احتبست أنفاس السعوديين طيلة دقائق مباراة اليابان، وما أن أعلن الأوزبكي فالنتين كوفالينكو صافرة النهاية، انطلق اللاعبون في احتفاليات هستيرية داخل الملعب، وتشكلت لوحات من الرقصات العجيبة في مدرجات «الأخضر»، وأمام هذه المشاهد العفوية انتقلت الكاميرا التلفزيونية اتجاه إحدى منصات ملعب الجوهرة، ليظهر صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، مبتسماً على كرسيه محافظاً على هدوئه ، يشير نحو الجماهير المحيطة به بعلامة النصر كتأكيد على اهتمامه ودعمه لمنتخب الوطن، حين تعثر المنتخب السعودي أمام الإمارات، ودخل نفق الحسابات المعقدة حتى يتأهل مباشرة إلى روسيا 2018، غابت لغة التفاؤل عن المشهد وطغت عبارات التثبيط والانهزامية، لم يعد أمل السعودية بين يديها، فلو تمكنت أستراليا من هزيمة تايلاند بنتيجة تاريخية -وهو ما كان متوقعاً- سيكون المنتخب مطالباً بفوز كبير على اليابان ليتأهل مباشرة، لذا لم يكن الأمر مستساغاً عقلاً بالنظر إلى القوة الفنية ما بين «الأخضر» واليابان حتى يقبله المشجع السعودي، كأن السعوديين ودعوا آمل «المونديال» بشكل مباشر، وارتسمت بوادر حضور ضعيف في ملعب الجوهرة ليلة الحسم التاريخية، لذلك كانت المبادرة من ولي العهد حاضرة حين أمر بفتح المدرجات مجاناً أمام الجماهير، كانت هذه البادرة هي رسالة واضحة للاعبين عن مدى الاهتمام الذي تمنحه الحكومة للرياضة والشباب، قطعاً إن الروح والقتالية التي أظهرها لاعبو المنتخب طيلة مجريات مباراة اليابان ما هي إلا دلالة واضحة على أن تلك الرسالة وصلت إليهم بشكلها الصحيح، ولم تخيّب الجماهير السعودية ظن ولي العهد، فكانت حاضرةً منذ الساعات الباكرة لملعب الجوهرة وساهمت في ملء مدرجاته بالكامل وكانت عنصراً فعالاً في قيادة المنتخب وتحفيزه أثناء المباراة. لم تكن هذه البادرة الأولى من ولي العهد لقطاع الرياضة وشبابه، بل كان صاحب فكرة زيادة عدد المحترفين الأجانب في الكرة السعودية إلى ستة محترفين، والهدف من هذا القرار هو اقتصادي بنسبة كبيرة ليكون سبباً في خفض عقود اللاعبين المحليين، ومن حيث الرؤية الأولية لهذا القرار يبدو أن الفكرة ناجحة بشكل كبير في الوصول إلى هدفها الرئيسي وغيره من الأهداف الأخرى كإلغاء الفوارق بين الأندية الغنية والمتوسطة والفقيرة، وحمل ولي العهد هم الرياضة وتطويرها من خلال «رؤية المملكة 2030» والتي نصت على أن من أهدافها هو زيادة رفع الوعي لحياة بنمط صحي ورياضي وذلك من خلال تطوير المرافق والمنشآت الرياضية بالتعاون ما بين القطاعين الخاص والحكومي، كما يعتبر قرار ربط الهيئة الرياضية بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنموية والذي يرأسه ولي العهد دليلاً واضحاً على أهمية الرياضة لدى الأمير محمد بن سلمان وحرصه على تطويرها ونقلها إلى قمة المستويات القارية والعالمية، وكان المجلس قد أقر إنشاء صندوق تنمية الرياضة والذي يهدف إلى تقديم القروض والتسهيلات للأندية الرياضية، كما يعمل المجلس برئاسة ولي العهد على إنشاء وتمويل حاضنات لألعاب الهواة المتعددة تحت مظلة مؤسساتية وسيكون ذلك سبباً في إيجاد وظائف تزيد على نحو 40 ألف وظيفة. اهتمام ولي العهد بالرياضة والشباب لم يتوقف عند هذا الحد، فقد تقرر عام 2016 تحويل مسمى الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى الهيئة الرياضية وجعلها مرتبطة بمجلس الوزراء مباشرة، وهذا الأمر أتاح لها استقلالية أكثر ومنحها الكثير من الصلاحيات والقوة المادية التي ستكون سبباً في دفع عجلة التنمية والتطوير في المجال الرياضي. ويعتبر مشروع «القديّة» جنوب غرب الرياض من أكبر العلامات الدالة على حرص ولي العهد على الاهتمام بالشأن الرياضي وتوفير بيئة مناسبة للشباب السعودي لممارسة الرياضة في مختلف أنواعها. إطلالة ولي العهد في ختام مباراة اليابان، صاحبها انتشار وسم على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» حمل لقب #جه_السعد ظل حاضراً المراتب الأولى للهاشتاقات على تويتر لساعات طويلة، الحساب الرسمي لرؤية المملكة 2030 غرّد على ذات الهاشتاق قائلاً: «بهمة عالية ودعم لا محدود؛ يساند المنتخب السعودي للوصول إلى كأس العالم، نبارك لمليكنا تأهله ونهنئ الوطن بشبابه». هذه الرسالة واضحة ومعبرة عن مدى الاهتمام الذي يوليه ولي العهد لقطاع الرياضة واهتمامه فيها، لاسيما وأن التغريدة قد جاءت من الحساب الرسمي لرؤية المملكة المستقبلية، وهي مزيد تأكيد على أن تطوير الرياضة والعناية بها ومنح الشباب فرصتهم تعتبر من أولويات ولي العهد المستقبلية، لقد كان منظر في غاية الجمال حين تحلق المشجعون حوله بهواتفهم المحمولة، وبادلهم ولي العهد الابتسامات وعلامة النصر بعد تأهل المنتخب لمونديال روسيا. حضور الأمير محمد بن سلمان عزز الروح المعنوية لدى المنتخب «مونديال» عودة «الأخضر» إلى الواجهة