يمر اليوم الوطني في كل عام ليوقظ في وجداننا الأمس، ومذكراً للأجيال قصص الرجال الذين بذلوا النفس والنفيس من أجل توحيد هذه البلاد. قصة كفاح الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود -طيب الله ثراه- هي ملحمة تاريخية تُعلم الصبر والأمل وتثبت أن عزيمة الرجال لا تقف أمام الصعاب، وأن قراءة المستقبل هي التي تصنع الحاضر، وتجعل تحقيق التطلعات والطموحات أمراً ممكناً، نجح بإخلاصه وعزمه في تحقيق ما نحن فيه اليوم من لحمة وتعاضد لنكون على قلب رجل واحد بعد أن كانت هذه البلاد متفرقة متناحرة لا يأمن فيها الحاج ولا المسافر على نفسه وماله، واليوم نحن نجني ثمار هذا البذل والعطاء وجهد وتضحيات الملك عبدالعزيز ورجالات الوطن في توحيد المملكة العربية السعودية. بعد أن مكن الله للملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- توحيد هذه البلاد لم ينتصر لرغبات الإنسان الفردية بالانتقام لكل من عارض مسيرته وحمل سلاحه محارباً له، كان يدرك -طيب الله ثراه- أن الوطن يبدأ مرحلة جديدة، كان متسامياً على الرغبات الشخصية مغلباً روح الوطن فاحترم عزيزهم وقرب رجالاتهم وأعان فقيرهم ليدركوا بأن الوطن سيُبنى بسواعد المخلصين منهم. 87 عاماً مضت على العالم العربي بتقلباته السياسية، انتصاراته وخيبات أمله، تناحر وتجاذب وتغيرات، تقاتل على السلطة وسفك دماء الأبرياء، مشاهد مؤلمة في أرجاء عالمنا العربي، فقد الأمن في بعض أرجائه وسادت الكراهية في البعض الآخر، لكن ال 87 عاماً ذاتها مرت على وطننا العزيز وهو يتنقل (بفضل الله) من مرحلة بناء إلى مرحلة بناء أُخرى، من نمو إلى نمو أوسع وأشمل، من ترسيخ لمفهوم الوطنية إلى تعميق للحمة الوطنية، تنمية مستدامة وتحقيق لتطلعات المواطن. إن الاستقرار السياسي الذي تمر به بلادنا وسلاسة انتقال الحكم نعمة يتمناها العالم العربي بأكمله، جيل يعقب جيلاً ليكمل المسيرة ويعزز التنمية ويستشرف المستقبل ليصنع الأجيال القادمة. تعاقب الحكم حتى وصل إلى قائدنا اليوم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- والذي عرف عنه دائماً جمع الكلمة بين أطياف المجتمع والتذكير في مجالسه -حفظه الله- بتوحيد البلاد ولم شملها وهو العارف المدرك لما كانت عليه هذه البلاد قبل توحيدها، ليكمل المسيرة بالمحافظة على مكتسبات الوطن بحزمه وعزمه وقراراته القوية التي تحفظ لهذا البلد هيبته ومكانته العالية وتدفع الشرور عنه، وتمكينه للجيل القادم من قيادة هذه البلاد وتطوير أدائها بشكل متناغم مع روح العصر وتطلعات الأجيال. إن النهضة المباركة التي يقودها خادم الحرمين الشريفين والأداء الحكومي المتمثل بالرؤية المبشرة بالخير لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- ولي العهد مبعث فخر واطمئنان وثقة لدى المواطن، فالتحولات السريعة في أداء القطاعات الحكومية، الخصخصة، التطوير الإداري، محاربة الفساد والتنمية العصرية المميزة هي القراءة الصادقة لمستقبل مشرق وآمن وصناعة للأجيال التي تشارك في هذه المراحل باقتدار، وقد نجح الأمير الشاب في تجديد روح القطاعات الحكومية وتخليصها من الرتابة والترهل بشكل سريع وفاعل مع قوة الرقابة المالية والمحاسبة الدقيقة، فهو يملك الطموح والرغبة في تحقيق تطلعات الرؤية قبل وقتها، وتنفيذ أجندتها بشكل يضمن للوطن الانتقال من الاعتماد على النفط إلى تنويع مصادر الدخل وتحفيز الاستثمار فيها. عشنا الفرح في أرجاء المملكة هذه الأيام مقدمين رسالة واضحة صادقة ظهرت جلية للجميع كاستفتاء على محبة القيادة والوطن ورداً على أصوات الشر القادمة من بعيد لزعزعتنا ومحاولة النيل من استقرارنا، مر هذا اليوم الوطني بشكل استثنائي لم نعهده من قبل فروح الوطن كانت سائدة تبعث على الفخر والاعتزاز. وطننا بحاجة إلى تكاتفنا وتعاضدنا لنبذ من يحاول زعزعة أمنه وتقويض بنيانه المجيد من الداخل أو من الخارج، سنقف بكل ما نملك لنحمي هذه الأرض المباركة من العابثين والخائنين والمثبطين والمرجفين، لتتحد أصواتنا ضد من يشكك في وطننا الغالي ويعين أعداءه عليه. حفظ الله الوطن وأعاد أعياده وأفراحه أعواماً عديدة. صورة المدير العام الأستاذ خالد الفهد العريفي