع بعمل اللجنة العليا لحصر قضايا الفساد، وما تم اتخذه حتى الآن من قرارات سيكون لها الأثر البالغ في تطوير أداء الأجهزة الحكومية والقضاء على أي مؤشرات للفساد، وهناك تفاؤل أيضاً بعودة المال العام إلى خزينة الدولة، ومعاقبة كل متسبب، والمملكة مقبلة على مرحلة تغير اقتصادية رُسمت فيها خارطة طريق للبلاد عنوانها الشفافية والنزاهة ومكافحة الفساد وتأسيس دولة القانون والنظام الذي لا يميز بين أحد، وهو ما سبق أن أكد عليه سمو ولي العهد -حفظه الله- في عدة مناسبات أنه "لن ينجو أي شخص تورط في قضية فساد مهما كان منصبه، ولن يفلت من المحاسبة والمعاقبة كائناً من كان ممّن تثبت عليه جريمة الفساد أميراً كان أو وزيراً أو غيرهما".