الحياد للحكم في جميع القضايا مطلب مهم، وواجب لضمان الشمولية ولإحقاق الحق، عدا القضايا الوطنية، ومواقف البلد التي لا تتحمل الحياد إطلاقاً، ففي قانون الوطنية الحقة، الحياد مرفوض إن لم يكن خيانة، خاصة من المؤثرين والمؤثرات سواء على الصعيد الديني أو الإعلامي أو السياسي، أو الاجتماعي. "الرياض" بحثت مع اختصاصيين الدور السلبي الذي يلعبه بعض المؤثرين في القضايا الوطنية وعدم الالتفاف حول القيادة بزعم الحياد والتزام الصمت. التخاذل مرفوض بداية قال أستاذ كرسي اليونسكو للإعلام المجتمعي د. عبدالله بن ناصر الحمود أستاذ الإعلام المشارك بجامعة الإمام بالرياض: ما حدث ويحدث في العالم العربي من كوارث سياسية واقتصادية واجتماعية نتيجة لما يسمى بالثورات هو أمر ليس فقط خطير جداً بل هو كارثي بجميع المقاييس، لأنه يمس أمن الأوطان واستقرارها وتماسكها. ونحن نؤمن بأن هناك أيادٍ تعبث بالعالم العربي وخططت تخطيطاً ماكراً لتفتيت العالم العربي وضرب مقوماته، وإن عدم الوقوف خلف القيادة يعد في هذه الحالة تخاذلاً وقصر نظر وعدم فهم لما يحدث حالياً من مؤامرات واضحة لضرب العالم العربي والتحكم في مقدراته وبالتالي أرى أنه لا مجال للحياد على وجه الإطلاق. التبعية الخارجية خيانة وأضاف الحمود إنه عندما يتخذ المؤثر الحياد والصمت له نهجاً بسبب تبعيته وولائه لدولة خارجية أو "لجماعة" خارجية فهذه خيانة واضحة لا تقبل الشك، موضحاً تفاجؤه أنّ البعض من خلال وسائل التواصل الاجتماعي يبرر لدولة معادية للمملكة أو لهذه "الجماعة" أو تلك بل ويغمز من قناة الوطن، فهذا الأمر دليل واضح للأسف بوجود خيانة فكرية قد تؤدى إلى خيانة أكبر من ذلك، داعياً هؤلاء الأشخاص إلى العودة إلى رشدهم والوقوف مع قادة هذه البلاد صفاً واحداً وألا يشقوا عصا الطاعة ويكفي ما حدث في العالم العربي من خراب وتدمير. الدولة لا تتخذ قرارات مزاجية واعتقد د. عبدالله الحمود بأن هناك دوراً كبيراً على المواطن لمؤازرة الدولة فيما تواجهه، فيحب على كل مواطن أن يقف خلف القيادة قلباً وقالباً، وهذا لا يلغي بتاتاً رأي المواطن في أي أمر محدد، لافتاً إلى أنّه يجب أن يعي كل "صامت" أو حيادي بأن الدولة لا تُقاد بهوى ولا بالمزاج الشخصي، وينبغي عليه أن يعرف أن الدولة لديها أجهزتها الأمنية والسياسية والاستخباراتية وغيرها ولا تقوم بعمل إلا بعد دراسته بصورة مفصلة، ولا شك أن هذا "الصامت" لا يعلم 1% من دقائق وبواطن الأمور ولا يعلم مدى تورط الدول المعادية و"الجماعات" المعادية وما تحيكه من مؤامرات على أمن البلاد. الحياد يعني القبول بينما أكد جمال ملائكة بأنه لا حياد في القضايا الوطنية المعاصرة، فالحياد في زمن الفتن يعني قبولها، والحياد مع الخصوم يعني تمكينهم من مقدرات البلاد والعباد، كما أن الساكتين اليوم عن الدفاع عن قضايانا المصيرية شركاء في الجرائم التي تحاك ضدنا، مضيفاً: لا يعني عدم الصمت أن ينطق المرء بأي شيء ولكن أن يكون حصيفاً ومتوازناً ومستوعباً لضرورات التدخل بالرأي والمعلومة كلما أمكن ذلك وأن يدافع عن بلده بحكمة وبسالة ودون مواربة أو تردد. الوطن رخيص أمام مصالحهم وأشار ملائكة إلى أن صمت المؤثرين من رجالات الدين والسياسة والإعلام والمشاهير، ليس مجرد خيانة لكنه خيانة عظمى، فالصمت حيث يجب الكلام يعني أن هناك أسباباً دفعت بالفعل عدداً من الناس للصمت وهذه الأسباب مخيفةٌ جداً لأنها تدل على أن الوطن بكل مقدراته أرخص عند هؤلاء مما يظنون فهم يبيعون ولاءهم خارج حدود وطنهم وخارج نسيجهم الفكري والثقافي. وتابع: هم يدّعون مصالح أخرى يزعمونها ولكن يفوت عليهم أو أنهم يقصدون هذا الفوات وهو أن ثمة شيئاً في رؤوسهم أغلى من هذه البلاد وأحرى بالولاء وأجدر بالموقف، وهم ثلة خاسرة تريد أن تدفع بنا للخسران المبين لأنهم بكل بساطة لا يشعرون أنهم جزء منّا، عجيب أمرهم فكل مؤشرات صمتهم تدل على أنهم معنا جسداً فقط لا ولاءً ولا انتماء. ورأى ملائكة بأنه على كل مواطن اليوم هو جزء من الكيان الكبير يصدق عليه الأثر أنه إذا اشتكى جزء من الجسد تداعى له كامل الجسد بالسهر والحمى، وبالتالي