سيكون أمس الأول «السبت»، يوماً مشهوداً في تاريخ المملكة العربية السعودية.. يوم يتذكره المواطنون جيداً، مهما مرت السنون وتعاقبت.. ففي هذا اليوم، أعلنت قيادة هذه البلاد الحرب على الفساد، وملاحقة المفسدين أينما وجدوا، وفتح الملفات القديمة، لمعرفة الحقيقة، والإطاحة بكل من تثبت إدانته بأنه مفسد، وأضر بالصالح العام، وهو ما يؤكد بأن المملكة تتغير فعلاً، وأن القادم سيكون أفضل وأحسن. فقد أدركت القيادة الرشيدة، أن رؤية المملكة 2030، بكل مراحلها ومتطلباتها وتطلعاتها وأحلامها، من الصعب أن تثمر في أجواء تفوح بها رائحة الفساد، أيا كان نوعه أو مصدره، كما أدركت القيادة أيضا أن كل المحاولات والإجرءات التي اتخذتها سابقا لمكافحة الفساد والحد منه، لم تكن كافية، والدليل استمرار الفساد هنا وهناك، متسلحاً بنفوذ أشخاص، رأوا أنهم فوق مستوى الاتهامات، لذا كان قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يحفظه الله بتأسيس لجنة لمكافحة الفساد، يترأسها سمو ولي العهد، في إشارة إلى أن اللجنة ستتمتع بصلاحيات واسعة وسلطات أعلى، للتعامل مع الفساد، والمفسدين مهما علت مناصبهم، ومهما كان نفوذهم. وشخصياً، أؤمن أن رؤية 2030 ما كان لها أن تحقق كل ما تسعى له، بدون أنظمة جديدة، تقضي على الفساد، فبقدر الطموح الذي تحمله هذه الرؤية لشعب المملكة، صغارا وكباراً، رجالاً ونساءً، بقدر الحاجة إلى «حزم» ممزوج ب»الشفافية» و»المصداقية» في محاربة الفساد، والضرب بيد من حديد على كل فاسد بلا استثناء، وهذا ما أكدته القيادة الحكيمة يوم أمس الأول، وكانت الحصيلة إيقاف نحو 11 أميراً، و38 وزيراً حالياً وسابقا ومسؤولاً ورجل أعمال، لارتكابهم جرائم فساد، أضرت بالمصلحة العامة للبلاد. أستطيع التأكيد أننا نعيش في المملكة العربية السعودية، بوادر مرحلة جديدة في كل شيء، يمكن تسميتها بمرحلة العمل الجاد والنزيه، مرحلة العدل والمساواة بين الجميع، فلا فرق بين أمير ومواطن عادي، ولا فريق بين غني وفقير، فالجميع سواسية أمام الأنظمة والتشريعات والقوانين التي تكافح الفساد في المال العام. وهذا يعزز أهداف المرحلة الاقتصادية الجديدة، التي تعيشها المملكة، مرحلة طي صفحة الاعتماد على دخل النفط، وبدء عهد اقتصادي جديد، يعتمد على الابتكار والاختراع، والتفكير خارج الصندوق، وتدرك القيادة الرشيدة، أن مثل هذا العهد، لا يمكن أن يحقق كل أهدافه، وسط انتشار الفساد والرشوة والمحسوبية، التي تضر بالبلاد والعباد، لذا لم يكن غريباً أن تسير مراحل رؤية 2030 في خط متواز، مع مراحل مكافحة الفساد على أعلى مستوى، وبشفافية كبيرة، لن أكن وغيري يتوقعونها، ولكنها حدثت وأصبحت أمرا واقعا، ما يؤكد فعلا أننا في عهد مغاير، عهد الحزم والعزم، وعهد الرؤية والطموح. ما حدث أمس الأول، فيه جرس إنذار، بأن لا أحد فوق الأنظمة أو التشريعات، وهو ما يدفع الجميع -بلا استثناء- وبخاصة من يتلاعب الشيطان برؤوسهم، للانضباط التام، والعمل بجدية وإخلاص، حتى لا يكونوا ضحية أنظمة مكافحة «الفساد»، الذي دفعت المملكة وشعبها، ثمنه طيلة العقود الماضية، وجاء الوقت للقضاء عليه، لتعزيز وتطوير مكانة المملكة إقليميا ودوليا، وتعزيز مكانتنا الاقتصادية، وجني ثمار مشاريع الرؤية، وجذب الاستثمارات الأجنبية.. وهذا لا يمكن أن يتحقق مع وجود فساد.