فدور المواطنين اليوم أن يتداعوا بالسهر والحمى لأن من حولنا من يتربصون بنا الدوائر ويتمنون لنا سوءاً وفي الغفلة عن هذه الحقيقة خطر جسيم. الوطن مسؤولية واتفقت معه عضو اللجنة الأمنية بمجلس الشورى د. أحلام حكمي وقالت: إنَّ أمن هذا الوطن واستقراره وحاضره ومستقبله مسؤوليَّةٌ عظيمةٌ؛ تقعُ على عاتق جميع أبنائه ومحبيه؛ وهذا ما كان يدعو إليه الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله- عندما كان يقول في كُلِّ المُناسبات السياسية والاجتماعية: (إنَّ المواطن هو رجل الأمن الأول). وتابعت: إنَّ قيادتنا الرشيدة وولاة أمرنا -يحفظهم الله- لا يألون جهدًا في الاستماع إلى أي إنسان له طلبات وحقوق لمنحه حقوقه دون منٍّ عليه في إطار ما يكفله له الشرع والقانون، كما لا تتواني في الاستماع لكل مَنْ له رأي أو رؤية أو فكرة هادفة تعود بالنّفع العام على هذا الوطن وشعبه في حاضره أو مستقبله. وأشارت إلى أنه في الآونة الأخيرة وفي ظلِّ الظُّروفِ العصيبة الراهنة التي تمرُّ به البلادُ؛ نلحظ أنَّ بعض العلماء والدعاة والمثقفين وأصحاب الفكر قد جانبهم التوفيق والإصلاح، وخانهم الرأي ووقعوا في هوة النقد الهدَّام الأعمى غير المُنصفِ، وبعدوا كثيرًا عن طريق النصح المبين والإصلاح والنقد البنَّاء المستنير، وبذلك انضموا لفئة العلماء والدعاة والمثقفين الذين التزموا الصَّمتَ المطبق الخائن؛ وصار كلا الفريقين -الصامتين والناقدين الهدَّامين- صاروا أشبه بمعاول هدم بغيضة، ومخالب جوارح قاتلة؛ من شأنها أن تفتُّ في عضد الوحدة الوطنية وأن تعكر صفو السلم والاستقرار المجتمعي، وتعمل على إثارة الفتنة والبلبلة بين صفوف الشعب الواحد الذي يقف صفًا واحدًا خلف قيادته الرشيدة وولاة أمره. ! صامتون لهدف وتعجبت د.الحكمي من الصَّامتين والناقدين الناقمين؛ الذين يعرفون كثيرًا من الحقائق في كثير من الأمور ويكتمون الحقيقة، ويبخلون على متابعيهم وممَّن وثقوا في فكرهم وعلمهم وآرائهم، وكان الأجدر بهم الانحياز لوطنهم في معاركه، وتوضيح موقفهم للناس الذين طالما وثقوا فيهم وفي علومهم وآرائهم!! وتابعت: الجميعُ يشهدُ ويلحظ جليًّا ما تشهده المملكة في الآونة الأخيرة؛ من استقرار وأمن ونهضة، وخطوات إيجابية وثَّابة واثقة، وجهود مخلصة مباركة، وتنمية مستدامة في جميع مناحي الحياة؛ وكعادة التاريخ البشري فإنَّ المملكة لما فيها من نِعَمٍ ولما لها من مكانة؛ لها حسَّاد وأعداء يتربصون بها ويكيدون لها ويحيكون المؤامرات ضدها في الداخل والخارج؛ ويحاولون – للأسف - بطرقٍ كثيرةٍ ووسائل متعددة إفشال نهضتها والنيل من مكانتها؛ لكنهم لا ينجحون ويخيب ظنهم وسعيهم؛ بفضل الله تعالى ثم فضل قيادة ولاة أمرنا الحكيمة وسياساتهم الرشيدة؛ وبفضل تكاتف الشعب ووحدته، ووقوفه بإخلاص وصدقٍ وعزم أكيد خلف ولاة أمره وقياداته. المملكة تحتاج أبناءها وأشارت إلى أن المنعطف الذي تمرُّ به المنطقة وتمر به مملكتنا ليحتاج منَّا جميعًا بذل كل نفيس نصرة لوطننا ودعمًا لحاضره ومستقبله، وحفاظًا على أمنه واستقراره، والعمل على تنميته والنهوض به. وخصت بذلك الكثير من الدعاة والعلماء والمثقفين والأدباء وأهل الفكر والرأي؛ الذين لهم قدرًا من القبول والشعبية والتأثير لدى قطاعات واسعة من المجتمع السعودي، ممَّا يخدم حسن إدارة الرأي العام وتنويره وتبصيره بما يدور في وطننا وما يُحاكُ ضده من مؤامرات؛ والمساهمة الفاعلة في حلِّ المُشكلاتِ والتَّصدِّي للمؤامرات وإفشالها، وصيانة الوطن من شرورها، وتفويت الفرصة تلو الفرصة على أعداء الوطن، والعمل على غرس قيم الوطنية الحقيقية وتنميتها في نفوس متابعيهم وجمهورهم؛ لما فيه الخير والصلاح لجميع فئات الشعب السعودي. واستنكرت عضو اللجنة الأمنية الصَّمت القاتل الخائن لبعض من أبناء هذا الوطن من الدعاة والعلماء والمثقفين؛ فبدلاً من أن يقودوا راية التنوير الفكري المعتدل ويبثوا روح الوطنية وينشروا روح التفاؤل والطمأنينة.. للأسف نجد كثيرًا منهم يلتزم الصَّمت، في الوقت الذي يعرف فيه أنَّ الوطن الغالي يحتاج لموقفه ومؤازرته. د. عبدالله الحمود جمال ملائكة